كانت «مؤسّسة القضاء» هي الصخرة التي تحطّمت عليها ديكتاتورية الرئيس الباكستاني برويز مشرّف، والمؤسّسة العسكرية في مصر هي التي أجبرت حسني مبارك على التنحّي وأسقطت رئاسة محمد مرسي، وهي التي أجبرت بن علي على مغادرة البلاد وترك تونس للتونسيين، وعزل البرلمان العراقي رئيس الحكومة نوري المالكي، والبرلمان الأوكراني في الرئيس فيكتور يانوكوفيتش. عادةً ما تلجأ الشعوب إلى مؤسّسات دولتها لتحتمي بها من بطش الديكتاتوريين، أو تطلب منها إنقاذ البلاد من حالات الترهُّل ونزيف الاقتصاد وتدهور الأمن، وتكون مؤسّسات الدولة هي الضامنة لبقاء قيمة الدولة واستمراريتها. أما حين تتحوّل تلك المؤسّسات إلى طرف في الصراع، أو أداة في يد طرف محدّد، فهنا تفقد الدولة قيمتها وتنحرف بوظيفتها وتبدأ مراحل التنكيل بالشعوب ومصادرة حقوقها، وعادةً ما تنتهي تلك المراحل بثورات جارفة لكل أشكال الطغيان. حاول «حزب الله» في لبنان إفراغ الدولة من مضمونها والبحث عن «الثُلث المعطّل» وعمل على تآكل قيمة الدولة في نفوس الناس مقابل بناء مؤسّساته وجيشه وأجهزة استخباراته؛ حتى أمكنه أن يجتاح بيروت في نصف نهار..!!. وإزاء ذلك كانت البلد تغوص في دوامة خلافات سياسية عنوانها «بناء الدولة» وقادتها نُخب سياسية رخوة؛ ليبدو معها لبنان عاجزاً عن اختيار رئيس له، وحتى اللحظة لاتزال لبنان جمهورية بلا رئيس، وما كان لسليمان أن يكون رئيساً للبنان لولا الدور القطري المهم حينها. في اليمن تتجه الأوضاع السياسية نحو حالة مشابهة فثمة من يرى أن البرلمان لم يعد شرعياً، وطرف ثالث يشكّك في قدرات الحكومة الجديدة على إنقاذ البلاد من الانفلات. لا أجد حرجاً ولا عتباً ذاتياً حين أقسو على النُخبة السياسية، فقد أثبتت الوقائع أنها نُخب هشّة، هزيلة، تسقط عند أول حادثة اصطدام، نُخب هي اليوم كما عرفتها قبل سنوات طويلة تبني نفسها وأسرها وترعى مصالحها حتى التّخمة، ثم تنسحب من المشهد بحجّة عدم الاستماع إليها والعمل بنصائحها، وهي ذاتها النُخب التي لم تنطق بكلمة أو تحرّك موقفاً ضد من عطّلوا مؤسّسات الدولة وصادروا أدواتها وأجهزتها. غداً سينكشف للشعب أي نوعٍ من رجالات السياسية كان يعوّل عليهم..!!. [email protected]