ما الذي تريده كل من «قاعدة» صالح والإصلاح والحوثي وتحالفاتهما القديمة والجديدة واتفاقاتهما المضمرة، ما الذي يريده هؤلاء من اليمن واليمنيين أرضاً وجغرافية بما تحتوي..؟!. سؤال مشروع وكان يحق لكل مواطن يمني أن يسأل ذلك منذ سنوات واليوم وغداً أيضاً، وأن يطرح أسئلته على نفسه وعلى الآخرين من حوله كمواطن ومواطنة؛ ذلك أن كثيرين باتوا يعرفون جيداً أن طبيعة الصراع في اليمن وتاريخ الصراع وحسابات المتصارعين ومصالحهم السياسية الضيقة بقيت هي نفسها تتصدّر حياة اليمنيين وتعطّل فرصهم في الدولة أو أي فرص لأداء جديد ومختلف للحكومة، متشابهون إلى حد القرف؛ مع اختلاف بسيط في الوجوه والأقنعة و«كوافير السياسات» في شتّى التعاقبات السياسية والتحالفجية السوداء والكهنوتية على اليمن واليمنيين جنوباً وشمالاً. على مدى عقود بقيت مراكز النفوذ تتكاثر وتتناسل وتستنسخ نفسها برؤى شتى؛ غير أنها بقيت رؤى متشابهة في الغايات والأهداف، مثلما بقيت تمتلك القدرة على تسميم قطاع في المجتمع اليمني بشعاراتها العاطفية التي تعتبرها مساجاً لابد منه لاستنزاف رأس المال العاطفي للمجتمع بأفراده على اختلافهم. القوى التي تتظاهر بالدفاع عن حاجات المجتمع الأساسية؛ اتضح أنها تنحو جميعها منحى واحداً وإن اختلف النبع أو مورد السياسة أو المذهب أو المشرب؛ فهي كقوى كرّست نفسها كقوة بضعف المجتمع نفسه صاحب القوة والمشروعية، وخيارات التغيير التي لا مزايدات فيها أو لبس. من المفيد القول إن مراكز القوى والنفوذ في اليمن هي العائق الأكبر أمام قيام فكرة الدولة كمؤسسة وطنية؛ انها في تآلفها وتقاطعها وتحالفاتها في سياقات عدة، كما نجد اليوم حينما ندرس طبيعة الصراع وتناقضاته؛ اتضح لنا حجم الضحك على الشعب لعقود مضت، ولايزال نفس الخطاب ونفس السلفيات هي التي تقف معاً وتتحالف وتأتلف وتتفق - ائتلاف واتفاق الأضداد - الذي لا يكون غالباً موضع ثقة أو مصداقية من أحد حتى قواعد هذه وتلك القوى أو الجماعات المتآكلة بظلاميتها وبغطائها المنكشف لكل المجتمع. كلما وجدت هذه القوى أن خيارات مصالحها الضيقة آخذة في الانحسار والتلاشي والضعف؛ تحاول تمكين تفسها على حساب خيارات الشعب في الاستقرار والحياة الطبيعية وبناء الإنسان والتنمية كما حلم بها الناس وانتظرها طويلاً كقيم مدنية بحاضنة دولة وطنية ومؤسسية. غير أن نفس مراكز القوى في الأمس هي نفسها اليوم، نفس الوجوه، نفس الزعم للفضيلة وحراسة الأخلاق وممارسة الانتهاكات ضد المواطنين وبشعارات بقيت غايتها في التظاهر بستارة الأخلاق؛ فيما الغاية هي مصادرة الحريات الخاصة والعامة والتعدّي على خصوصيات الأفراد والتدخُّل في شؤونهم في الحياة وطرق تفكيرهم الخاصة. والهدف الرئيس لمزايدات مراكز النفوذ بالباطل و«البندقة» هو شفط ما تبقّى من ثروات البلد وتفصيل التشريعات على قمصانها الأيديولوجية التكفيرية والإقصائية؛ كما أخذت ولاتزال هذه وتلك الجماعات تضع نفسها ومصالحها كأولوية مقدّمة على أولويات الوطن والمواطن ومصالح الشعب، ولكن بانتقائية أيضاً؛ فهناك فاسدون بالانتماء لا يتم التعرّض لهم، وفسدة بالخصومة تتم معاقبتهم؛ وهكذا يتم استبعاد الشعب وإرادته في بناء الدولة وقضية الاستقرار والأمن في الدرجة الأولى. [email protected]