تفرط كثير من النخب السياسية والثقافية ومراكز البحوث أو الورش النقاشية والناس في سياق أحاديثهم ومداخلاتهم وندواتهم ومحاضراتهم غالباً عن الديمقراطية في البلد الفلاني أو الدولة والحكومة العلانية, وفي بيئات سياسية كالتي نعيش, أحياناً يقال الديمقراطية برعاية سياسية من «الدولة» لكن لتبقى الحاجة اليوم إلى طرح سؤال «الديمقراطية والمجتمع» ملحة, فما علاقة الأخير كمجتمع وأفراد في صورة علاقته بالديمقراطية كثقافة ومفهوم وتمثلات قبل كون الديمقراطية مجرد «صندوق» للفرز أو كحصالة «امتيازات ومصالح» بين متصارعين, كما هي في الحالة العربية بلا استثناء. الحقيقة أن الديمقراطية لاتزال معطى سياسياً ونظرياً في أدبيات كثير من الدول والحكومات والشعوب في بلدان المنطقة, محض كروت انتخابية فاسدة أو تحتمل التزوير بالاعتياد في ظل غياب ضمانات ومعاير نزاهة وشفافية بآلية نظام انتخابي مدني ومستقل عن تأثيرات المصالح الضيقة, فكثيراً ما تمضي الأمور بغايات مضمرة لدى منظومات سياسية أو شمولية أو جماعات وقبليات بعينها في دول وشعوب غدا فيها القتل هوية ونزعات مكرسة, ولاتزال بعض القوى تراوح في المضي بمنطق بداوة الوعي المسلّح بالذخيرة الحية, وبالخصوص نماذج ما تضع نفسها كمراكز نفوذ بغايات ومصالح عدة دون أن تمارس الديمقراطية في شكل علاقتها ببعضها كمجتمع وكأفراد ومنظومات أيديولوجية بقدر ما تتوسّل غالباً وعياً ضد الوعي ومنطق التعايش المدني والحضاري في سلوكاتها. المجتمعات الديمقراطية هي تلك التي تؤمن بقيم الشراكة والمواطنة والتعايش دون فرض وصايات أو أي نوع من التعالي والفرز الطائفي على غالبية مجتمعاتها لتراوح في تأصيل أصوليتها وإن عبر تيارات بعينها خارج منطق الإجماع الوطني لبناء الدولة, وليبقى عنوانها التسيد بالقوة للمصلحة الضيقة كما بطابع التفيد والاستئثار وتلازم الانتهازية السياسية والاستئثار والإلحاق بادعاء الغلبة, وهو ما يعكس مع الوقت نفسه هشاشة شكل وصورة علاقتها بالحكم أو الشراكة, كما تريد أن تبقي النظرة الخشبية لزاوية علاقتها بوهم وزعم الهيمنة على الآخرين من حولها. ثمة قوى وتيارات تدعمها مراكز نفوذ في السلطة بشراكة تزاوجها بالقبيلة وثنائية توظيف “السياسي والديني” في الصراعات التي يبقي مصلحة تحالفاتها القديمة والجديدة بسلطة القرار هو ما يقويها ويعضّد لديها نزعة الميل إلى عد الثروة العامة التي يملكها الشعب كأنها تركة تركت لها بالوراثة وليست موارد طبيعية للشعوب وحقوق طبيعية وأساسية كمورد للبناء المؤسسي للدولة والحفاظ من خلالها على الإنسان وكرامته وما له وما عليه في الحقوق والحريات والوجبات. فإلى أي مدى يمكن القول إن مجتمعاتنا مجتمعات ديمقراطية, وما صحة ذلك من عدمه, وهل يمكن أن ننظر إلى الأمور من زاوية نسبية في أحوال وممارسات كهذه أو تلك لعمل مراجعة من أجل توازنات منسجمة ووطنية تجعل مصلحة الشعب والوطن فوق كل مصالح أخرى ضيقة..؟!. [email protected] رابط المقال على الفيس بوك