بعد ما يزيد عن ستين عاماً من نكبة الشعب الفلسطيني التي تمثّلت في إخراجه من أرضه وإحلال الغرباء بدلاً عنه وهم اليهود الذين تهافتوا على فلسطين من الاتجاهات الأربعة من الكرة الأرضية، وكان ذلك بدعم وتشجيع من دولة الوصاية بريطانيا العظمى التي كانت حينها لا تغرب عنها الشمس لاحتلالها لأكبر عدد من بلدان العالم، لقد عملت بريطانيا ومعها بعض دول أوروبا وأمريكا على تمكين اليهود من أرض فلسطين والذين كانوا لا يمثّلون سوى عشرة في المائة من عدد السكان الأصليين حين أعلنت عن وعد بلفور والذي سُمي هذا الوعد باسم وزير خارجيتها، والذي أعطى اليهود الحق في بناء دولتهم على الأرض العربية وكلنا لا يجهل تاريخ الصراع العربي الإسرائيلي منذ احتلال الأرض وحتى يومنا هذا إلا أن الأمور كانت تسير لصالح العدو الإسرائيلي نظراً للدعم المطلق واللا محدود لأوروبا وأمريكا لهذا الكيان الغريب والذين أرادوا منه أن يكون القاعدة المحورية لهم لتنفيذ أهدافهم في منطقة الشرق الأوسط، وأفريقيا فأغدقوها بالسلاح المتطور والأموال الطائلة مما جعلوا منها القوة الكبيرة في منطقة الشرق الأوسط حتى لا تقوى أية قوة على التغلّب عليها وخاض العرب عدة حروب معها إلا أنها لم تحقق أهدافها بتحرير الأرض منها ما كانت أسباب داخلية وأخرى خارجية وهي ما ذكرناها سابقاً، وظلت إسرائيل تتوسّع على حساب ما تبقى من الأرض، وليس هناك من رادع إلا عندما تحرّك الشعب الفلسطيني ليدافع عن أرضه بالحجارة، وما عُرفت بانتفاضة الحجارة، واستطاع أن يحقق نسبة من الانتصارات من أهمها اعتراف معظم دول العالم بفلسطين وقضيتها، لذا فإن ما أريد الوصول إليه هو أن ضمير الكثير من برلمانات أوروبا، كالبرلمان البريطاني والأسباني والبلجيكي وغيرهم بدأ يصحو ويعي الحقيقة التي كانت مظلّلة لعقود من الزمن، فبدأت هذه البرلمانات تُطالب حكوماتها بالاعتراف بالدولة الفلسطينية باعتبارها المخرج الصحيح والآمن للقضية الفلسطينية والتي أصبحت قضية العصر دون منازع، لكن ما يعيب قرارات هذه البرلمانات هو أنها غير ملزمة للحكومات، وهنا تتعاظم المسئولية الأخلاقية والإنسانية على هذه الدول على أن تتحمل مسئولياتها التاريخية إزاء هذا الشعب المظلوم وأخص هنا بالذكر المملكة المتحدة (بريطانيا) والتي كان لها الدور الأكبر في إهداء أرض غيرها لمن لا يستحقها، وهنا تكون المسئولية كبيرة وعظيمة على بريطانيا في التكفير عن سيئاتها والعمل على الاعتراف بدولة فلسطين والعمل بقوة مع المجتمع الدولي لاستعادة الحقوق إلى أصحابها الشرعيين وإزاء هذا التحوّل في المفاهيم التي بدأت تظهر في برلمانات بعض دول أوروبا على الدول العربية أن تستغل هذا الموقف وتسخيره في علاقاتها مع هذه الدول والدول الأوروبية الأخرى التي لا زالت تتردّد في مواقفها، كل دول أوروبا لها مصالح استراتيجية في العالم العربي ولابد ان تستغل هذه المصالح في خدمة القضايا العربية وخصوصاً القضية المركزية للعرب، قضية فلسطين تليها المصالح العربية الأخرى وعلى الدول العربية أن تستفيق من الغفلة، وأن تستغل كل موقف يكون في صالح العرب.