الفنان السوري الشاب حازم شريف، المتسابق في النهائيات بمسابقة عرب أيدول، غنّى يوم أمس الأول الجمعة أغنية: (خلونا نحب الشام من الألب “من القلب”)، كان رائعاً في أدائه وبمشاعر صادقة وأحاسيس مرهفة، جعلني أطوف بخيالي وأزور بروحي ومشاعرى مدن سوريا الحبيبة، وأشاهد الخراب والدمار الهائل الذي قضى على كل شيء جميل في سوريا وفي مقدمة ذلك الانسان الذي هو أغلى شيء في الوجود. سوريا الحضارة، سوريا الجمال، سوريا الرقي، سوريا الانسان المدني المتحضر ، فرغم ما نعانيه في وطننا من آلام وجراحات غائرة وأحزان، إلا أن كارثة سوريا أكبر من كل الكوارث ، اشترك في صناعتها الشرق والغرب، والبعيد والقريب تمثلت الحقارة بأبشع صورها في كل المشاركين في جريمة العصر، شُرّد الملايين من أهل سوريا وقُتل مئات الآلاف، وأما المعوقون والجرحى فهم بالملايين أيضاً. كارثة سوريا فضحت كل الادعاءات الزائفة التي تتشدّق بحقوق الانسان واحترام الآدمية، وغيرها من الشعارات التي ترددها على مسامعنا الدول العظمى، التي داست على كل المبادئ والقيم وظهرت بأحقر السلوكيات والممارسات التي تجاوزت حتى الأخلاق البهيمية، كون أي فصيل من الحيوانات لا يعتدي أبداً على الفصيل الذي من نفس جنسه، فهل رأيتم كلباً يقتل كلباً، أو أي حيوان آخر يعتدي على أخيه، بينما في سوريا قتل جماعي يومياً من قبل الانسان لأخيه الانسان، بدعم وإسناد ومباركة كل دول العالم وفي مقدمتها الدول العظمى التي تدعي مكافحة الإرهاب في العالم، هدفها من وراء ذلك الحفاظ على مصالحها وإظهار هيمنتها وليس مكافحة الإرهاب كما تدّعي، أما في سوريا سواء الدول التي تدعم الثوار أو الدول التي تقف مع النظام جميعهم تآمروا على سوريا أرضاً وإنساناً بدعمهم لكل الأطراف المتصارعة، فأهلكوا الحرث والنسل ولم يفرقوا بين مقاتل وأعزل، كبيراً أو صغيراً، ذكراً أو أنثى، وهدمت المدن على رؤوس ساكنيها، فأصبح السوريون سواءً الذين مع النظام أو الذين مع الثورة جميعهم ضحايا هذا التآمر وجميعهم كانوا أداة التدمير بيد الأعداء، لا فرق بين من مع النظام ومن ضد النظام بعد أن استقطبت كثير من العناصر التي كانت محسوبة على الثورة، فأصبحت أداة بيد الغير، فشوهت الثورة وظهر فيها من يقتل الأبرياء بدون ذنب وأصبح القتل من قبل كل الأطراف المتصارعة هواية من أجل القتل. إن ما حصل ويحصل لسوريا الحبيبة لعنة كبرى ستلاحق كل من شارك فيها، سواء كان في الداخل أو الخارج، في الشرق أو الغرب. مأساة سوريا فوق الوصف وأكبر من كل التعابير، وفي الأخير أعود إلى أغنية الفنان الشاب حازم شريف، فأخاطب كل الضمائر اليمنية وأقول “خلونا نحب اليمن من القلب” ، وأرجو من كل من له مثقال ذرة من ضمير من أبناء وطننا الحبيب أن نعتبر جميعاً بما حلّ بأرض الشام، وكفى الضمائر غفوة فلنصحّي ضمائرنا، فوطننا على الحافة ولن يكون هناك منتصر وحرام يُهان الشعب اليمني، ونقول للأخ، للحكومة، ولقادة الأحزاب، والنخب، وللسيد عبدالملك الحوثي، ولكل النخب الفاعلة نقول للجميع نناشدكم الله، نناشدكم القربى، نناشدكم ضمائركم أن تجعلوا المحبة للجميع سلوككم وشعاركم، وتتنازلوا عن أنانياتكم، بل تنازلوا عمَّا ترونه حقاً لكم تنازل الشرفاء من أجل الوطن لتحفظوه من الانزلاق إلى الهاوية قبل أن تحل اللعنة علينا جميعاً، ولا يثق أحدٌ منكم بالوعود الخارجية فإنهم لا يرقبون فينا إلاًّ ولا ذمة، ولن يستطيع أي طرف بمفرده مهما كانت قوته التفرد بالوطن الذي يتسع للجميع، وكفى بسوريا عبرة، والعاقل من اتعظ بغيره. اللهم احفظ وطننا ووحّد كلمتنا جميعاً على الخير والصلاح. رابط المقال على فيس بوك رابط المقال على تويتر