فيما تبقى في قلوبنا من نبض يتهاوى شيئاً فشيئاً.. نخبئ أملاً بأن شيئاً ما سيتغيّر، وأن الله سيرفع مقته وغضبه عنا، فكل ما نعيشه من ابتلاءات ربما لذنوب اقترفناها، وكان للحكومة السابقة من الابتلاءات التي كفّرت من ذنوبنا الكثير، وانتظرنا وتأملنا بالقادم أيّ خير، وبحكومة انتقالية، تنقلنا على الأقل من البرزخ الذي نعيشه بين الحياة والموت. ومازالت هذه الحكومة رهن الاختبار، كلّنا من نكتب ونقرأ ونبدع ونموت ببطء، كنا ننتظر بلهفة الإسم الذي سيُكتب أمام وزارة الثقافة، وجاء الإسم الموعود، والكل تأمل ومازال يتأمل خيراً، فكما يُقال الوزيرة إنسانة مكافحة ومناضلة، وستشعر بنا، بكل ما عشناه ونعيشه، فقد بات الحرف وجعاً كبيراً، يمتد يوماً بعد يوم. ربما كانت هذه الوزارة دون غيرها أقل الناس حظاً بكل شيء حتى بوزرائها، باستثناء الدكتور: خالد الرويشان الذي جعل من صنعاء عاصمة للثقافة العربية، وجعل من المبدعين بشراً لهم طموحات وآمال، فيُقال إنها الوزارة الأقل ميزانية والأقل دعماً والأقل اهتماماً والأقل والأقل. وعليه فكل المبدعين يعدّونها مكاناً للانتحار المعنوي فقط، وإذا دخلوها فلسبب واحد هو قتل ما تبقى من أمل داخلهم بأنه ستكون لهم مكانة، وستكون لهم حقوق، وسيحظون بشيء من التعامل الإنساني، ليخرجوا منها أمواتاً يتنفسون، وحتى الزائر إلى الوزارة فقط يشعر بهذا الاحساس الغريب حتى لو لم يكن كاتباً أو مبدعاً. كم أتمنى منكِ يا معالي الوزيرة أن نصل إلى حق من حقوقنا في وجودك، أن نشعر بأنه مازال هناك أمل يستحق أن نعيش لأجله، أعرف وجميعنا نعرف أنك ربما جئتِ على كوارث حقيقية، لكن نريد أن نشعر أننا معك سنتجاوزها بأمان، فقد هرمنا وتعبنا وظُلمنا بما فيه الكفاية، ونحتاج إلى رائحة المشاقر في حياتنا. لا يمكن لك أن تتخيلي أيّ أمل نضعه فيكِ، لسبب واحد هو أن هذا الرصيد الأخير من الأمل في قلوبنا، ولأنكِ ابنة بيئتنا، عانيتِ من معاناتنا وشربتِ من الكأس الذي شربنا منها، وعليه فوجعنا واحد، لو تقرئين ما يكنه الناس في قلوبهم من أوجاع لا نهاية لها على ما يرونه في حال المبدعين والمثقفين والكتّاب الحقيقيين لعلمت كم من الرقاب معلّقة بكِ، فالإنصاف المعنوي على الأقل يصنع الكثير في هذه القلوب المحترقة. المبدع والمثقف في بلادنا مجرد لاجئ، وبالعكس ربما اللاجئون من الصوماليين أحسن حالاً بكثير، في وسط أدبي تسوده الشللية والمحسوبية، والعلاقات والمصالح، والذي لا مكان له بين هؤلاء، لا مكان له في خارطة إبداعاتهم اللصوصية، وعليه فالكلمة وأصحابها الشرفاء أمانة ستُحاسبين عليهم، فمن الظلم والقهر والإهمال والنهب والسلب الذي عشناه مع أحرفنا، لم يعد في قلوبنا مكان لوجع قادم.. فقد تعبنا.. تعبنا ونبحث عن ملاذٍ نهرب مع أحرفنا إليه خارج هذا الوطن، الذي لا مكان فيه للمبدع الإنسان. رابط المقال على فيس بوك رابط المقال على تويتر