- قد يستغرب البعض عندما أطرح موضوع ظاهرة أسواق النسوان في اليمن وفى السودان كظاهرة عمرها أكثر من مائة عام وأنها تعتبر شكلاً من أشكال التمكين الاقتصادي للمرأة أي قبل أن تبدأ الناشطات (في العالم أجمع) في مجال حقوق المرأة برفع شعارتهن بضرورة تمكين المرأة اقتصادياً بقرن أو أكثر. - (أسواق النسوان) هكذا إسمها والواحد منها (سوق النساء أو النسوان) ففي اليمن هناك أسواق نسوان عدة في محافظة حضرموت أشهرها سوق النسوان بالمكلا والذى زرته أكثر من مرة وقد اتسع وزاد عدد النساء العاملات في السوق وبعضهن من أصول صومالية يعملن في بيع مستلزمات النساء والخضار والفاكهة وفى السودان أكاد أقول أن في كل مدينة سودانية هناك سوق خاص كسوق بحرى للنسوان بوسط السودان وسوق الأبيض للنسوان بغرب السودان وسوق مدينة كسلا للنسوان بشرق السودان وهذا السوق أذكره منذ صغري حيث كنت أزوره مع والدتي الله يرحمها وكنا نتناول فيه الوجبات الشعبية اللذيذة ونتجاذب أطراف الحديث مع نساء السوق.. وعندما كبرت وزرت السودان آخر مرة قبل اربع سنوات، طلبت من والدتي معاودة ما كنا نفعله – تناول وجبة المفروكة أي من النعناع – في سوق النسوان وفعلاً استمتعنا بذلك معاً.. سوق النساء متخصص في بيع وشراء حاجيات النساء خاصة فيما يتعلق بجمالها وزينتها وقد بدأ الرجال في العمل في هذه السوق منذ زمن ربما الضرورة هي التي دعت لذلك.. وأشهر التجار في سوق المكلا عمر باصالح، عوض غرامة الشرفى وعوض بامطرف وغيرهم، وتأتى اكثر البضائع في سوق المكلا من مختلف مناطق حضرموت كالحنا، الفضيات، حاجيات العروس والقماش و...الخ ومن الخارج خاصة الهند. - أسواق النساء في السودان كثيرة كما ذكرت وأنا كنت احسب أن سوق مدينة كسلا هو الوحيد إلى أن تحققت من الموضوع ووجدت إن هناك عدداً من الأسواق في معظم المدن السودانية، إنها ظاهرة تستحق الوقوف عندها وإعطائها الاهتمام الكاف ودراستها وما لاحظته أن أسواق النسوان في السودان لا يبيع فيها رجال بل يقومون بأعمال هامشية وجل الأعمال من بيع وشراء تقوم بها النساء!! - وفى هذه السوق تجرى العديد من المعاملات التجارية ومنها الادخار والسلف والمقايضة و....الخ وهناك عرض للمشغولات المحلية، وإن كان عرضا بصورة تقليدية إلى جانب أدوات المنزل.. في هذه السوق تجرى حوارات ونقاشات في شئون المرأة وفى الشأن العام .. أي أنها أسواق لتبادل الكثير من الأفكار. ظاهرة أسواق النسوان في اليمن والسودان تعطي مؤشرا بأن النساء قبل مائة عام أو يزيد كان لهن تصور لاحتياجاتهن كما كان لديهن إيمان بالأسواق المتخصصة ويبدو أن الرغبة في الاستقلال الاقتصادي كامنة ومتأصلة في هؤلاء النسوة وإلا لماذا اخترن هذا النمط من السوق.. ظلت هذه الأسواق صامدة منذ عشرات السنوات وحتى اليوم، حاولنا جاهدين البحث عن علاقة أسواق حضرموت للنساء بأسواق النساء في السودان ووجدنا أن الظاهرة قد تكون انتقلت عبر المدرسين السودانيين العاملين في حضرموت أيام الاستعمار الإنجليزي لجنوب اليمن وللسودان معاً أو أنها انتقلت عبر الهجرات الحضرمية القديمة للسودان وكلها احتمالات قابلة للتحقق فهي مازالت بلا سند تاريخي، ونأمل من الباحثين المهتمين في البلدين أن يمدونا بأية معلومات حول الظاهرة والفكرة فنحن نولي هذا الموضوع أهمية خاصة ونسعى لتوثيق الموضوع بشكل علمي، وهن يؤكدن أننا مارسنا كنساء التمكين الاقتصادي قبل قرون مضت وإننا كنا على وعي كبير بالجانب الاقتصادي ولابد من إبراز هذا السبق وهذه الريادة.. [email protected] رابط المقال على فيس بوك رابط المقال على تويتر