عشرات الأرواح سلبت أنفاسها في وطن لم يعد الموت فيه آخر خيارات الرفاهية، فاجعة لاحقة لسابقات لا تقل عنها بشاعة ولا تنتقص منها ذرّة خبث. عنوان بارز للوجع قرأته وأنا أشاهد صوراً لجثث طالبات في عمر الطفولة لم يكن أحد أطراف المعركة الزائفة ولم يكنَّ عائدات من مقر حزب ولا مبنى وزارة ولا شارع سفارة؛ فقط هن ضحايا لكرامتنا المهدورة التي ضاعت في زوايا المقرّات المفرغة من الوطنية وغرف المباني المتهالكة من كل شيء..!!. المشهد قد يكون مألوفاً على مدينة كرداع، وهي دائماً تشهد مآسي الثأرات وتزمُّت القبلية التي حوّلت المدينة مؤخراً إلى ساحة كبيرة تعرض فيها مشاهد القتل والموت بعنوان تغيير في تذاكر المشاهدين من الأكشن إلى الاجتماعي؛ ليس فقط نوع الفيلم بقناعة القبول بالواقع وحده من تغير وحتى وسيلة الموت هذه المرة تحوّلت من «كلاشنكوف وآر. بي. جي» إلى سيارة مفخّخة لتكون هي الحائزة على بطولة صناعة الموت لتصبح المروّجة للإرهاب في سوق تجار الحروب وجاحدي الإنسانية. ماذا سنردّد في مراسيم العزاء، كيف سنواسي تلك الأم التي مازالت على نافذة القلق تترقّب وجعاً آخر في بلد أقصى حدود الحلم فيه أن تخرج وتعود سالماً من رصاصة طائشة الهدف ومقصودة النتيجة أو من سيارة مفخّخة مرّت بتصريح حمل الموت..؟!. في كل مرّة أقول فيها لم يعد بوسعي تصوُّر البشاعة بصورة أخرى تصفعني الفجيعة بهول مشهد لا يخطر على بال الوحشية نفسها أن تكون في هيئتها أو حتى شبيهة بها. .. بقايا حبر إلى متى..؟! سؤال عاجز عن استيعاب كل إجاباتنا السخيفة التي جعلت اغتيال الحياة مبرّراً للانتصار في معارك وصلت حقيقة توصيفها إلى أن تكون أحقر من حذاء طفلة لم يتجاوز عمرها موت الضمير..!!. رابط المقال على فيس بوك رابط المقال على تويتر