يُقال أن المرأة قارورة من الزجاج لا يمكن أن تجرح إلا عندما تنكسر ولعل في هذا القول نسبة كبيرة من الصحة لكن لا يخص الأمر المرأة وحدها، فالإنسان بشكل عام قد يتحول إلى أداة مؤذية في يد الآخرين كلما كان شرخهُ أكبر وكسرهُ أعظم. نعم فهؤلاء الشباب الذين يسيطر عليهم آخرون هم من هؤلاء الفئة الضعيفة التي انكسرت فأصبحت قابلة لأن تكون مؤذية لك في يد آخرين أكثر جرأة على الإنسانية إن للشر أعواناً يفوق عددهم وطاقتهم للتدمير ما قد نتخيل أو نقرأ. فما يحدث في بلاد المسلمين اليوم لم يحدث بطريقة عابرة وإنما حدث ولازال مستمراً لأنه نتاج عن خطط استراتيجية وتكتيكية كبيرة يٌراد منها الوصول إلى أهداف بعيدة جداً لا يمكن الوصول إليها إلا عبر وسط متفاعل وشديد الحساسية لمحاولة الإصلاح أو التعديل أو النقد أولئك الشباب الذين لا زالوا يجندون كل طاقاتهم في سبيل تحريك الأوضاع الراكدة في الداخل هم بشر من لحم ودم، لكن ولأنهم عاشوا ظروفاً أسرية وبيئية قاسية وتعرضوا للعنف أو الاستغلال أو الإساءة بشكل أو بآخر تحولوا إلى أدوات سياسية واجتماعية مؤذية جداً. وهنا يتأكد لنا أن الإنسان السوي هو الإنسان الذي يملك القوة والإرادة النابعة من قوة الإيمان التي تسكن قلبه وتتغلغل في أنحاء جسده مثل ذرات العافية مهما كان الوسط الذي يعيش فيه. ولنا في رسول الله أسوةً حسنة، فقد نشأ “صلى الله عليه وسلم” يتيماً، وعمل في رعي الأغنام منذ سنٍ مبكره وكان نعم المعين لعمه أبو طالب، فقد كان أباً لعدد كبير من الأطفال ومع هذا فقد كان صادقاً وأميناً ولين الجانب منذ سنوات عمره الأولى حتى أنه لم يكن يرتاد أماكن اللهو واللعب التي كان يرتادها الغلمان والشبان في مثل سنه. إن هذا الصفاء الذي أنار جنبات قلب الحبيب المصطفى لا ينبع إلا عن طهارة روحية ورضا نفسي كبير بكل صغيرة وكبرية يكتبها الله له أو عليه، إحدى زميلاتي الأمهات تشكو قسوة أبنها البكر وشدة تمرده عليها، وعند الحديث عن بيئته الأسرية التي نشأ فيها تبين أنه عانى كثيراً بعد انفصال والديه لعدة سنوات ثم عاد إلى طبيعته بعد عودتهما إلى عقد الزوجية، لكنه بقي معزولاً عنهما نوعاً ما لدرجة أنه قرر الانخراط في سلك الخدمة العسكرية تاركاً مقاعد الدراسة، ومودعاً صروح العلم وهذا أسوأ ما يمكن أن تعيشه الأم من مشاعر وآلاف سوى هذا الشاب ينخرطون خلف مشايخ ووجاهات وربما جهات خارجية لا يعلمون عنها شيئاً سوى تلك الأوراق النقدية المغرية التي تصلهم على أجنحة الشك والخيانة للوطن عند الانتهاء من زرع ألغام العنف على أرضهُ الطيبة كلنا نملك قلوباً من الزجاج وينبغي أن نبقيها سليمة من الانكسار حتى لا تجرحنا أو تجرح الآخرين من حولنا فكما أننا قد نملك سلاحاً قاتلاً في لحظة ضعف قد يملك الآخرون سلاحاً فتاكاً أقوى في الوقت نفسه. من المهم أن لا يصل هذا الجيل إلى قناعة أخذ الحق بالباطل، أو شراء النصر بالهزيمة، فهذا سيولد لديهم القناعات القاصرة والولاءات الضيقة ويقودهم إلى اقتحام ساحات الوطن عبر فكرة الغاية التي تبررها كل وسيلة بل وأي وسيلة، ومن هنا يبدأ إدراك أهمية أن تبقى زجاجات قلوب هؤلاء سليمة من الانكسار مهما بدت قرارات الكبار صلبةً أو هشةً أو غير قابلةٍ للقياس.. رابط المقال على فيس بوك رابط المقال على تويتر