نظام الحكم قد يكون شكلياً في وجود دولة صورية، بهذا يعني أن القائمين على نظام الحكم هم من يعطون للحكم وجهه الحقيقي الفاعل، ووجود الفاعل المسير يُوجد نظاماً فاعلاً بحسب البيئة المناسبة تتناسب مع طبيعة المجتمع وتلبية حاجاته، وأي نجاح لأي نظام مرده قدرة الأداء وحس المسؤولية، لا لشكليات ومسمى النظام. ففي دول الجزيرة العربية يتعدد نظام الحكم بين إمارة ومملكة وسلطنة، وكل تلك الأنظمة في قالب واحد متوارث لا يخرج عن طور الأسرة الحاكمة كطور المسمى للنظام، ويستثنى من ذلك دولة في شمال الجزيرة العربية (العراق) والأخرى في الجنوب وطننا (اليمن)، ووجود (الجمهورية) في عمق النظام المتوارث لدول (الجزيرة) قد يُعطي خصوصيات لذات الدولة وشكل نظامها، لكن في ذات الوقت قد يطرح وضوح الاختلاف ونوع العلاقة. منذ تأسيس (دول المجلس) ما جعل الترابط هو شكل النظام المتقارب، ودخول نظام مغاير في عضوية المجلس كان لزاماً عليه تجاوز كثير من الاختلافات لتحقيق التقارب في ظل رؤية مقبولة لجميع الأطراف، إلا أن كل تلك التجاوزات لم تكن بالدرجة المطلوبة التي تعطي النسيج الواحد، ويبقى التباين واضح يتحكم به مدلولات العمل في مؤسسات النظام الوراثي أو الجمهوري، حتى عائدات الثروة المادية والبشرية لها خصوصياتها في ظل كلا النظامين. والمتأمل في تمركز الثروة المادية في (وسط الجزيرة) وتمركز الثروة البشرية في شمالها وجنوبها مع وجود الثروة المادية أيضاً، لكن مضروب عليها قيود مشروطة في ظل عوامل داخلية وإقليمية ودولية، إضافة إلى أن حجم الاستفادة في نظام (دول الجزيرة)، وحجم التغييب في النظام (الجمهوري) أعطى ذات النتيجة وهي عدم الاستقرار الثابت. فالجمهورية في الجزيرة تعاني من القائمين عليها لا من شكل النظام، كما أن الرغبة في عدم استقرارها في مرمى هدف أجندة متداخلة، حتى أننا نلمس مدى غياب اتخاذ قرارات الحل، والتدخل من قبل الدول الإقليمية، ومن وراءها دول كبرى. وفيما تزخر الجمهورية بثروة هائلة تفتقد لإدارة الدولة، وفي مرحلة ما كان (العراق) يتوازى فيه الثروة المادية والبشرية لوجود قوة القانون وفرض تحمل مسؤولية العمل. وليس بمنأى أن (دول الجزيرة) لا تعاني من أزمات سياسية واقتصادية، فما من دولة على حداها إلا ولها مشاكلها في إعاقة بنائها واستقرارها سواء في شكل النظام في نظر عموم أو بعض فئات الشعب أو في قيادة الدولة وإدارتها، وهناك بركان خامل في كل دول المنطقة في الجزيرة العربية وهو داء المذهبية والطبقية الذي أطال عنقه في أوساط المجتمع. كل ما سبق: ما أدى إلى إضعاف الجمهورية هو ضدها في الشكل والمضمون، وإضعافها أن تبقى مشغولة بما هو واقع بها دون التفكير حتى مجرد النية في التنمية، وسياج القوة الذي يحميها. لا نستثني في الوقوع لأحد من نظام (الجمهورية) أو (الجزيرة) إلا أن العائق الأكبر عدم وجود أسس حقيقية للشراكة، والاكتفاء بالالتقاء الشكلي الذي لن يكون طريقاً للقوة الواحدة في المجلس الواحد وفي جزيرة تجمع نظامين متغايرين. [email protected] رابط المقال على فيس بوك رابط المقال على تويتر