إب التي اختارت الملكة أروى احدى مدنها المعطّرة بالياسمين عاصمة لدولتها باتت ولأول مرة في تاريخها العابق بالمحبة والتسامح والسلام تشهد اعمالاً اجرامية من طراز وحشي وتنضم الى موكب المحافظات المغمّس ترابها بالدم وشوارعها بشظايا اللحم البشري! ماذا يعني ان تتحول محافظة توصف من باب الدلع ب«الخضراء» الى ساحة “حمراء”؟..وان يلعب الاعلام لعبته الشريرة في تحويل النظرة لناسها المشهورين ومنذ مئات السنين بدماثة خلقهم الى أناس ملحوقين بالشر والدم. إنّ حادثة تفجير المركز الثقافي بإب وما نتج عنها من قتلى وجرحى ليس مجرد حادث كالحوادث السابقة..ومرد ذلك وقوعه في محافظة لم تعرف الدماء والعنف منذ نشأتها! فلم تكن إب طيلة تاريخها الممتد لآلاف الاعوام إلاّ واحة خضراء للمحبة والأمن والسلام..حتّى ان المتحاربين في عصور ما قبل الاسلام كانوا يحيّدونها باعتبارها أرضاً للخير والعطاء .. لقد دخل الارهاب الى هذه المحافظة وبمعيته وسائل اعلامية مشبوهة ليشوهان تاريخ محافظة عابق بالمحبة والسلام..في سؤال يتنطع من بين جنبات الالم والحسرة..هل كان الارهابيون يعون بان قتلة ما قبل الاسلام لم يرتكبوا فيها مثل هذا الفعل الوحشي، وان عملهم مقابل ذلك ليس له علاقة بأي دين نهائياً. ليكن الاعلام في تلك النقطة بالتحديد مدركاً ان لعبته الشريرة في تشويه مدن اليمن لن تكون حالة مؤقتة خصوصاً في إب .. وليكن الارهابيون على معرفة بأن فعلهم ذلك هو المسمار الاخير في نعش الارهاب.! بين المناسبتين مثلما يصادف أيامنا هذه - تحديداً في الثاني عشر من ربيع الأول - الاحتفال بمناسبة المولد النبوي الشريف، يصادف الاحتفال بمناسبة رأس السنة الميلادية، وبما أن أياماً كهذه لا تتقارب إلاّ كل قرن ونيف.. هل صار من الملح والضروري الاستفادة من هذه اللحظات لعقد ندوات كبرى بين العالم الاسلامي والعالم المسيحي تهدف الى ايجاد مقاربات للتعايش معاً..مستفيدة من تلكم المصادفة الزمنية الكونية! كان بالأحرى على القائمين على مراكز البحوث ومنظمات المجتمع المدني في العالمين العربي والمسيحي انتهاز هذه الايام الدينية لتجمع الكل على طاولة حوارية واحدة.. حوار حول التعايش والمحبة والتسامح..حوار لجمع كلمة الانسانية كلها على حد سواء..للتأكيد بأن الارهاب ليس مصدره اسلامي بل مصدره عامل غير ديني ..وإلا ما معنى ان يعجز فلاسفة وفقهاء وكهنة ولغويو العالم كله عن ايجاد تعريف محدد للارهاب..! الارهاب ليس مصدره ديني ..لأن الاديان السماوية كلها ادانت القتل وعاقبت القاتل في الدنيا بالقتل وفي الآخرة بعذاب شديد.. “مَن قَتَلَ نَفْساً بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعاً” [المائدة : 32] *** فعلاً ..إذا لم يستفد العالم الاسلامي والمسيحي من هذه الأيام ويتخذانها كمنطلق لبدء حوار حقيقي وبنّاء ينتهي بالاتفاق على التعايش والسلام فإنهما سينتظران لتحقيق ذلك قرناً ونيفاً اخرى! [email protected]