- في حياتي رأيت أشخاصاً ينزفون ويتم علاجهم بوسائل طبّية؛ لكني لم أتوقّع يوماً أن أرى وطناً بأكمله ينزف..!!. نعم ينزف دماءً لا نعلم مصدرها، وهل توجد وسيلة لوقف هذا النزيف..؟!. إنه وطني وروحي ودواء جروحي وسكوتي وبوحي وقمّة طموحي؛ إنه أمّي «اليمن». - عندما نتحدّث عن الوطن ينتابنا شعور كبير مليء أحياناً بالكبرياء والعظمة وتارة أخرى شعور مليء بالإحباط والهزيمة والحساسية المفرطة جرّاء ما نسمع ونشاهد ونقرأ عن الكثير من الويلات التي أصابت الوطن في الصميم. - في الآونة الأخيرة شهدت بلادنا فتنة؛ كل طرف ينهش فيها ويزعزع أمنها واستقرارها، كما تسبّبت في إزهاق أرواح لا حول لهم ولا قوّة جرّاء الهجمات الإرهابية التي يقومون بها، وكان آخرها ما حدث في العاصمة صنعاء للطلاب الراغبين في الالتحاق بكلية الشرطة؛ الذين أودى ذلك الحادث بحياة العشرات ممن لا ذنب لهم سوى آمال تحسين وضعهم العسكري والمعيشي والذين انتقلوا من حلمهم في أن يكونوا برتبة شرطي أو عقيد إلى السماء العليا برتبة «شهيد». - في لحظة تحطّمت كل الأحلام والآمال، وفي لحظة تغيّرت مشاعر تلك الأسر التي كان الفرح كاسياً أرواحهم وهم في انتظار خبر التحاق أولادهم بتلك الكلية إلى حزن أدمى قلوبهم وأبصارهم، لا نملك إلا أن نقول: «حسبنا الله ونعم الوكيل، وكفى»..!!. لماذا..؟! - ألسنا شعباً واحداً وأفضلهم في الكون أجمع..؟!. - لِمَ كل هذا التفكُّك والقسوة التي اعتلت قلوب فاعليها..؟!. - لماذا كثرت الفتن وتزعزع الأمن في اليمن..؟!. - لا أملك إلا أن أقول: استيقظوا أجمع ولملموا جراح وطننا وتكاتفوا وكونوا قلباً واحداً، قلباً يهمّه وطنه وناسه، قلباً لا يحمل سوى الخير فيه، هي وسيلتكم الوحيدة التي ستداوي جرح ونزيف وطننا وتعيده كما كان، فمعذرة أيها الوطن..!!.