باتت أخبار القتل والتفجيرات بالنسبة لنا شيئاً عادياً. يؤلمنا لكن لا يفاجئنا نهائياً، وما فقدنا من شباب وأطفال مؤخراً كان سبباً لقتلنا بما فيه الكفاية. فلم يعد وضعاً خاصاً بنا بل هو وضع عام تعيشه العراق منذ زمن، ومثلها ليبيا وسوريا، التي يموت أطفالها من شدة البرد، وهم لاجئون هنا وهناك بين الخيام، وعليها فكلما رأينا تلك المناظر، قلنا ربما نحن أحسن حالاً نوعاً ما، وإن كان الحزن هو الحزن، والظلم هو الظلم، والدم هو الدم. ولا يمكننا أن نعتبر أنفسنا بمنأى عند كل ذلك الدمار، فما عشناه وشهدناه مؤخراً في سنوات عمرنا الأخيرة في هذا الوطن منذ العام 2011م، فيكفي لتدمير مجرة لا دولة نامية. لكن العجيب مؤخراً هو أن ما حدث في فرنسا صفعنا صفعة كانت كفيلة لنسأل أنفسنا سؤالاً واحداً: هل دمنا رخيص إلى هذا الحد..؟! لم يتحرّك العالم لجريمة هي الأبشع في تاريخ البشرية، فحتى اليهود لم يفعلوها بالفلسطينيين، وهو ذبح الجنود، بطريقة وحشية، لم يذبح الحيوانات بهذه الطريقة أبداً، فهل أقيمت الاعتصمامات والمسيرات، وهل بكى أحد من الرؤساء العرب على ذلك المنظر، الذي لم تتحرك له حقوق الإنسان؟. هل يعني هذا أن دمنا رخيص إلى هذا الحد؟! لا يستحق أن يتحرّك لأجله أحد حتى بكلمة أو موقف، طبعاً وقتل طلاب كلية الشرطة، وتفجير المركز الثقافي ووووووووو. كان الموت والدمار والوحشية والوجع الذي لحقنا، الذي لم يتحرّك له الشأن العربي أبداً، حتى من باب الإنسانية، لا من باب الدين والأخوة، ولمقتل فرنسيين في الشارع تقوم الدنيا ولا تقعد، يبكي الرؤساء، ويخرجون في مليونيات، مليونيات حقيقية وليس فبركات كاميرات. هل يعني هذا أننا حتى على مستوى الآدمية لا قيمة لنا، كبشر لنا قلوب وعقول، وحقوق ووجود، وأمهات تحترق قلوبهن على فلذات أكبادهن، الذين يموتون ولا يجدن حتى أشلاءهم، ولا يمكنهن الأخذ بحقهم أبداً، فالقاتل معروف مجهول، هاوٍ حرق قلوب اليمنيات فقط، في بلد لا دين فيه ولا دولة غير الوجع والإرهاب. فحين يكون الموتى منهم فهم يعترفون بالإرهاب ويحاربونه، أما عندما نموت نحن وبتلك الوحشية والبشاعة والامتهان لآدمية الإنسان، فلا يُعتبر جريمة، ولا يُعتبر إرهاباً، مع أنهم مصدّرو الإرهاب المفخّخ إلى بين ظهرانينا، وعليه فهناك فرق بين قتلاهم وقتلانا. لكن حسبنا الله وحده ونعم الوكيل.