لاشك أن الحوار هو أهم الأركان الأساسية للعملية الديمقراطية .. ويمثل حاجة وضرورة ملحة للمحافظة على المصلحة الوطنية .. ولابد أن يُمارس عبر القنوات الرسمية والمؤسساتية للمنظمات والتنظيمات المجتمعية .. وأن يفضي إلى بلورة خطاب سياسي وتوعوي وطني يعبر عن إرادة الشعب، ويجسد خياراته في مختلف شؤونه في حاضره وفي تطلعاته المستقبلية .. ونجاح الحوار يعتمد غالباً على الاحتكام لمفاهيمه وتوسيع قاعدة المشاركة والإسهام في اتخاذ القرار بحيث يتسق مع العقد الاجتماعي بين الراعي والرعية .. بعيداً كل البعد عن الأنانية والمصالح الذاتية .. ولابد أن يتسم الحوار بآفاق واسعة في استقراء الواقع المجتمعي واستشراف المستقبل في إطار إدراك واعٍ لعلاقاته المختلفة مع محيطه على مختلف المستويات الإقليمية والدولية .. وفي يمن الإيمان والحكمة يعتبر الحوار إحدى أبرز السمات في حياة أبناء المجتمع ، لكنه أحياناً يتعرض لضعف الثقة به نتيجة لعدم القناعة به كاختيار أمثل يؤتي ثماره الإيجابية .. مع أنه يمكن من خلاله تجاوز الخلافات وتباين الآراء والمواقف، ومعالجة القضايا المتعلقة بالمصالح الوطنية والمشكلات الداخلية أو الخارجية .. ولهذا ينبغي على كافة الأحزاب والتنظيمات والقوى السياسية في المجتمع إدراك طبيعة الحراك المجتمعي والديمقراطي في المرحلة الحالية .. وقراءته بعمق وموضوعية .. وضرورة التفاعل والتعبير المنطقي عن المسار المتطور للواقع المجتمعي ، والتعاطي الإيجابي المسئول مع أية مبادرة لتطوير العمل السياسي أو معالجة القضايا الوطنية بروح عالية .. بحيث تلتقي جميع الاتجاهات على قاعدة العمل الوطني بنوايا صادقة وبتغليب المصلحة الوطنية على المصلحة الفردية .. وهنا لابد أن نؤكد على أهمية تحقيق المزيد من المشاركة الشعبية ومنظمات المجتمع المدني في صنع القرار وفي عملية التنمية .. والمساهمة الفاعلة في جميع المساعي للإصلاحات التي تخدم مصالح الشعب والوطن وثوابته المبدئية وتثري تجربته الديمقراطية .. ومن الأهمية بمكان ضرورة تفعيل دور هذه المنظمات الجماهيرية كشريك رئيسي للحكومة ولكافة السلطات في التنمية السياسية والاقتصادية والاجتماعية .. وكذا تعزيز التوجهات الجارية إلى اللامركزية .. وصياغة المستقبل وفقاً للخطط والبرامج المتطورة بصورة واضحة وجلية .. والعمل على تهيئة المناخ المناسب لتأهيل المجتمع للتفاعل والمشاركة الإيجابية في الحراك السياسي في ظل توسيع قاعدة المشاركة والحوار لمناقشة قضايا الوطن على الساحة السياسية، واعتماد قاعدة العمل الديمقراطي المؤسسي على آليات الحوار السياسي مع كافة القوى السياسية ومؤسسات المجتمع المدني، والقبول بالرأي والرأي الآخر بعيداً عن التشنجات والعصبية السياسية والمواقف اللاعقلانية .. وذلك تجسيداً لصواب مسار البناء الوطني المبني على أساس الحوار الديمقراطي المسئول في اتجاه استكمال بناء الدولة المدنية العصرية .. ويتضح من خلال هذا التوجه الديمقراطي أن الرأي الفاصل في جميع القضايا الوطنية هو للشعب صاحب الكلمة الأولى والأخيرة، وداعم أي مبادرة أو قرار بداية ونهاية، وأفضل وسيلة لتحقيق الاحتكام إلى الشعب هي الحوار الذي يلتقي في ظله الجميع على قاعدة أساسية ومبدأ واحد هو الولاء والانتماء للوطن والحرص على مصلحته السامية .. وتلك هي القضية. [email protected]