لا شك أن الخطاب السياسي غير السوي الذي ينال من استقرار وأمن وتماسك المجتمع ووحدة الوطن، ويغلّب الولاءات الضيّقة على المصلحة العامة لليمن؛ يمثّل ترويجاً لثقافة الحقد والكراهية التي يسعى المضلّلون إلى تكريسها. وللأسف إن أولئك يستغلّون حرية الرأي والتعبير أسوأ استغلال، فيسخّرونها لخدمة أغراضهم الدنيئة ومصالحهم الذاتية من خلال بث التمزُّق والفُرقة بين أبناء الوطن الواحد، وتشويه الصورة الحقيقية للمسيرة التنموية ولكل نجاح على أي صعيد، ولكل منجز وطني في أي مجال، بدلاً من تسخير تلك الوسائل الحضارية لمصلحة الوطن أرضاً وإنساناً، ولتعميق الوحدة الوطنية، وتبنّي النقد البنّاء البعيد عن المزايدة والتعصُّب إلى أي انتماءات أو ولاءات غير الانتماء إلى الوطن ووحدته العظيمة ونهجه الديمقراطي. ولكي يسهم الخطاب السياسي والاجتماعي في تعميق الهوية الثقافية الوطنية في أوساط المجتمع، لابد أن يكرّس هذا الخطاب لتنمية ورفع مستوى الوعي الثقافي، وتشجيع ملكات الإبداع لدى أبناء الشعب، وترسيخ ارتباط الجميع بقضايا الوطن، والمشاركة الفاعلة في المسيرة التنموية، إضافة إلى الاهتمام بتفعيل وتعزيز ثقافة الحوار بين كافة أطياف الشعب وشرائحه المجتمعية لتصبح هي الثقافة السائدة في المجتمع، والأسلوب الحضاري الذي ينظم العلاقة بين الأفراد والجماعات. ولابد أن يقتنع الجميع أن هناك ثوابت وطنية لا مساس بها ومرجعيات دستورية وقانونية جميعها تشكّل قاعدة لأي حوار بنّاء، وأساساً لقواعد العمل السياسي والديمقراطي، وبناء على ذلك يمكن أن يكون الحوار عنصراً رئيسياً في حياة مختلف فئات المجتمع. ويجب أن يعرف المارقون والانتهازيون أن الشعب أصبح يمتلك من الوعي ما يجعله يفرّق بين من يعمل لمصلحته أو يعمل ضدّه، ومن هذا المنطلق لابد أن يُرد كيد أولئك من أرباب التشكيك والأكاذيب في نحورهم، كما يجب أن يدرك الوطنيون المخلصون أن هناك من يسيء استغلال الحريات العامة والمناخ الديمقراطي لإشاعة الفوضى والتوتر وإثارة الفتن. ولا بديل لإيقاف تلك الممارسات غير السويّة سوى تعزيز الوحدة الوطنية التي تمثّل السياج المنيع لحماية الوطن من كافة التحديات والأخطار، من خلال الخطاب السياسي المتوازن والممارسات الصائبة. وتقتضي المصلحة الوطنية العليا أن يكون للخطاب السياسي دور أكثر فاعلية في ترسيخ الوعي بأهمية مختلف القضايا الوطنية، وجعل لغة الحوار هي الوسيلة الأساسية لتعميق روح التآلف والانسجام بين كافة القوى الوطنية حفاظاً على السلام الاجتماعي وعلى الخيار الديمقراطي ورعايته، وترسيخ منطلقاته الفكرية والثقافية والسياسية، وكل ذلك بالطبع يهيّئ المناخ المناسب لإنجاز تطلُّعات الشعب في التطوّر والتنمية. [email protected]