إشراك منظمات المجتمع المدني في مناقشة وإثراء مشروع التعديلات الدستورية تأكيد على حرص القيادة السياسية الحصول على إجماع وطني حول المواد الدستورية المقترح تعديلها؛ باعتبار الدستور مرجعية يحتكم إليه كل اليمنيين، وهو الإطار القانوني الذي ينظم الحياة السياسية، ويحدد علاقة الحاكم والمحكومين ومنطلقات السياسة العامة للدولة داخلياً وخارجياً. ومن المؤكد أن الحاجة باتت ماسة لإجراء تعديلات دستورية تتواكب مع التطورات الإيجابية في المجال الديمقراطي، وتلبي طموحات ما تنشده القيادة السياسية والشعب؛ للانتقال إلى نظام الحكم المحلي وتوسيع قاعدة المشاركة الشعبية في صنع القرار وبناء الوطن على قاعدة المشاركة الواسعة والتمثيل المتوازي في السلطة التشريعية من خلال نظام الغرفتين (البرلمان والشورى). لذلك ينبغي أن تكون الأحزاب ومنظمات المجتمع المدني عند مستوى المسئولية والأخذ بالمبادرة لإثراء مشروع التعديلات، وبما يؤدي إلى إقرار تعديلات دستورية تعزز من تطور النظام السياسي في اليمن، وتجعل منه أنموذجاً في المنطقة من حيث الانتقال إلى حكم محلي واسع الصلاحيات، خصوصاً وأن التشدد في الآراء ورفض الدعوات الإيجابية لإجراء حوار وطني واسع حول هذه التعديلات من شأنه إعاقة المضي قدماً نحو ترسيخ النهج الديمقراطي، وسيترتب على ذلك كبح جماح التطلعات الشعبية في تحقيق النهوض التنموي الشامل. إن تفاعل الأحزاب ومنظمات المجتمع المدني مع طموحات القيادة السياسية لتطوير النظام السياسي من شأنه زحزحة الجمود الذي تعانيه الحياة السياسية، وسيقود بلا شك إلى تكاتف جهود الجميع لتسخير كل الطاقات نحو بناء الوطن، لاسيما وأن الاستقرار السياسي سيولد استقراراً اقتصادياً وأمنياً، وبالتالي ستشهد البلاد نقلة نوعية في العملية التنموية، حيث سيتفرغ الجميع للعمل التنموي الذي ستنعكس ثماره بتطور المجتمع بأسره. الأحزاب اليوم مطالبة بالتخلي عن أنماط التفكير الهدام والتعامل مع قضايا الوطن بمسئولية تاريخية وبعقلية منفتحة لا التمترس في الغرف المغلقة والمظلمة، والانطلاق نحو الاستجابة لمنطق العقل والجلوس إلى طاولة الحوار، وبما يؤدي إلى التوصل لتعديلات دستورية تلبي حاجة المجتمع في التطور والتقدم والنماء. وعلى الأحزاب أن تدرك أنها أمام مفترقين؛ إما أن تكون مع الوطن وقضاياه وتسارع في الجلوس إلى طاولة الحوار الهادف والبناء أو الانكفاء الذي سيعمق من روح العزلة الجماهيرية التي تعانيها بعض تلك الأحزاب نتيجة لهث قيادتها وراء مصالحها الشخصية.