يكتسب مشروع التعديلات الدستورية أهميته من كونه قد جاء متسقاً ومتصلاً بمقتضيات التطور ومتناغماً مع الخطوات المتقدمة التي حققتها اليمن على الصعيد الديمقراطي والسياسي والمشاركة الشعبية في إدارة الشأن الوطني. وبعبارات أدق فإن هذه التعديلات لم تأت اعتباطاً أو من باب الترف أو لمجرد التعبير عن حيوية النظام السياسي ومستوى استجابته للتطورات التي شهدها المجتمع، بل إن الحقيقة التي لم يستوعبها البعض أن مشروع التعديلات الدستورية قد أملته استحقاقات عدة أهمها: التراكم الديمقراطي الذي اتسعت معالمه وترسخت مداميكه ونضج الوعي الشعبي بمضامينه ومفاهيمه على نحو أظهر معه الحاجة إلى إعادة النظر في بعض المواد الدستورية من خلال الارتقاء بنصوصها بما يجعلها منسجمة مع تطلعات الحاضر وآفاق المستقبل. ومما لا يمكن التشكيك فيه أن مشروع التعديلات الدستورية الذي تقوم بمناقشته هذه الأيام منظمات وفعاليات المجتمع المدني بشتى تلاوينها السياسية والفكرية وانتماءاتها الحزبية يعد بكل المقاييس أهم مراجعة دستورية للنظام السياسي والديمقراطي بالنظر إلى ما اشتمل عليه من أبعاد إصلاحية تؤسس للمشروع التحديثي والنهضوي والتنموي الشامل لليمن الجديد الذي نرنو إليه جميعاً. ولعل في هذه الدلالات ما يحفز الجميع على الالتفاف حول هذا المشروع الوطني وإثرائه بالحوارات والنقاشات والملاحظات البناءة والمسؤولة لما من شأنه الخروج بصيغة تشكل إطاراً جامعاً لكل الرؤى والأفكار الوطنية، وهي الغاية التي تسعى إليها قيادتنا السياسية ممثلة بفخامة الأخ علي عبدالله صالح، رئيس الجمهورية، من وراء طرح مشروع التعديلات للنقاش وتبادل الرأي حوله من كافة الهيئات والمؤسسات ومنظمات المجتمع المدني. وبالقدر الذي يصبح فيه مشروع التعديلات الدستورية مطلباً وطنياً تتجسد فيه الإرادة الوطنية فإنه الذي يؤكد صدق الوعود التي وردت في البرنامج الانتخابي لفخامة رئيس الجمهورية وتعهد على تنفيذها أمام شعبه الذي منحه الثقة ليواصل مسيرة البناء والتطوير والمضي بالوطن نحو فضاء أرحب من الرخاء والنماء والتقدم. وتتجلى ملامح هذا التحول في مضمون مشروع التعديلات الدستورية الذي يهدف في المقام الأول إلى إيجاد نظام للحكم المحلي واسع الصلاحيات، وإنشاء برلمان بنظام الغرفتين، إلى جانب استنهاض دور المرأة بشكل حقيقي يكفل لها مكانتها في المجتمع بحيث تصبح شريكاً أساسياً في صنع القرار وإنجاز أهداف النهوض الوطني لا مجرد ناخبة للتصويت في صناديق الاقتراع. وبقراءة متمعنة ومتفحصة لكل هذه المبادئ فإن أي مشروع لتطوير النظام السياسي لا يمكن أن يضاهي الأفق الواسع والشامل لمشروع التعديلات الدستورية الذي تميز بمدلوله الوطني ونبعه الأصيل المبرأ من كل التأثيرات والنزعات الضيقة والقوالب الجامدة، ليظهر مشفوعاً برؤية طموحة يتلازم فيها التطور السياسي بالتطور التنموي، والرقي الاقتصادي بالنهوض الاجتماعي لتشكل معاً مرتكزات المشروع التحديثي الشامل في وطن ال22 من مايو الشامخ والمقتدر.