المواقف المتشنجة والتي تدفع قيادة جماعة أنصار الله إلى اتخاذ خطوات متسرعة وغير مدروسة هذه المواقف تلحق الضرر بالجماعة وإن رأتها تصب في مصلحتها كما هو الحال مع إعلانها الأخير!.. مثل هذا الإعلان وغيره من المواقف الأخيرة التي أقدمت عليها جماعة أنصار الله هي في واقع الأمر نتاج لردود أفعال متسرعة اتخذتها ضد مواقف لأطراف سياسية أخرى.. وهذا يكشف عن غياب البعد السياسي للجماعة في كل خطوة يقدمون عليها.. تعنت طرف سياسي معين لا ينبغي أن يقابل من الطرف الآخر بتعنت مماثل، خصوصاً في العمل السياسي الذي يقوم على الحوار والتفاهم والوقوف أمام كل الرؤى المطروحة بعقلانية وحكمة وحذر.. وهذا ما افتقدت إليه جماعة أنصار الله في التعامل مع الشركاء المتحاورين في موفمبيك!.. القيادي السابق في جماعة أنصار الله علي البخيتي أدرك هذه الحقيقة منذ وقت مبكر، وأطلق تحذيراته لجماعته من عدم التسرع في اتخاذ المواقف التي قد يُدفعون إليها، والتي قد تنعكس سلباً وتؤثر وبشكل مباشر على الجماعة سواء في علاقاتها مع الداخل أو الخارج.. علي البخيتي وفي كثير من منشوراته عبّر عن أسفه للكثير من الخطوات التي تنتهجها اللجان الشعبية وبعض قيادات الجماعة، والتي رأى فيها ضرراً على مستقبل جماعة أنصار الله ما دفعه إلى دعوتها لتصحيح مسارها والاستفادة من الأخطاء التي وقع فيها الآخرون من قبل!.. القوة ليست كل شيء وينبغي أن يكون هناك تلازم بين القوة والسياسة، وكل منهما مكمل للآخر، ولكن حين تحل القوة مكان السياسة تأتي النتائج عكسية، وهذا ما ستدركه جماعة أنصار الله في قادم الأيام.. الخطاب السياسي الذي تنتهجه جماعة أنصار الله لا يتناسق مع الأفعال والممارسات وما تقوم به اللجان الشعبية على أرض الواقع.. والاستمرار في هذه الممارسات وعدم إبداء المرونة في التعاطي مع المستجدات والمتغيرات سيفقد الجماعة مصداقيتها بين المناصرين لها والمتعاطفين معها.. التعامل السياسي يحتاج إلى سعة صدر وبعد نظر وقراءة دقيقة لمجمل الرؤى التي يطرحها الآخرون ووضع كل ذلك في ميزان المصلحة العامة للشعب والوطن، وأي خطوة يتم اتخاذها يجب أن تدرس من كافة الجوانب، أما التسرع والتعامل بردود أفعال فليس من السياسة في شيء!.. جماعة أنصار الله اليوم أمام محك حقيقي وخاصة فيما يتعلق في توجهها لبناء الدولة اليمنية الحديثة والشراكة مع مجمل المكونات السياسية الأخرى.. فإما أن تجسد ذلك على الواقع بالأقوال والأفعال معاً، وتراعي مصلحة الشعب والوطن وإما أن تستمر في مكابرتها وعنادها وهو ما قد يقودها إلى فقدان كل المكاسب التي حصلت عليها خلال الفترة القليلة الماضية؟!.. ومن هذا المنطلق ينبغي على جماعة أنصار الله إعادة حساباتها قبل أن تتجه نحو إحراق نفسها وتفقد مصداقيتها لدى اليمنيين والقوى السياسية الأخرى التي تشارك معها في إنجاز مهام المرحلة الانتقالية والوصول إلى بناء دولة العدالة والمساواة والحقوق والحريات والنظام والقانون التي هي حلم كل اليمنيين..