ما أبعد الوطن اليوم عن مسمى الحب والتسامح والإخاء والألفة في حاضر دموي بشع غلبت عليه أحقاد الرصاص، وضغائن القذائف، وعنجهية الأحزمة النازفة ،وكراهية الأخوة الأعداء، وتوسعت مساحات التشرذم وضاقت وانحسرت مسافات الوفاق وغاب العقل وتلاشت الحكمة في وجود عقليات مبندقة تعيش مراهقة سياسية مدمرة وتعيش على امتصاص الدماء اليمنية صار فيها اليمن يغرق في بحور من الدم وما من مغيث. قالوا في كل بلاد الدنيا هناك عيد حب يزين النفس البشرية ويجعل البشر في مأمن من القبح، وفي يمننا تغتالنا رصاصات المكر والمؤامرات.. ندعي الفرح وندعي أن الحب مازال له جمهور يصفق له بينما كل شيء صوري حد الأسى، وشكلي حد الألم ،نقول بألسنتنا ما لا تكنه أعماقنا من نزف جارف.. نبحث عن بقايا أنسنة على زجاج الفاترينات وأبواب المحال التجارية وجدران الأسواق المصبوغة باللون الأحمر وبالقلوب القانية الحمرة، لنكتشف أننا نعيش وهماً كبيراً في زمن السلاح والرصاص.. نحاول أن نتبع ملامحنا اللاهثة علنا نجد طمأنينة، حتى ولو زائفة، على أرصفة الحب الضرير.. بين الحب والرصاص شتان في المدلول والمعنى.. لكنه الحب حين يأتي وقت تصبح الرصاصة فريضة. والقذيفة فريضة والأحزمة النازفة تصبح مهرجانا يحصد العابرين لمدائن القتل المزمن. الحب في زمن الرصاص محظ أحجية تبحث في ثنايا الوجع عن من يقد أزار الاحجيات لنصدح، الآن حصحصت خيبات الصدى وندمع الحب في زمن الرصاص طلسمات كمن يبذر في عصف الريح بعضا من رماد الهواجس. الحب في بلد السلاح درب من خيال ورصيف من محال وملجأ من وهم يضم كل محبطي هذا الوطن الخرافة من لازالوا يحلمون برسم نجمة في وحل وطين. الحب في وطن المتاريس العنيدة، محبرة تنزف وقلم يرجف واهتراء لكلمات ترثي أنسنتنا البائدة، وكرامتنا المنذورة لسجن السجان، وسيف السلطان حيث الرصاصة تسبقنا إلى حيث الروح تشرع في تهيئة لحدها الأبدي. الحب في زمن القذيفة ،جاهلية تئد الوردة بعد أن تتفتح، وتهيل على رؤوسنا التراب ونحن مازلنا أحياء، في صمت مقبرة كبيرة تدعى وطن. الحب في زمن الرصاص مثوى، ولحد في حاضر مأساوي ما عاد يؤمن بسوى تأطير العصبيات وبروزة العنف والبطش وتجميل التفرقة والتمزق والسعي فوق نعوش البؤساء. فليت الذين يصفقون بيد وفي اليد الأخرى يحملون رؤوسنا على زند المقاصل وفوق زناد البواريد عرفوا معنى أن نحب الوطن كنبض وريد ليتهم وقبل أن يشنقوا رائحة الزهر، ويغتالوا نكهة البن الأصيل تطهروا بالإخاء من قيح بغضهم والدسائس، ومن فحيح الأحقاد والمكائد، ومن سموم الشرور التي يطرزون بها خصر اليمن. ليتهم قبل أن يذبحوا إنسانيتنا بنيران سموم الإرهاب والمذاهب يغسلون أدرانهم بسلسبيل الحب والتسامح علنا نخرج من نفق الظلمات ومن جب الغوايات التي مازالت تمزق فينا شر ممزق.. ليتهم يحبون اليمن كنبض وريد، ليتهم.. ليتهم.. [email protected]