بقدر الفرحة التي اعتملت في صدور اليمنيين جميعاً إثر تداول الأخبار عن الاكتشاف الغازي في إحدى مناطق خولان الطيال منذ أسبوع ، بقدر ما تركت هذه الفرحة حسرة على مستقبل الأحواض المائية في صنعاءواليمن عموماً . لقد صادف اكتشاف هذا الحقل الغازي – إذا ما أكدت التقارير جدواه الإقتصادية – مع الاحتفال بيوم المياه العالمي الذي تشير فيه الأرقام إلى أن اليمن يعيش تحت خط الفقر المائي ومعرضاً خلال العقود المقبلة إلى نضوب المياه الجوفية جراء الاستنزاف العشوائي المتزايد والمستمر في شتى المناطق اليمنية . إن مجرد حفر بئر ارتوازي يصل عمقه إلى أكثر من ألف متر (كيلو متر واحد) وهو ما حدث في بئر خولان المذكور وغيره من حقول المياه التي تحفر عشوائياً ويومياً دون رقيب أو حسيب ..إن هذا الحفر العشوائي للمياه إنما يمثل خطراً كبيراً على الثروة المائية في اليمن الذي يعاني –كما أشرنا – إلى فقر في هذا المصدر الحيوي بالنسبة للإنسان والأرض . وحسب المعلومات التي تداولتها مؤخراً المؤسسات المعنية فإن أكثر من 96 بئراً ارتوازياً فقط تم حفرها في مديرية دمت بمحافظة الضالع وعلى أعماق بعيدة من أجل ري أشجار القات التي باتت تتسع بصورة مخيفة، وذلك بالنظر إلى مردوداتها وعائداتها التي تمثل محاصيل نقدية على المزارعين ..ومثل هذه المديرية هناك مناطق أخرى عديدة تتعرض للحفر العشوائي لري هذه الشجرة الخبيثة . أتفهم – كاغيري – اتجاه الاستثمارات الداخلية في زراعة القات كونها توفر مردوداً مالياً سريعاً، فضلاً عن أنها توفر فرص عمل لنسبة كبيرة من السكان ومساهمتها في دورة الاقتصاد الوطني إلاَّ أن ثمة أضراراً اقتصادية واجتماعية وصحية عديدة تضاف إلى قضية استنزاف المياه الجوفية ينبغي على الجهات المختصة وضع البدائل الممكنة والفاعلة لمحاصرة هذه الظاهرة التي باتت أشبه بالقنبلة الموقوتة التي ستلحق الكارثة باليمنيين في قادم الأيام دون شك حتى وإن تم اكتشاف ثروات هائلة من النفط والغاز ،إذ أنها لن تغني –بأي حال من الأحوال – عن مصادر المياه للحياة .