تشخيص واقعي لا يخلو من الطرافة الممزوجة بالحزن، نظراً للمخاطر الحقيقية التي تتهدد اليمن أرضاً وإنساناً ووجوداً جراء استفحال أزمة المياه وبدء العد العكسي لنضوب المياه الجوفية (حسب تقارير محلية ودولية علمية ) مصحوبة بانخفاض منسوب الأمطار السنوية جراء التبدلات المناخية واتساع ثقب الأوزون. هذا التشخيص المحزن – المبكي الذي أطلقه الأخ عبدالسلام رزاز، وزير المياه والبيئة مطلع الأسبوع وهو يصف الوضع المائي الراهن بالمزري , وعلاقة وزارته بهذا الواقع المرير مؤكداً أن مهام وزارته تكاد تنصب في كيفية الحد من استنزاف ما تبقى من الثروة المائية والتي تعد سيارات ( الوايتات) التي تنقل المياه إلى كل زاوية أو حيز في طول البلاد وعرضها لري أشجار القات ,بينما يأخذ النصيب الأكثر في إهدار هذه الثروة حفر الآبار العشوائية الارتوازية دون رقيب أو حسيب سواء في العاصمة صنعاء أو في معظم مدن ومديريات اليمن. وحسب الإحصائيات والدراسات الميدانية فإن اليمن يعد من أفقر الدول مائياً , وتزداد هذه المأساة مع النمو السكاني غير المتوازن واتساع الاحتياجات العمرانية والبشرية , فضلاً عن الكميات الهائلة التي تستنزفها زراعة القات.. وهو الأمر الذي أدى بالعديد من الحقول المائية إلى النضوب الواحد تلو الآخر، دون أن يثير ذلك حفيظة أحد بما فيها الجهات الحكومية المعنية بإيجاد المعالجات الكفيلة بوضع حد لمثل هذه التصرفات اللامسؤولة والعبثية السائدة في استهلاك هذه الثروة وهو الأمر الذي يتطلب أيضاً خلال هذه الفترة والفترة القادمة وضع سياسات إستراتيجية للحفاظ على منسوب الثروة المائية وذلك بوضع تشريعات كفيلة بمنع حفر المزيد من الآبار الجوفية التي باتت تنتشر في أنحاء الوطن كبثور الطاعون الذي - إن لم نسارع البحث عن مصل لمنع انتشاره _ فإنه قد يصيب الجسد كاملاً بالوهن والشلل في نهاية المطاف؟ وحسناً أن ألقى وزير المياه والبيئة بتصريحه ذلك رابطا مهام وزارته بملاحقة ( وايتات الماء) لعله يلفت النظر إلى الحال الراهن الذي تتعرض له البلاد جراء استفحال هذه الظاهرة.. غير أن التلميح لا يكفي وحده لمعالجة المعضلة من جذورها , بل إن الأمر الحيوي والملح بأن يلتئم مجلس الوزراء في اجتماعات متتالية مع جهات الاختصاص لبحث هذه الإشكالية والخروج برؤية وطنية مسلحة بالآليات المطلوبة وذلك بهدف محاصرة أسباب الأزمة من جذورها قبل انفجارها .. ولا بأس _ في البداية_ بأن تتخذ الحكومة الخطوات العملية الرادعة لمنع استمرار واستفحال هذا الحفر الجائر واستنزاف المياه لري أشجار القات التي ترتب أعباء اقتصادية وصحية وبيئية فادحة الخطورة على المجتمع , فضلاً عن زحف هذه الشجرة الخبيثة على كل القيعان والأودية والشعاب والتي أدت في أحايين كثيرة إلى نضوب المياه في هذه المناطق وتحول العديد من المزارعين إلى استبدال زراعة الحبوب والفواكه والخضروات بزراعة نبتة القات وعلى عين الجميع بما في ذلك وزارة ( الوايتات)!!. رابط المقال على الفيس بوك