لأول مرة منذ مارس.. بريطانيا والولايات المتحدة تنفذان غارات مشتركة على اليمن    وكالة: باكستان تستنفر قواتها البرية والبحرية تحسبا لتصعيد هندي    هدوء حذر في جرمانا السورية بعد التوصل لاتفاق بين الاهالي والسلطة    الريال يخطط للتعاقد مع مدرب مؤقت خلال مونديال الأندية    جاذبية المعدن الأصفر تخفُت مع انحسار التوترات التجارية    الوزير الزعوري يهنئ العمال بمناسبة عيدهم العالمي الأول من مايو    نقابة الصحفيين تدعو إلى سرعة إطلاق الصحفي المياحي وتحمل المليشيا مسؤولية حياته    عن الصور والناس    حروب الحوثيين كضرورة للبقاء في مجتمع يرفضهم    أزمة الكهرباء تتفاقم في محافظات الجنوب ووعود الحكومة تبخرت    إغماءات وضيق تنفُّس بين الجماهير بعد مواجهة "الأهلي والهلال"    النصر السعودي و كاواساكي الياباني في نصف نهائي دوري أبطال آسيا    الأهلي السعودي يقصي مواطنه الهلال من الآسيوية.. ويعبر للنهائي الحلم    البيض: اليمن مقبل على مفترق طرق وتحولات تعيد تشكيل الواقع    اعتقال موظفين بشركة النفط بصنعاء وناشطون يحذرون من اغلاق ملف البنزين المغشوش    رسالة إلى قيادة الانتقالي: الى متى ونحن نكركر جمل؟!    غريم الشعب اليمني    الوجه الحقيقي للسلطة: ضعف الخدمات تجويع ممنهج وصمت مريب    درع الوطن اليمنية: معسكرات تجارية أم مؤسسة عسكرية    مثلما انتهت الوحدة: انتهت الشراكة بالخيانة    جازم العريقي .. قدوة ومثال    دعوتا السامعي والديلمي للمصالحة والحوار صرخة اولى في مسار السلام    العقيق اليماني ارث ثقافي يتحدى الزمن    إب.. مليشيا الحوثي تتلاعب بمخصصات مشروع ممول من الاتحاد الأوروبي    مليشيا الحوثي تواصل احتجاز سفن وبحارة في ميناء رأس عيسى والحكومة تدين    معسرون خارج اهتمامات الزكاة    منظمة العفو الدولية: إسرائيل ترتكب جريمة إبادة جماعية على الهواء مباشرة في غزة    تراجع أسعار النفط الى 65.61 دولار للبرميل    الدكتوراه للباحث همدان محسن من جامعة "سوامي" الهندية    نهاية حقبته مع الريال.. تقارير تكشف عن اتفاق بين أنشيلوتي والاتحاد البرازيلي    الاحتلال يواصل استهداف خيام النازحين وأوضاع خطيرة داخل مستشفيات غزة    الصحة العالمية:تسجيل27,517 إصابة و260 وفاة بالحصبة في اليمن خلال العام الماضي    الحكومة تعبث ب 600 مليون دولار على كهرباء تعمل ل 6 ساعات في اليوم    "كاك بنك" وعالم الأعمال يوقعان مذكرة تفاهم لتأسيس صندوق استثماري لدعم الشركات الناشئة    لوحة "الركام"، بين الصمت والأنقاض: الفنان الأمريكي براين كارلسون يرسم خذلان العالم لفلسطين    اتحاد كرة القدم يعين النفيعي مدربا لمنتخب الشباب والسنيني للأولمبي    صنعاء .. حبس جراح واحالته للمحاكمة يثير ردود فعل واسعة في الوسطين الطبي والقانوني    صنعاء .. حبس جراح واحالته للمحاكمة يثير ردود فعل واسعة في الوسطين الطبي والقانوني    النقابة تدين مقتل المخرج مصعب الحطامي وتجدد مطالبتها بالتحقيق في جرائم قتل الصحفيين    رئيس كاك بنك يعزي وكيل وزارة المالية وعضو مجلس إدارة البنك الأستاذ ناجي جابر في وفاة والدته    اتحاد نقابات الجنوب يطالب بإسقاط الحكومة بشكل فوري    مئات الإصابات وأضرار واسعة جراء انفجار كبير في ميناء بجنوب إيران    برشلونة يفوز بالكلاسيكو الاسباني ويحافظ على صدارة الاكثر تتويجا    الأزمة القيادية.. عندما يصبح الماضي عائقاً أمام المستقبل    أطباء بلا حدود تعلق خدماتها في مستشفى بعمران بعد تعرض طاقمها لتهديدات حوثية    السوبرمان اليهودي الذي ينقذ البشرية    لتحرير صنعاء.. ليتقدم الصفوف أبناء مسئولي الرئاسة والمحافظين والوزراء وأصحاب رواتب الدولار    غضب عارم بعد خروج الأهلي المصري من بطولة أفريقيا    علامات مبكرة لفقدان السمع: لا تتجاهلها!    حضرموت اليوم قالت كلمتها لمن في عينيه قذى    القلة الصامدة و الكثرة الغثاء !    عصابات حوثية تمتهن المتاجرة بالآثار تعتدي على موقع أثري في إب    حضرموت والناقة.! "قصيدة "    حضرموت شجرة عملاقة مازالت تنتج ثمارها الطيبة    الأوقاف تحذر المنشآت المعتمدة في اليمن من عمليات التفويج غير المرخصة    ازدحام خانق في منفذ الوديعة وتعطيل السفر يومي 20 و21 أبريل    يا أئمة المساجد.. لا تبيعوا منابركم!    دور الشباب في صناعة التغيير وبناء المجتمعات    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



اليمنيون شيدوا سد ياجوج ومأجوج في الصين ومدينة بون الألمانية
بنوا منارات بحر الظلمات وأول من اكتشف أمريكا في العهود السحيقة من القدم
نشر في الجمهورية يوم 04 - 11 - 2006


تأليف/ عبد الله علي الكميم
الفصل الثالث
من كتابات المعاصرين
بعد هذا الاستعراض للأدلة القاطعة والبراهين الساطعة التي كشفتها عقول وأجهزة وعضلات العاملين في حقل التنقيب والبحث في مواقع الآثار التي حددت سلفاً، وكشفت أو جمع ما هو موجود فيها على وجه الأرض. منها ما هو في مواقع مدن ومستوطنات حضارية قديمة، ومنها ما هو موجود في الكهوف والمغارات والمقابر المعلقة في الجبال. كلها قريبة من سطح الأرض، وقد تكون في متناول الجميع لولا بقايا من عوامل قيمية واجتماعية تحول دون العبث، بأعز وأغلى ما تمتلكه الشعوب من كنوز لا يساويها ثمن! على أن ما نشر عن الحفريات والتنقيبات لا تغطي سوى مساحة صغيرة جداً من حيث الزمان والمكان مما يحتوي عليه باطن الأرض.
هذه الأرض ومن العمق الزماني الذي يمتد إلى أكثر من مليون سنة. أما ما له علاقة بما نحن بصدده في دراستنا هذه فإنها كما سبق أن أشرت قد وفرت لنا الأدلة الجامعة والمانعة إذ وفرت لنا الأدلة المادية التي كنا بحاجة إليها بعد أن أثبتنا علمياً وقرآنياً وعقلياً إضافة إلى بعض الجوانب المادية قبل.
والآن ما علينا إلا الاسترسال في سياق السير والكلام عن عاد وثمود، فإلى سياق الحديث.
وإذا ما عدنا إلى أولئك الكتاب العرب المعاصرين الذين كتبوا عن تاريخ الشرق الأدنى القديم، ولم يعتبروا اليمن جزءاً من هذا الشرق، أو لم يعتبروه قد تخلص من مرحلة ما قبل التاريخ وأنها ربما تكون في نظرهم نائمة، ولم تدخل بعد عصر التاريخ إلى الآن!! يقول د. محمد عصفور: إن الدولة لا تدخل في عصرها التاريخي إلا بمعرفة الكتابة. وتكوين وحدة سياسية شاملة بأن بلاد العرب ككل لم تدخل وعصورها التاريخية إلا بعد انتشار الإسلام، ومن جهة أخرى يمكن القول بأن أجزاءً منها دخلت في عصرها التاريخي بينما ظلت جهات أخرى منها في عصور قبل التاريخية.
وربما كان ذلك من الأسباب التي دعت جمهرة الباحثين إلى تقسيم تاريخ بلاد العرب إلى قسمين شاملين: ما قبل الإسلام أو (العصر الجاهلي) (وهو غير جاهلي في الحقيقة) والتاريخ الإسلامي. وبما أن عصر ما قبل الإسلام يمتد إلى العصور الوسطى، فإن تاريخ بلاد العرب القديم، سواء كان في العصور قبل التاريخية لبعض أجزائها يدخل ضمناً في عصر ما قبل الإسلام حتى يصعب على البعض التفرقة بينهما. غير أنني أفضل عدم تجاوز نهاية الفترة التي حددتها مجالاً للدراسة في هذا الكتاب.
وهو يعتبر أن شبه الجزيرة العربية مكان طارد للسكان، وأن الظروف المناخية هي سبب الخروج من اليمن، وليس الطموح وحب الفتوح والاستطلاع، ونقل المعارف بعد أن ازدحمت الجزيرة بهم. وقد رأى بعض العلماء أن الجزيرة كانت تخضع لما يشبه القانون الطبيعي، إذ كانت تقذف كل ألف سنة بمجاميع كبيرة يحملون اسماً معيناً ويتجهون اتجاهاً واحداً. وهو في نظرنا لا يعدو مجرد رأي قابل للنقاش لنقضه أو تأكيده. يقول الكاتب (ولا شك في أن قسوة الظروف الطبيعية في شبه الجزيرة العريبة (متى؟!) قد جعلت منها بيئة غير مرغوب فيها لا يعرف العالم المتحضر من تاريخها إلا القليل، إذ أن هذه الظروف كانت سبباً في عدم نشاط الارتحال إليها، وجعلت القيام ببحوث علمية وأثرية فيها أمراً يكاد يكون مستحيلاً، إلا في بعض مناطق محدودة للغاية، وقد يجيء الوقت الذي يمكن للإنسان فيه أن يستعين بوسائل المدنية الحديثة على البقاء في أقسى جهاتها ظروفاً، وأن يقوم بما يريد من أبحاث تزيد معلوماتنا عنها. رغم قلة ما توصلنا إليه من معلومات عنها، تدل شواهد الأحوال على أن شبه الجزيرة كان ينعم بظروف مناخية ملائمة للسكن (تناقض بعض الشيء) فهي في هذا تماثل نظيراتها في العالم القديم - أي الصحراء الليبية وصحراء مصر الشرقية (وشتان) ولذا يرجح أنها ظلت كذلك إلى نهاية العصور الحجرية على الأقل، فقد وجد أحد الأمريكيين في الربع الخالي بقايا نهر واسع هو السهل المنخفض المسمى (أبو بحر ) (وقد يكون نهر الحفيف الذي عاشت عليه حضارة عاد) أو أحد الأنهار الأخرى التي اكتشفها القمر الاصطناعي مؤخراً. وهكذا يقع في التناقض بين جفاف صحراء الربع الخالي وبالذات الأحقاف التي نشأت عليها حضارة هود وقومه(عاد)،وبين ما كان يحل بها من أمطار غزيرة وخصوبة جعلت أرضها مغطاة بالغابات والحشائش وأنواع الأشجار، قال تعالى:( واتقوا الذي أمدكم بما تعلمون، أمدكم بأنعام وبنين، وجنات وعيون)الشعراء: 132-134 .
ويعود ليحدد بداية العصر التاريخي في هذه المنطقة، ولكنه سرعان ما يقع في تناقض أيضاً، حين يعتبرها منبعاً للجنس السامي. يقول: ولا يمكن أن نحدد الزمن الذي استمر فيه استعمال آلات العصر الحجري القديم في شبه الجزيرة بل ولم يعثر حتى الآن على آثار من العصر الحجري الحديث فيها (لقد عثر عليها في أكثر من مكان كما أوردنا سلفاً والحمد لله) كذلك لا يمكن في حالة معلوماتنا الراهنة أن نحدد الزمن الذي بدأ فيه العصر التاريخي في شبه الجزيرة، وكل ما يمكن أن يقال في هذا الصدد وهو أن أجزاءها المختلفة لم تبدأ عصرها التاريخي في وقت واحد، وأن من المرجح أن الركن الجنوبي الغربي منها (اليمن) وإقليم عمان ومنطقة حضرموت كانت أسبق هذه الأجزاء في الوصول إلى عصورها التاريخية!.
ويزيد الطين بلة بقوله: ومن المسلم به أن شبه الجزيرة العربية تعد عامل طرد لا يرغب الإنسان في البقاء بها إذا ما ساءت الظروف - وكثيراً ما كان يحدث ذلك- فهناك من الأدلة ما يشير إلى خروج عدة هجرات منها إلى المناطق المجاورة في العراق وسوريا وغيرها، وهي المسئولة عن تحركات العناصر السامية التي كان لها أكبر الأثر في تاريخ إقليم الشرق الأدنى من أقدم العصور، فمن المرجح أن هجرة سامية (عربية) خرجت منها في منتصف الألف الرابع ق. م إلى الشمال الشرقي، واختلطت بالسومريين. ونشأت عن ذلك الدولة الأكدية التي أسسها سرجون الأكدي في بلاد النهرين حوالي سنة 2371ق.م. بعد زوال سلالة أور الثالثة التي كانت آخر دولة سومرية في العراق، حيث انفرد الساميون بالزعامة السياسية فيه) ويأتي دور محمد عمر الشاطري. وإن كان قاصراً بعض الشيء في فهم تاريخ عاد، إلا أنه ينتقد كتابات الأجانب ومن أخذ عنهم، فيما له علاقة بتاريخ عاد وحضرموت فيقول: (ومع ذلك فإن ما قلنا عنه أنه تاريخ مجمل عن دول حضرموت السابقة على الإسلام، لموضع اضطراب وخلافات بين المؤرخين، خصوصاً المستشرقين الذين كتبوا عن دول حضرموت ومشيخاتها من إمارات اليمن ومخاليفها، وحتى بلغ بهم الأمر إلى تقديم دولة بأكملها على دولة كالدولة المعينية وهي الشهيرة بأنها أقدم دولة بعد عاد في اليمن.
فبعضهم يؤخرها عن دولة سبأ ويقدم سبأ عليها. وحتى عاد نفسها فقد بلغ ببعضهم التسرع والجرأة إلى حد إنكارها، فضلاً عن تأخير زمانها، ولهم بصدد ذلك نظريات بعيدة شاذة، والغريب أن بعض من كتب عن تاريخ حضرموت نقل عنهم فقلدهم تقليداً أعمى إلى درجة تحريف كثير من أسماء بلادنا ورجالنا وتذكير المؤنث وتأنيث المذكر!! .
أما عن عاد فيقول:
عاد من 2000 سنة ق.م. إلى 1000 سنة تقريباً ق.م. (لم يذكر المؤرخون شعباً سكن حضرموت قبل عاد، فشعب عاد هو أول من سكنها بعد الطوفان وهو شعب سامي يعده المؤرخون من العرب البائدة، التي تتكون منها الطبقة الأولى من العرب (سبق أن بينا أنهم ليسوا بائدين بنصوص القرآن). ومما لاشك فيه أن له مدينته وحصونه وقلاعه ومبانيه العظيمة ومزارعه الواسعة، وعيون مائه وأنعامه، وابناء عاد قوم أقوياء البنية عمالقة الأجسام شديدو البطش. كما أشار إلى ذلك القرآن الكريم، وكانوا يسكنون الأحقاف ما بين اليمن وعمان، وكانوا قبائل متعددة، وقد أرسل الله إليهم أخاهم هوداً ليرشدهم إلى طريق الهدى، ولكنهم أبوا وتمادوا في عبادة الأصنام والظلم.
وليس لعمر شعب عاد مدة معلومة بالضبط، ولكن بعضهم يقرها بألف سنة. وبعضهم بنحو ألفي سنة ويقال: سبعمائة سنة) .
وعن قبر هود يقول: (وقد مات هود بحضرموت، فيما يروي كثير من المؤرخين، وخاصة من كتاب حضرموت، وأصبح وجود القبر متواتراً بمحله المعروف. وكانت تقام سوق سنوية بالجاهلية في شعبان في المنطقة التي بها قبره بشرق حضرموت قرب بير برهوت الشهيرة ، وهي كما وصفها بعض المستشرقين كهف عظيم عميق، ذو تعاريج وتقاطيع، يبلغ طوله 120 قدماً، وعرضه أربعمائة وخمسون 450 قدماً، وعمقه 600 قدم، وفيما بعد الإسلام يتردد الحضارمة إلى الموضع الذي اشتهر بوجود قبر نبي الله هود فيه.
وأصبح متواتراً وجوده به كلما عنّ لهم ذلك لزيارته. ثم تأسست لهود زيارة عامة في القرن التاسع الهجري في شهر شعبان كل سنة. وأصبحت موسماً من المواسم العامة بحضرموت، وتحدد موضع القبر هناك، وبنيت مدينة حواليه في سفح الجبل الذي فيه القبر، ولكنها لا تسكن سوى عدة أيام في السنة، وهي أيام الزيارة أما بقية العام فتبقى بيوتها الكثيرة خاوية).
وعن حالتهم الاجتماعية يقول:
(غاية ما يمكن أن يقال الآن عن حالة عاد الاجتماعية بمقتضى المعلومات القليلة التي وصلتنا عنهم أنها حالة قوة ومنعة ونعمة وزراعة وغنى وبذخ وعناية بالفن المعماري إذ ذاك، وبيوتهم بيوت حجرية، ولهم أصنام يعبدونها، بل زاد بعض المؤرخين أن عاداً أمة ذات مدنية عظيمة. امتد ملكها إلى بابل وآشور، وعلى مصر والهند ومبدأ ذلك قبل الميلاد بأكثر من اثنين وعشرين قرناً) .
أما الشيخ سالم محمد الكندي فيقول في معرض حديثه عن تاريخ حضرموت بعد أن روى قصة رجل من مأرب عمره خمسمائة سنة وقصة جزء من سنبلة حنطة كان وزنه مناً كاملاً... إلخ. قال الراوي: (فسألنا الرجل عن السنبلة فقال: هذا زرع قوم من الأمم الماضية ، فكانت ملوكهم أيضاً وعلماؤهم أمناء، وأغنياؤهم أسخياء، وعوامهم منصفة)، وذكر القزويني أيضاً أن بها القصر المشيد الذي ذكره الله تعالى في كتابه العزيز، بناه رجل يقال له صد بن عاد، وذكر أيضاً أن بها قبر نبي الله هود عليه السلام، قال كعب الأحبار: كنت في مسجد رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في خلافة عثمان (رضي الله عنه) فإذا رجل قد رمقه الناس لطوله. فقال: أيكم ابن عم محمد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقالوا أي ابن عمه:؟ قال: ذلك لاذي آمن به صغيراً فأوموا إلى علي (رضي الله عنه) فقال علي عليه السلام: فمن الرجل؟ قال من اليمن من بلاد حضرموت، فقال: أتعرف موضع الأراك والسدرة التي يقطر من أوراقها ماء في حمرة الدم؟. فقال الرجل: كأنك سألتني عن قبر هود عليه السلام؟ فقال علي: عنه سألتك حدثني. فقال: مضيت في أيام شبابي في عدة من شباب الحي نريد قبره فسرنا إلى جبل شامخ فيه كهوف. ومعنا رجل عارف بقبره قال: فدخلنا كهفاً فإذا نحن بحجرين عظيمين قد أطبق أحدهما على الآخر وبينهما فرجة يدخلها رجل نحيف، وكنت أنا أنحفهم فدخلت بين الحجرين، فسرت حتى وصلت إلى فضاء واسع، فإذا أنا بسرير عليه ميت، وعليه أكفان كأنها الهواء، فمسكت بدنه فكان طيباً، وإذا هو كبير العينين مقرون الحاجبين واسع الجبهة، أسيل الخدين، طويل اللحية، وإذا عند رأسه حجر على شكل لوح مكتوب عليه لا إله إلا الله محمد رسول الله (و قضى ربك أن لا تعبدوا إلى إياه وبالوالدين إحساناً) أنا هود ابن الخلود بن عاد رسول الله إلى بني عاد بن عوص بن سام بن نوح جئتهم بالرسالة وبقيت فيهم مدة عمري، فكذبوني، فأخذهم الله بالريح العقيم، فلم يبق منهم أحد وسيجيء بعدي صالح بن نكاثوك، فكذبه قومه، فأخذتهم الصيحة. فقال رضي الله عنه: صدقت هكذا قبر هود على نبينا وعليه أفضل الصلاة والسلام، قلت: وهو عندنا محقق معروف بالكثيب الأحمر، وقد زرته بحمد الله مرتين. وذكره شارح الحميرية. عن وهب بأن ريحاً عظيمة هبت في زمن عمر بن الخطاب (رضي الله عنه) فكشفت عن منبر هود عليه السلام، وهو منبر من الذهب مرصع بالدر والياقوت وعن يمينه عمود من الجزع الأحمر في المذكور، ويقال لهذا الوادي أيضاً الأحقاف، قال الله تعالى: (واذكر أخا عاد إذ أنذر قومه بالأحقاف) عني هوداً كما قال في آية أخرى (وإلى عاد أخاهم هوداً) وقال الخزاعي: توفي هود بالأحقاف من أرض اليمن وقبره هناك معروف.
ويكتب الدكتور. عدنان ترسيسي بشيء من الإسهاب عن عاد وثمود، ويتوسع أكثر عن (إرم ذات العماد). وهو لا يفصل بين عاد وثمود وسبأ والجرهاي، حينما كانت العلاقات قوية ومتواصلة بين سبأ والجرهاي، الواقعة على الخليج العربي فقال تحت عنوان صغير (عاد وثمود): ولما كنا نعلم أن المنطقة الداخلية شمال شبوة وحضرموت تسمى حتى الآن ثمود، وأن مركزها الإداري في (ج ي د ش) (جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية)سابقاً يحمل هذا الاسم التاريخي لذا أصبحنا نميل للاعتقاد أن وباراً كانت مركزاً تجارياً مهماً، وكانت على خط القوافل السبئية المتجهة من اليمن إلى الخليج (هذا القول غامض بعض الشيء إلا إذا كان الغرض أن أهل قحطان وحمير وسبأ وغيرهم كانوا يمرون من منطقة عاد فلا بأس. أما إذا كان الغرض أنهما تزامنا فهذا خطأ جسيم!!) وأن وباراً هذه قد اندثرت ودفنتها رمال الصحراء كما دفنت غيرها من مدن عاد وثمود، وأهمها على الإطلاق (إرم ذات العماد) التي سنفرد لها فصلاً مستقلاً في هذا الكتاب(وقد فعلت) (وتوجد على طريق بعض مسالكه من بلاد عاد واحة مركزها (وبار) التي اندثرت وطمرتها الرمال، وستظل كذلك إلى الأبد،أو إلى أن يتمكن العلم بواسطة الصور التي تلتقط من الفضاء للتعرف على موقع (وبار) وهو على ما يبدو ما تقوم به مؤسسة الفضاء الأمريكية بواسطة مركبة الفضاء تشالنجر). (وقد كشف موقعها والحمد لله كما كشف موقع برين أيضاً).
ويضيف: أما عاد فإن المستشرقين يعتبرونهم من أهل جنوب الجزيرة باتجاه حضرموت، كما أننا لا نقر بأن أخبار عاد وثمود من الأساطير، وقد جاء ذكرهما بالقرآن الكريم، كما أننا لا نستغرب تغطية الرمال لواحة مزدهرة مهما اتسعت ممتلكاتها وأبنيتها. واحتواؤها على أرض كانت خصبة تكسوها الأعشاب والنخيل والأشجار الصحراوية، لأننا نعلم اليوم علم اليقين مع الصور السينمائية كيف أن أجزاءً كبيرة من أراض تعود لدول معاصرة هلكت وتهلك بحكم زحف الصحراء عليها، نتيجة لعوامل طبيعية، وأهمها الجفاف المستمر لمدة طالت أكثر من المعتاد، كما أن العواصف الرملية الهوجاء، قضت على المسالك وطمرت الآبار، فاندثرت آثارها، وهو ما حصل لأهل ثمود، مما حمل من بقي من أهلها للنزوح. ولما وصل سرجون، وكذلك أهل بيزنطة (الروم) إلى شمال الجزيرة، كان بعض الثموديين قد استوطنوها، بعد أن تصحرت بلادهم في عهد قديم، ثم عرفوا فيما بعد في بلاد الحجاز باللحيانيين، الذين كانوا أصحاب حضارة وكتابة متقدمة، كما أشرنا إلى ذلك، أما بالنسبة لعاد فنعلم أن بعض قبائل اليمن تعيد أنسابها إلى شداد بن عاد، صاحب إرم ذات العماد، ومنهم في اليمن قبائل حاشد وبكيل ومن انتسب إليها.
وهكذا فإن زالت عاد وثمود فإن أهلها لم يندثروا تماماً بل نزحوا وتفرقوا، وانتقلت مدنيتهم معهم بالسلوك، وأيضاً بالكتابة والميراث الطبيعي للقابلية الحضارية كما أشرنا إلى ذلك.
ويضيف: معلومة مهمة سبق أن أكدتها حين تعرضت لدراسة السدود والمناطق المتاخمة للجبال - أعني مناطق صحراء الربع الخالي المرتبطة بالجبال التي تطل عليها من الغرب وتجلب إليها من مناطق شاسعة هي مناطق المرتفعات الجبلية الشرقية السيول والغرين (والأتربة الخصبة) وأشرت إلى كثرة سدود هذه المناطق. وأن سد مارب لم يكن إلا واحداً من كبريات هذه السدود، وكانت هنالك سدود تضاهيه في الضخامة، كما كان الحال في بيحان وحريب وسد الجفينة وأسداد نهم الشرقية وغيرها.
وذكرت قصة إبلاغ ملك حضرموت الذي كان يعيش في ضيافة ملك مأرب بقصر (سلحين) وأبلغ بمولوده الجديد في ليلته عبر حراس المزارع الواقعة بين مأرب وحضرموت، كما أشرت إلى الجنة التي كانت تربط بين مأرب ونجران، ومصداق هذا القول ما جاء في القرآن الكريم (وجعلنا بينهم وبين القرى التي باركنا فيها قرى ظاهرة، وقدرنا فيها السير سيروا فيها ليالي وأياماً آمنين)سبأ.
ويقول: (ومن الواضح لأهل المعرفة أن هناك حرباً في الطبيعة دائمة قائمة على أطراف الصحراء. فبينما تجلب الأمطار ثم السيول الطمي وحتى الحصى من الجبال باتجاه الصحراء لتحويلها إلى أرض ذات تربة معشبة أو قابلة للأعشاب والاستثمار الزراعي وللمرعى، تقوم العواصف الرملية بعمل معاكس حيث تقذف الرمال باتجاه التربة الخصبة فتغطيها وتطمرها إلى حين أو إلى الأبد!!
ويظهر ومع الأسف أن الغلبة تأتي مع الزمن لمصلحة الصحراء! لذلك لا يستبعد أن تكون المناطق اليمنية المجاورة للجبال وسيولها. باتجاه الربع الخالي من جزيرة العرب قد شكلت في الماضي البعيد أراضي وواحات زاهرة.
ثم طغت عليها الرمال التي قذفت بها الصحراء الرملية المتحركة، باتجاه اليابسة تماماً كما يحصل بين البر والبحر، فتارة يتقدم البر ويطمر شيئاً من البحر، وطوراً يمتطي البحر شيئاً من البر ويتغلب عليه.
وكما أن الغلبة مع الزمن كثيراً ما تكون على اليابسة لمصلحة الصحراء، فهي تكون في الساحل لمصلحة البحر الذي كثيراً ما قضى على شواطئ وموانئ عامرة معروفة بمواقعها وأوصافها، وأضحت أثراً بعد عين. ويؤكد ذلك ما آل إليه مصير ميناء قانا الذي كان عامراً في جنوب اليمن على المحيط الهندي (البحر العربي)، ثم تحول الآن إلى شاطئ خال من أية حياة، وأصبح يسمى بئر علي وحسب، وهو الذي تعلوه خزانات ومجاري الري التي تم العثور على بقاياها على التلة المعروفة بحصن الغراب، وعليه النقش المعروف الآن بهذا الاسم، وهو الواقع فوق ميناء قانا المندثر، وعليه الرقم التي ساعدت على تحديد موقع قانا ميناء جنوب الجزيرة المزدهر. والذي جاء وصفه بكتاب الطواف حول البحر الأرتيري).
أما ذلك القاضي الألمعي والمفكر الكبير، والكاتب العبقري أعني به القاضي عبد الله الشماحي. فقد كان رحمه الله من أفضل من كتب عن تاريخ اليمن القديم إلا أن كتاباته لم تَرُق للبعض!! ولذلك فإن كتبه لم تلق الرواج الكافي،التي هي جديرة به!! يقول في كتيب صغير له غير معروف بل غير موجود في المكتبات، عن بدايات التاريخ اليمني (ويبدو أن تلك المدن والقبائل كانت حياة أفرادها قائمة على ضرب من الشيوعية الخاصة بهم القائم هذا الضرب على نظام الأبوة المتمثلة في رئيس القبيلة أو المدينة لا بصفة أنه ملك أو متملك إقطاعي إذ لم يكن حينذاك ملكية تحكم ولا ملكية خاصة.
والمفترض أن هذا النظام امتد عشرات القرون، ولم يبدأ يتحول إلا في حوالي الألف العاشر ق. م تقديراً إلى الملكية الخاصة وإلى دولة تشمل عدة مدن أو قبائل، ولربما شملت الأمة في الجزيرة العربية. ويلح أن هذا التحول المفترض بدأ من عصر عاد والعمالقة.
ويبدو أن هذا الدور من التحول نشأ من بروز شخصية قوية طامحة دفعته قبيلتها أو مدينتها إلى الغزو، وضم عدة مدن أو قبائل إليها. وقد يخرج الغزاة تلك القبائل وسكان المدن المغلوبة من مواطنها، ولذلك تطلع أبناء الجزيرة العربية إلى ما حولهم ولعوامل أخرى كانت تلك الموجات قبل التاريخ إلى خارج الجزيرة فاندفع أبناء الجزيرة العربية منذ العصر العادي والعملاقي وما قبله، اندفعوا إلى خارج الجزيرة إلى أفريقيا وأوروبا وبقية آسياء في موجات متعاقبة حاملين معهم حضارتهم وعلومهم التي طبعوا بها مواطنهم الجديدة في آسيا وأوروباً وإفريقيا، وتحت ضغط الجفاف إلى جانب العوامل السابقة تضاعفت دوافع هجرات العرب منذ عشرة آلاف عام ق. م. وقد قرر معظم الباحثين اليوم أن الجزيرة العربية، وبالأخص جنوبها هي الخزان الذي يفيض بما يزيد عن طاقته في حقب متعاقبة، تبلغ الواحدة زهاء ألف عام، واستطاع الباحثون أن يعدوا منها خمس موجات قبل التاريخ وخمساً بعده، آخرها وأقواها موجة العرب المسلمين.
وقرر الباحثون أن موجات ما قبل التاريخ امتدت إلى إفريقيا الشمالية والبلقان وإيطاليا وأسبانيا، وينقل عن د. محمد معروف الدواليبي قوله: لقد تقدمت البحوث العلمية الجديدة في السنوات الأخيرة، ومن خلال مباحثها العلمية، ومن خلال الآثار الحضارية القديمة تقدماً مذهلاً وجزمت بحقيقتين علميتين جديدتين.
أولاهما: أن الحضارة الإنسانية الأم نشأت في جزيرة العرب وفي جنوبها على وجه الدقة ثم اضطرت هذه الحضارة تحت ضغط الجفاف في الجزيرة -جوانب الرافدين في العراق وما حولها، كما اضطرت فريقاً آخر من أصحابها وهم الفراعنة بجميع أسرهم الجنوبية والشمالية إلى الانتقال أيضاً والانتشار على جانبي النيل.
ثانيهما: إن الأبحاث الأثرية العلمية أيضاً أكدت أن هجرات عربية أخرى، امتدت منذ ما قبل التاريخ على كل من إفريقيا الشمالية والبلقان وإيطاليا وأسبانيا، كما وصلت أيضاً إلى كل من فقاسية وبحر الخزر من جهة وإلى ترنسلفانية وسلوفاكية وأعالي بوهيمية في ألمانية عن طريق مجرى الدانوب من جهة أخرى. وأخيراً إلى كل من فرنسا والجزائر البريطانية وإيرلندة والدانمارك وغيرها من جهة أخرى وأن البونيين امتدت هجراتهم إلى الجزائر وتونس وإلى أوروبا. وإليهم يرجع بناء مدينة بونة في الجزائر المعروفة اليوم بمدينة (عنابة) وأن تسميتها باسم (بونة) ما هو إلا إشارة إلى أصل سكانها، وأن هجرتهم من اليمن، وقد بنوا عدة مدن في أماكن أخرى من العالم - يشير بذلك إلى مدينة (بون) في ألمانيا مؤكداً أن هؤلاء البونيين هم من بون اليمن أي (بون صنعاء (بون عمران) وأن هؤلاء البونيين عرفوا بالكنعانيين البونيين، وأن منهم الشعوب الأيجية الذين منهم (الإيترسك) المنسوب إليهم (التيرانيون) والبحر التيراني في إيطالية، وأن هؤلاء (الإيترسكيين) حضروا إيطاليا قبل وصول الرومان إليها، وأنهم من أبناء عمومة القرطاجينيين) كما نقله (أرسطو) وأن شعوب مصر والشام ترجع إلى أصول عربية، وأن العرب حين خرجوا إلى مناطق هجراتهم خرجوا متحضرين مالكين لناصية الحضارة.
ولذلك تشابهت حضارتهم في أصولها، وأنها امتدت على أفريقيا الشمالية وسائر أوروبا قبل التاريخ وبعده. وأن الكنعانيين القرطاجنيين البونيين وصلوا إلى البرازيل في مطلع التاريخ وبعده. وأنه منذ أربعة آلاف عام ق. م. تدفقت موجات من العرب إلى بابل والشام ومصر، وأن عبد شمس المعروف (بسبأ) هو باني مدينة (بابليون) في مصر باسم ولده (بابليون) الذي خلفه على مصر.
وأن كلمة (بابليون) وبابل سامية عربية ومعناها (باب إيلي) وكذلك أفاده معروف الدواليبي بمؤلفه دراسات تاريخية).
أما فلبي ومجموعة من المؤرخين الأجانب فإنهم قد قرروا أن اليمن هي مهد العروبة، ومنها انطلقت الموجات البشرية إلى سائر الأنحاء، وأن (نمروداً) من اليمن، ويقول صموئيل لا ينج: أن أهمية اكتشاف آثار اليمن لا تكمن في أنها كشفت آثار ممالك عربية عريقة في التقدم والتمدن والتجارة فحسب، وإنما لأنها بينت أنهم أصحاب علم ولهم أحرف هجائية.
ويقول العقاد: أن الإغريق أخذوا حروفهم من العرب، وأن الهنود أخذوها من (اليمن).
وجاء في كتاب «تاريخ مصر القديم» لمؤلفيه محمد عبد العزيز مصطفى، وعبد العزيز مبارك أن الحضارة بمصر بدأت قبل عصر التاريخ بما يقدر بمائة ألف سنة، وأنها أغارت قبل عصر التاريخ على مصر قبائل آسيوية من الجنس السامي (العرب جاءوا عن طريق برزخ السويس استطاعوا أن يؤثروا في حضارة المصريين ولغتهم).
وجاء في كتابي الدكتور حسين كمال عن تاريخ السودان القديم: بأن السودانيين والمصريين من أصل واحد، جاء أسلافهم من بلاد العرب، وبالأخص من جنوبها عن طرق الصومال، وشواطئ أثيوبيا وأن أصل اللغتين المصرية والعربية واحد، وأن الاختلاف الظاهر ليس إلا نتيجة لإسقاط بعض كلمات في بلاد العرب وبقائها في وادي النيل، والعكس.
ونعود إلى كلام الدواليبي الذي يضيف:- أن اليمنيين العرب هم الذين في القديم بلغوا مطلع الشمس ومغربها بسفنهم وفتوحاتهم، وهم الذين أقاموا سد الصين المشار إليه في القرآن الكريم. سد يأجوج ومأجوج.
وهم الذين وصلوا إلى بحر الظلمات في شمال بريطانيا، وأول من بنى المنارات في تلك المنطقة من البحار العالمية لإرشاد السفن والظلمات.
وتفيد المصادر الأمريكية الحديثة أن هؤلاء العرب هم أول من اتصل بأمريكا في العهود السحيقة في القدم، وحققوا المعجزة في اجتياز البحر المحيط. ومما يشهد على ذلك أسماء بعض الأسماك التي تحمل أسماء يمنية هناك كما يروي هذا البهبيتي).
وفي كتابه القيم - (اليمن الإنسان والحضارة) تتجلى عبقرية القاضي الشماحي إذ يقرر أن العمالقة هم الذين حلوا باليمن قبل قوم عاد، وتركوا فيها حضارة سامقة، ولما انقلب عليهم العاديون، نزحوا من اليمن وانتشروا في الكثير من الأرجاء منها مكة والحجاز والعراق والشام ومصر، وقد نقلوا معهم علومهم ومعارفهم وتجاربهم.
ويقول عن العمالقة: هم كما يرى الإخباريون أقدم العرب العاربة. وأن موطنهم الأول اليمن. ومن المؤرخين من يحدده بحقل صنعاء ومنطقتها، وقد امتدت أيامهم ونسج حولهم كثير من الأساطير لاسيما عظم الأجسام وطولها والقوة والبطش والبطولات والصحة التي برزت آثارها في أعمال وآثار المعينيين والسبئيين ومن بعدهم من خلف العمالقة، ولم يكن في أساطيرهم ما نراه في أساطير اليونان والرومان من آلهة وخيالات حب وتناسل بين تلك الآلهة إلى ما هنالك من تصورات.
وللأساطير في كل أمة دورها، الذي يعد مرآة لجبلة الأمة وميولها، وأغلب ما تأتي الأساطير مقدمة ينتج منها تاريخ الأمة الحقيقي. وقد لا يتخلى التاريخ الحقيقي عن آثار تلك الأساطير، ومن هذا المزيج قد يكون العمالقة والإخبار عنهم أنهم تكاثروا ورحل منهم في فترات متتابعة إلى الخارج عدد كبير، يدفعهم فيما يبدو ما دفع من تلاهم، حب الفتح واكتساب مواطن جديدة، ونقل معارفهم وحضاراتهم بما فيها الكتابة.
وقد تكون لطلب الرزق أو فراراً من متغلب يمني جديد على من قبله، وقد احتفظ هؤلاء المهاجرون لأنفسهم في كثير من المواطن الجديدة بالحكم أزماناً طويلة حتى بعد أن غلبهم في اليمن فروعهم العاديون. فقد كان لهم بعد زوال حكمهم من اليمن دول في العراق الذين غلبهم بعض أبناء عمومتهم من العاديين في الألف الرابع قبل الميلاد. وكان لهم في الألف الثاني قبل الميلاد دولة بمصر وهي المعروفة (بالشاسو) أو (الهكسوس) أي العرب والرعاة ، فقد أثبتت الآثار المصرية أنهم حكموا مصر من سنة 2214 ألفين ومائتين وأربعة عشر قبل الميلاد إلى سنة 1703 ألف وسبعمائة وثلاثة ق. م.
كما يحكي الإخباريون أنه بقي لهم حكم بمكة إلى أيام يعرب، فبعث أخاه جرهم بن قحطان فأجلاهم عن مكة.
وعلى كل فإن العمالقة هي أمة ذكرها المؤرخون، وإن مساكنهم باليمن وأنهم قدماء العرب، وأنهم باليمن تكاثروا، ومنه انطلقوا إلى خارج اليمن وأنه امتد حكمهم في اليمن آلاف السنين حتى غلبهم العاديون وبقي لهم خارج اليمن حكم آماداً متطاولة. كما أن اسمهم الرنان (العمالقة) استعملته أمم أتت بعدهم).
أما قوم عاد فيتكلم عنهم بكثير من الإعجاب ويقسمهم طبقتين.
عاد الأولى
هي الأمة التي تبدو أكثر وضوحاً من دولة العمالقة، عنها تحدثت الأخبار والكتب المقدسة، وقد أخبر القرآن أن موطنها هو (الأحقاف) وهي شمال حضرموت، وأنها كانت على جانب مهيب من القوة العسكرية والجسمية والحضارية والاقتصادية، وأن أرضها كانت على جانب من الخصب والاعتدال، ذات جنات وأنهار ونعم وعيون، وأن الله استخلفهم من بعد نوح. وزادهم في الخلق بسطة، وأنه أرسل إليهم من أنفسهم (هوداً) فأصروا على كفرهم وبغيهم، وتجاوزوا حد الغرور فقالوا(من أشد منا قوة) ولم تنجح فيهم النصيحة، إذ لم يلتفتوا إليها وإلى تذكيرهم بماهم فيه من قوة ورخاء، فقد خوطبوا: (وإذا بطشتم بطشتم جبارين)( واتقوا الذي أمدكم بما تعلمون، أمدكم بأنعام وبنين، وجنات وعيون) فلم يؤمن منهم بالنبي هود إلا قليل.
فقلّت الأمطار، واشتد الجفاف وهم سادرون في غيهم، فأخذتهم الريح العقيم، لمساكنهم ناسفة، ولمزارعهم مجتاحة، ولأجسامهم رامية.
قال تعالى:(كأنهم أعجاز نخل خاوية، فهل ترى لهم من باقية) (ألم تر كيف فعل ربك بعاد، إرم ذات العماد، التي لم يخلق مثلها في البلاد إلى قوله تعالى: (الذين طغوا في البلاد، فأكثروا فيها الفساد)
هذه الصورة القوية لحضارة قوية عميقة القدم، قامت بعد نوح تعد تصوراً رائعاً وبرهاناً ساطعاً على أول مهد للحضارة، والعرب أو السامية بالتعبير الجديد، إنها شهادة من مصدر قوي الإيمان، ومع هذا وما ذكره الإخباريون من تحول هود ومن معه إلى حضرموت وأنه مات بها. وبها قبره الذي لا يزال مزاراً إلى اليوم. مع كل ذلك فلم يبين الزمان الذي بدأت فيه دولة عاد الأولى ولا قدر المدة التي حكمت فيها وانتهت، ولا أسماء الملوك والحكام منها إلا اسم الملك (الخلجان)!! فقد ذكر القصاص أنه هلك مع قومه، ولنا أن نفترض بمعونة الكتاب المقدس القرآن الكريم، وسنة التطور المناخي، الزمن الذي كانت به عاد الأولى، فإنهم كانوا في زمن كانت الأحقاف تتمتع فيه بالخصب والمناخ المعتدل. ولم يكن الجفاف قد بلغ بوطأته إلى أن جعل الأحقاف تلفظ آخر نفس من الحياة، ومن هذه النظرة الجيولوجية يمكن القول: إن آخر عهد الأحقاف بالحياة هو في الألف الثامن أو السابع قبل المسيح، إذ قد وجدت في الربع الخالي أصداف المياه العذبة، وأسلحة صوانية وقطع متحجرة من بيض النعام، يعود إلى قبل خمسة آلاف عام قبل المسيح، إذن فعهد الأحقاف بالحضارة العادية وإرم ذات العماد كان قد انتهى قبل المسيح بأكثر من خمسة آلاف سنة. فكون عاد الأولى قد وجدت قبل ذلك بما لا يقل عن أربعة أو خمسة آلاف عام، فيكون زمنها الذي اكتملت فيه الألف السابع قبل المسيح أو الثامن، ويدعم هذا الافتراض ما يشير إليه القرآن من الخصب ثم الجهد الذي عانته عاد، ثم العاصفة المفاجئة التي قضت على ما بقي للحياة من عناصر ومعالم.
هذا التحول تقره البحوث العلمية الجيولوجية والتاريخية، وتكاد تحدد معنا أن عاداً الأولى حكمت قبل الألف الثامن ق. م. وحين كانت الأحقاف قد بدأت تتعرض لغزو الجفاف ببطء إذ لم تأت ضربته الحاسمة إلا في الألف السابع ق.م. الذي انتهت فيه عاد الأولى، وانتهت فيه الحياة الصالحة في الأحقاف التي تحولت بعد قرون إلى صحراء رملية تبتلع الأثقال تكاد تشارك الكتلة القمرية في الخلو من الحياة، فقد دب إليها الموت دبيب الخنافس والسلاحف، ويمكن أن يكون آخر عهدها بالحياة الصالحة كما قدرنا هو الألف السابع ق. م. والذي بدأت فيه عاد الثانية تتكون!.
عاد الثانية
لم يحدثنا عنها القرآن بعد هلاك عاد الأولى، بشيء من التوضيح كما حدثنا عن عاد الأولى وإنما حدثنا أنه نجى هوداً والذين آمنوا معه. وفي نعت عاد الأولى دليل أن هناك عاداً ثانية، وقد أفادت الأخبار أن هوداً ومن معه تركوا مدن الأحقاف الموغلة في الصحراء باتجاه حضرموت الداخل، وبها استقروا وبها مات هود عليه السلام، وكأنهم تكاثروا، وتألفت من نسلهم عاد الثانية. ولا نعلم متى حكموا؟!، وهناك من يقول: أنهم استمروا في الحكم ألف عام حتى غلبهم يعرب (ولماذا ما يكون قحطان) في رواية وهو الأقرب إلى سير التاريخ، وقيل ثمود. وإذا رجعنا إلى سنة النمو فقد يكونون استمروا في التكوين بقية الألف الثامن وشطراً من الألف السابع الذي في شطره الأخير حكموا واستمروا إلى الألف الخامس ق. م. حتى غلبهم يعرب في الألف الرابع). (فيه نظر!!) لأنه عندما حل الجفاف بالصحراء الشرقية تحولوا باتجاه الغرب نحو مأرب والجوف وحضرموت الغرب (شبوة) والمناطق المتاخمة للجبال لأنها كانت خضراء جراء الأمطار التي كانت تهطل على الجبال وتسيل أنهاراً إلى الصحراء. حيث أقاموا السدود من عهد قحطان.
سبق أن قلنا وأسهبنا القول أن اليمنيين أول من صنع الحضارات على هذه الأرض قبل أكثر من عشرة آلاف عام. تلكم هما حضارتا عاد وثمود، وكانت هذه هي المرحلة الحضارية المتقدمة الأولى، كما أوضحنا، وقد استمرت حوالي خمسة آلاف عام، وهي فترة من فترات الخصب التي كانت ولا تزال تمر بها اليمن والجزيرة العربية وربما الكرة الأرضية كلها عبر دورة من دورات المطر الغزير، الذي جعل الأرض حينها خضراء غنية بكل أنواع الأشجار والحيوانات، وكانت الغابات تغطي معظمها، كما ثبت هذا علمياً الآن، من وجود جذوع الأشجار الضخمة وعظام الحيوانات الكبيرة، كالفيلة ووحيد القرن والنمارة، وغيرها من أنواع الحيوانات والطير، والتي تعيش عادة في الغابات الكثيفة والبحيرات والأنهار. وذلك في عمق صحراء الربع الخالي (الأحقاف بالذات) حيث كانت حضارة عاد، وامتدت إلى تخوم (عدن).
وبينما حلت دورة الجفاف، وأفل نجم حضارتي عاد وثمود تدريجياً، أنساب القوم نحو الغرب، وأخذ يلمع نجم حضارة قحطان وأولاده التي نشأت على تخوم الجبال غير مبتعدين كثيراً عن الصحراء، وحينها بدأت المرحلة الثانية من مراحل الحضارات اليمنية العظمى، وكان ذلك في حدود الألف الخامس أو السادس قبل الميلاد، وهي الفترة التي انطلقت فيها من اليمن الموجات الحضارية العربية الجديدة أو الأولى على رأي بعض المؤرخين، التي انتقلت بمعارفها وثقافاتها وقيمها، وغطت أرجاء الجزيرة العربية ومصر والشام والعراق، وعلمت شعوب هذه المناطق بل وساهمت مع شعوبها في صنع الحضارات. وذلك بعد الهجرات السامية (على حد تعبير البعض) بينما يرى البعض الآخر أنها سامية عربية ونحن نرجح هذا التي انطلقت من اليمن خلال العشرين ألف سنة ق.م.
ولنقتطف بعض الشواهد مما كتبه الكتاب العرب والأجانب في هذا الصدد.
قال الأستاذ/ محمد عزة دروزة في كتابه القيم. تاريخ الجنس العربي. في مختلف الأطوار والأدوار والأقطار: البند الأول من الجديد في الكتاب خاصة، يهدف فيما يهدف إلى تصحيح الخطأ المشهور الذي يفصل تاريخ الأقوام أو الموجات التي انساحت من جزيرة العرب إلى الأقطار المجاورة لها قبل اكتساب الجنس العربي شخصيته العربية الصريحة عن تاريخ الجنس العربي، وإلى عرض هذين التاريخين سلسلة واحدة متصلة الحلقات على اعتبار أنهما تاريخ جنس واحد.
وهذا منحى جديد في كتابة التاريخ العربي نعتقد أنه الأوحد والأكثر اتساقاً مع المنطق والعلم. وهو الأجدر بالتعميم، فجزيرة العرب لأسباب جغرافية واجتماعية، واقتصادية، مما يدخل في نطاق ذلك الجفاف والجدب والمنازعات القبلية على الماء والكلأ والزعامة... إلخ.
كانت وظلت منذ أقدم الأزمنة التاريخية يقيناً وقبلها احتمالاً، وقياساً ترسل موجاتها إلى الأقطار المجاورة لها شمالاً وجنوباً، ونعني وادي النيل والهلال الخصيب، الذي يتكون من بلاد الشام والعراق فتنتشر فيها وتنشأ المدن والقرى والدول، وتبدي نشاطاً في مختلف المجالات، وكانت متشاركة في اللغة والأفكار والملامح والطبائع، وظل هذا التشارك قائماً بينها في مختلف الأطوار والأدوار مما تؤيده الآثار والوقائع، والشواهد، وتقريرات العلماء والباحثين، على ما سوف نشرحه بعد، حيث يبرر كل هذا اعتبارها جنساً واحداً، وعرض تاريخها في سلسلة واحدة. وفي ذلك تصحيح للتوجه التاريخي، وتدليل على امتداد عروبة هذه الأقطار الحاضرة إلى عشرات القرون قبل الإسلام، وإحباط لمكر المستعربين والمبشرين والمستشرقين المغرضين، وأعداء العروبة الذين تتجاوز مكابراتهم كل حد ومنطق. فيتجاهلون السيل العربي الصريح، الذي أخذ يتدفق على بلاد العراق والشام قبل الإسلام وعليها وعلى وادي النيل منذ الفتح الإسلامي إلى الآن دون انقطاع. وتعمر مدنها وقراها وبواديها استمراراً لما كان يجري قبل دور العروبة الصريحة، والذي تفوق أعداده أعداد سكان هذه البلاد أضعافاً مضاعفة، والذي يتمثل في كل ناحية من أنحاء هذه البلاد، وفي كل مظهر من مظاهر حياتها وتقاليدها ولغتها تمثلاً شاملاً قوياً. ويحاولون فصل تاريخ سكانها القدماء عن تاريخ الجنس العربي، ليوقروا في أذهان سكانها الحاضرين وهن الصلة بينهم وبين العروبة الأصلية وليجعلوهم يعتبرون العرب الذين جاءوا إلى هذه الأقطار تحت راية الإسلام غزاة كسائر الغزاة الذين طرأوا عليها، ووطدوا حكمهم فيها بالقوة العسكرية وحسب .
الفصل الرابع
تناول المؤرخين المحدثين لعاد
تتراوح آراء المؤرخين المحدثين بين المنصف والحريص على الحقيقة وكشفها وبين المغالي والمبالغ والمجحف الذي لا يهمه إلا الهدم والإساءة وغمط الحق والتقليل من أهمية تاريخ اليمن وعظمته!!
يقول صاحب سبائك الذهب: عاد وبنوه قبيلة من العرب العاربة البائدة غلب عليهم اسم أبيهم، فيقال لها عاد باسم أبيها، وبه ورد القرآن الكريم، ويقال لعاد هؤلاء عاداً الأولى، وإليه وقعت الإشارة بقوله تعالى:(وأنه أهلك عاداً الأولى)وكانت منازلهم بالأحقاف بين اليمن وعمان من البحرين إلى حضرموت.
وكان أبوهم عاد المذكور فيما يقال أول من ملك من العرب وطال عمره وكثر ولده. وفي بعض التواريخ أنه وله أربعة آلاف ولد ذكر من صلبه، وتزوج ألف امرأة، وعاش ألف سنة ومائتي سنة.وقال البيهقي: عاش ثلاثمانة سنة،وملك بعده بنوه الثلاثة: شديد، ثم شداد، ثم أرمدسد، وهو الذي سار في الممالك واستولى على كثير من البلاد كالشام والعراق والهند. وذكر الزمخشري في تفسيره أن شداداً هو الباني لمدينة (إرم ذات العماد)، وذكر غيره أن الباني لها (أرمد)، وبعث الله تعالى فيهم هوداً عليه السلام نبيا،وهو هود بن عاد وبعضهم قال: هو عاد، فلم يؤمنوا،فأهلكوا بالريح كما ورد في القرآن العظيم).
وقال د. عبد العزيز البسام: عاد: هم قوم هود عليه السلام ويعتبرهم الإخباريون أقدم العرب البائدة (ليست بائدة، وقد أوردنا الأدلة القرآنية على هذا) ويضربون المثل بعاد في القدم، فإذا شاهدوا أثاراً قديمة لا يعرفون تاريخها أطلقوا عليها صفة عادية.
وقد ورد ذكر عاد في أشعار العرب في الجاهلية وفي أشعار المخضرمين من العرب، كما ورد ذكرها في القرآن الكريم في قوله تعالى:(وأنه أهلك عاداً الأولى وثموداًً فما أبقى) ويستفاد من قوله تعالى:(وأنه أهلك عاداً الأولى) أن هناك عاداً ثانية. وقد أخبر الله عن ملكهم، ونطق بشدة بطشهم، واهتمامهم بالبنيان الضخم، في قوله تعالى:(كذبت عاد المرسلين، إذ قال لهم أخوهم هود ألا تتقون، إني لكم رسول أمين، فاتقوا الله و أطيعون، وما أسألكم عليه من أجر إن أجري إلا على رب العالمين، أتبنون بكل ريع آية تعبثون، وتتخذون مصانع لعلكم تخلدون، وإذ بطشتم بطشتم جبارين)
ولقد وردت في القرآن الكريم أخبار عن عاد ونبيهم هود، وكيف عصوه
واستكبروا في الأرض، فعاقبهم الله تعالى أشد العقاب، إذ أرسل عليهم ريحاً صرصراً، وصواعق دمرت مساكنهم، وقضت عليهم، وأصبحوا عبرة لمن يعتبر، وفي ذكر عاد يذكر المؤرخون العرب أنه كان رجلاً جباراً عتياً، عظيم الخلقة، وهو عاد بن عوص بن إرم بن سام بن ونوح، وينسبون إلى ابنه شداد بن عاد مدينة إرم، واختلفوا في هذه المدينة، فذهب بعضهم إلى أن المقصود بها دمشق، وذهب آخرون إلى أنها الإسكندرية . بينما ذهب الزمخشري إلى أن شداداً هو الذي بنى مدينة إرم في صحراء عدن أو الإسكندرية وأغلب الظن أن السبب الذي دعا إلى الزعم بأن دمشق أو الإسكندرية . هي إرم ذات العماد كثرة وجود المباني الضخمة والمنشآت العظيمة في هاتين المدينتين . وكانت دمشق من جهة ثانية من أهم مراكز الآراميين.وأن (عاد إرم) إنما تعني (عاد آرام) فالتبس الأمر على المؤرخين فظنوا أن ذات العماد صفة.
وجاء في موسوعة أساطير العرب عن عاد ما يلي: (تتنزل عاد في القصص الأسطورية في زمن قريب جداً ًمن زمن آدم ونوح ولا غرابة أن توصف بصفات تقربها من حجم آدم الكوني أو من عمر نوح الأسطوري . وأن تحملها في فضاء شبه فردوسي،فقوم عاد من سلالة رجل جبار عظيم الخلقة هو (عاد) بن عوص بن(إرم) بن سام بن نوح، وقوم اشتهروا بتمام البنية وكمال الهيئة حتى أن الواحد في هيئة النخلة السحوق طولاً، كما عرفوا بقوة نفوسهم وغلظة الأكباد مثل جدهم وكان عمر ألف سنة ومائتي سنة وتزوج ألف امرأة ورأى من صلبه أربعة آلاف ولد.
وقد تفنن الإخباريون والمفسرون في وصف أحجامهم فجعلوها بين ستين ذراعاً و مائة ذراع طولاً في السماء مثل أبيهم آدم . بل كان رأس أحدهم كالقبة العظيمة وكانت عيون الرجل منهم تفرخ فيها السباع وكذلك مناخرهم(هذا كلام مبالغ فيه) .وكانوا يعبدون من الأصنام صموداً وصداً والهباء).


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.