- ياسين الزكري .. تزامناً مع افتتاح أعمال منتدى المستقبل الثالث لنشر الديمقراطية والإصلاح في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا على شاطئ البحر الميت بالأردن بمشاركة وزراء خارجية مجموعة الثماني الكبرى ودول عربية وإسلامية ودولية، امتلأت ساحات وسط العاصمة اللبنانية بيروت منذ ظهر الجمعة الفائت، وقبل ثلاث ساعات من الموعد المحدد، بجمهور المعارضة اللبنانية التي يتزعمها حزب الله من جهة والتيار الوطني الحر من جهة أخرى بهدف الضغط على الحكومة اللبنانية لإسقاطها. كانت الحرب الإسرائيلية الأخيرة على لبنان والتي اندلعت في يوليو تموز الماضي عامل فخر ونجاح للمقاومة وعامل دمار وكلفة أكبر من مقدرة لبنان لدى الجانب الآخر (الأكثرية) النيابية وبرغم أن اللبنانيين جميعاً تحملوا عناء الحرب وقاوموا كل على طريقته إلا أن الأمر تحول إلى أزمة حكومية ظلت تتصاعد حتى وصلت ذروتها لتعلن المعارضة كما صارت بعد استقالة وزرائها من الحكومة النزول إلى الشارع لإسقاط الحكومة وهو الأمر الذي بدأ تنفيذه عملياً ظهر الجمعة الفائت..يرى جانب من اللبنانيين (الأكثرية النيابية ) أن حل الأزمة يبدأ من (بعبدا) حيث مكتب الرئيس إميل لحود ، ويرى الجانب المعارض أن الحل يبدأ من إسقاط حكومة الأكثرية برئاسة فؤاد السنيورة وتمثل كل رؤية أكمة وراءها عوامل ودوافع عدة.. ففي حين يرى حزب الله وحليفه حركة أمل أن الحكومة الحالية قام فيها الائتلاف على أساس احترام المقاومة وتبني الدفاع عنها ثم تحولت الى حكومة تتوافق مع المطالب الغربية في نزع سلاح حزب الله ما عده تحالف حزب الله /أمل خروجاً عن البيان الحكومي الذي بدأت به الحكومة عهدها يطالب الجانب الآخر في حكومة السنيورة بأن يوافق التحالف سابق الذكر على إنشاء محكمة ذات طابع دولي بشأن قضية اغتيال رئيس الوزراء اللبناني السابق رفيق الحريري واعتبار سوريا ضمن أولوية أسباب ما يعانيه لبنان اليوم من أزمات وفوضى ، والأمر الأخير يرفضه حزب الله بشدة.. وبرغم أن السنيورة إبان حرب يوليو /تموز أدار معركة دبلوماسية ناجحة ومؤيدة للمقاومة إلى جانب النجاح الذي ربما تحقق لأول مرة عربياً في مجلس الأمن من حيث تم استصدار قرار دولي يحقق للبنان ما تبقى دون معارك كمزارع شبعا مثلاً والتوجه نحو تنظيم عمليات تبادل الأسرى ، الاستبسال الذي أبدته المقاومة لعب دوراً أساسياً أيضاً في تحقيق ذلك حيث حققت الحرب أهداف اللبنانيين أكثر مما حققت أهداف الحكومة الإسرائيلية وفي حين ترى الحكومة أن الأمر الموجب للحرب انتهى وبالتالي يمكن البحث عن صيغة أخرى معدلة لوضع المقاومة بعد تحقيق النصر ، يرى حزب الله أن العكس هو المفترض حدوثه أي الاهتمام أكثر بالمقاومة والحاجة لأن تكون أقوى مما سبق حتى تحقق بناء دولة قوية في لبنان قادرة على تحقيق الأمن في الداخل والدفاع عن السيادة على الحدود ، الأمر الذي تعتبره الحكومة إبقاء لبنان جبهة مفتوحة من أجل آخرين ، وجعل احتمالات الحرب مفتوحة على الأرض اللبنانية التي ترى الحكومة الحالية أن حربها مع الإسرائيليين انتهت وبدأت حرب المحاور .فيما تتهم سوريا الأمريكيين والفرنسيين بالتدخل في لبنان .. فقد قال وزير الخارجية السوري وليد المعلم : إن من يتدخل في شؤون لبنان هما الولايات المتحدة وفرنسا ، رافضاً في الآن نفسه اتهامات باريس وواشنطن لبلاده بالتدخل في لبنان. .ووصف المعلم اتهامات باريس وواشنطن لدمشق بالقيام بدور سلبي في لبنان وتورطها المفترض في مقتل سياسيين لبنانيين بأنه "لا معنى له". وأضاف المعلم في تصريحات على هامش لقاء مجموعة "يوروميد" التي تضم وزراء خارجية دول الاتحاد الأوروبي ونظراءهم في حوض المتوسط في تامبيري بفنلندا ": نحن نعرف من يتدخل (في لبنان) إنهم الأمريكيون والفرنسيون. وفي حين يتساءل حزب الله عن الضرر من بقاء سلاح المقاومة مادام تسليح الجيش أضعف بكثير من اللازم وطالما أن سلاح المقاومة لن يستخدم في الداخل ، يتساءل الطرف الآخر عن الحاجة لذلك وقد انتهى أمر الحرب . وكما تعتبر المقاومة أيضاً أن بقاء السلاح يمثل حاجة بسبب ضعف إعداد الجيش ، وتعتبر الأكثرية بقاء سلاح المقاومة فرصة لانفجار حرب محاور على أرض لبنان تديرها إيران مع الولايات المتحدة ويدفع ثمنها لبنان ، الأمر الذي يضعف منطقية عديد اتهامات من قبل المعارضة بعمالة الأكثرية للمشروع الأمريكي ، وكذا منطقية اتهامات الحكومة للمعارضة التي تطالب بحكومة وطنية لبناء الدولة في لبنان الانجرار للمشروع الإيراني ذلك أن استفادة حزب الله من الدعم الإيراني لم تستخدم في تلك الحرب ضد لبنان بقدر ما صنعت توازناً قوياً مع إسرائيل لحماية لبنان . كان اللبنانيون أداروا حوارين للتوصل إلى صيغة توافق قبل وبعد الحرب الأخيرة ، لكن الأمر لم ينتهِ إلى حيث ينبغي ، وخلال الأسبوع الفائت فشل أيضاً لقاء بري/الجميل الذي اقترح فيه ممثل قوى ال14من أذار. أمين الجميل فتح حواراً للاتفاق على ترتيبات لتغيير الرئيس وهو ما اعتبر من قبل المعارضة أمر دون المطلوب . الرئيس أميل لحود داعم للمقاومة ورؤيتها وبالتالي من غير المنطقي أن يضحي به حلفاؤه دون معادلة عامة جديدة تحقق ماهو أكثر وترى أن الطريق لذلك تبدأ من حكومة وطنية ، الغرب يرى في تحركات المعارضة لإسقاط الحكومة رسالة إيرانية سورية أقوى لإثبات وجود فاعل بعد النصر العسكري وهي رسالة تعزز من الأوراق الإيرانية الفاعلة في المنطقة، وذلك ما لايروق للغرب ثمة منافع متبادلة إذاً لكن أشد الأمور صعوبة تفسير هذه أو تلك بالعمالة وهو ما يعلمه اللبنانيون عامة ويحرصون على عدم التصريح به حتى في أحلك الأزمات المشتدة.