مسيرة الهدم والدمار الإمامية من الجزار وحتى الحوثي (الحلقة الثامنة)    مليشيا الحوثي تحاول الوصول إلى مواقع حساسة.. واندلاع مواجهات عنيفة    بعد إفراج الحوثيين عن شحنة مبيدات.. شاهد ما حدث لمئات الطيور عقب شربها من المياه المخصصة لري شجرة القات    اقتحام موانئ الحديدة بالقوة .. كارثة وشيكة تضرب قطاع النقل    السعودية تطور منتخب الناشئات بالخبرة الأوروبية    الشباب يكتسح أبها.. والفتح يحبط الرائد بالدوري السعودي    بالصور: متناسيا أزمته مع الاتحاد السعودي.. بنزيما يحتفل بتأهل الريال    العثور على جثة شاب مرمية على قارعة الطريق بعد استلامه حوالة مالية جنوب غربي اليمن    الطقس المتوقع في مختلف المناطق حتى مساء اليوم الجمعة    طعن مغترب يمني حتى الموت على أيدي رفاقه في السكن.. والسبب تافه للغاية    استدرجوه من الضالع لسرقة سيارته .. مقتل مواطن على يد عصابة ورمي جثته في صنعاء    سورة الكهف ليلة الجمعة.. 3 آيات مجربة تجلب راحة البال يغفل عنها الكثير    نقطة أمنية في عاصمة شبوة تعلن ضبط 60 كيلو حشيش    مركز الإنذار المبكر يحذر من استمرار تأثير المنخفض الجوي    مليار دولار التكلفة الأمريكية لإحباط هجمات الحوثيين في البحر الأحمر    عملة مزورة للابتزاز وليس التبادل النقدي!    إنهم يسيئون لأنفسم ويخذلون شعبهم    رغم وجود صلاح...ليفربول يودّع يوروبا ليغ وتأهل ليفركوزن وروما لنصف النهائي    مولر: نحن نتطلع لمواجهة ريال مدريد في دوري الابطال    طاقة نظيفة.. مستقبل واعد: محطة عدن الشمسية تشعل نور الأمل في هذا الموعد    الفلكي الجوبي: حدث في الأيام القادمة سيجعل اليمن تشهد أعلى درجات الحرارة    شقيق طارق صالح: نتعهد بالسير نحو تحرير الوطن    "لا حل إلا بالحسم العسكري"..مقرب من الرئيس الراحل "علي صالح" يحذر من مخيمات الحوثيين الصيفية ويدعو للحسم    الدوري السعودي ... الشباب يكتسح ابها بخماسية    "طاووس الجنان" و"خادمة صاحب الزمان"...دعوة زفاف لعائلة حوثية تُثير الجدل على مواقع التواصل الاجتماعي بسبب مافيها(صورة)    نقل فنان يمني شهير للعناية المركزة    ارتفاع حصيلة الشهداء في قطاع غزة الى 33.970    تنفيذي الإصلاح بالمحويت ينعى القيادي الداعري أحد رواد التربية والعمل الاجتماعي    لجنة الطوارئ بمأرب تباشر مهامها الميدانية لمواجهة مخاطر المنخفض الجوي    ريال مدريد وبايرن ميونخ يتأهلان لنصف نهائي دوري ابطال اوروبا    مصرع وجرح عدد من العناصر الإرهابية على يد القوات الجنوبية بوادي عومران    انطلاق أعمال الدورة ال33 للمؤتمر الإقليمي لمنظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة (الفاو) لأفريقيا    سقوط 9 مدنيين في الحديدة بسبب الألغام ومخلفات الحرب خلال مارس الماضي مميز    الرئيس: مليشيا الحوثي تستخدم "قميص غزة" لخدمة إيران ودعم الحكومة سيوقف تهديداتها    بمناسبة الذكرى (63) على تأسيس العلاقات الدبلوماسية بين اليمن والأردن: مسارات نحو المستقبل و السلام    إسقاط طائرة تجسس حوثية في شقرة بمحافظة أبين    قبل قيام بن مبارك بزيارة مفاجئة لمؤسسة الكهرباء عليه القيام بزيارة لنفسه أولآ    دراسة: اقتصاد العالم سيخسر 20% بسبب التغيرات المناخية    وفاة مواطن وجرف سيارات وطرقات جراء المنخفض الجوي في حضرموت    آية تقرأها قبل النوم يأتيك خيرها في الصباح.. يغفل عنها كثيرون فاغتنمها    غرق شاب في مياه خور المكلا وانتشال جثمانه    بن بريك يدعو لتدخل إغاثي لمواجهة كارثة السيول بحضرموت والمهرة    "استيراد القات من اليمن والحبشة".. مرحبآ بالقات الحبشي    دوري ابطال اوروبا ... ريال مدريد يطيح بمانشستر سيتي ويتأهل لنصف النهائي    دراسة حديثة تحذر من مسكن آلام شائع يمكن أن يلحق الضرر بالقلب    مفاجأة صادمة ....الفنانة بلقيس فتحي ترغب بالعودة إلى اليمن والعيش فيه    تصحيح التراث الشرعي (24).. ماذا فعلت المذاهب الفقهية وأتباعها؟    10 أشخاص ينزحون من اليمن إلى الفضاء في رواية    خطة تشيع جديدة في صنعاء.. مزارات على أنقاض أماكن تاريخية    وللعيد برامجه التافهة    السيد الحبيب ابوبكر بن شهاب... ايقونة الحضارم بالشرق الأقصى والهند    ظهر بطريقة مثيرة.. الوباء القاتل يجتاح اليمن والأمم المتحدة تدق ناقوس الخطر.. ومطالبات بتدخل عاجل    أبناء المهرة أصبحوا غرباء في أرضهم التي احتلها المستوطنين اليمنيين    وزارة الأوقاف تعلن صدور أول تأشيرة لحجاج اليمن لموسم 1445ه    تراث الجنوب وفنه يواجه.. لصوصية وخساسة يمنية وجهل وغباء جنوبي    تأتأة بن مبارك في الكلام وتقاطع الذراعين تعكس عقد ومرض نفسي (صور)    تخيل أنك قادر على تناول 4 أطعمة فقط؟.. شابة مصابة بمرض حيّر الأطباء!    النائب حاشد: التغييرات الجذرية فقدت بريقها والصبر وصل منتهاه    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



علاج سحري للإيدز .. جري وراء السراب
نشر في الجمهورية يوم 27 - 01 - 2007

الشيخ/عبدالمجيد الزندانينهال لاشين .. اعتدنا خلال السنوات الأخيرة أن نسمع مابين الحين والآخر عن شخص ما استحدث علاجاً جديداً لفيروس الإيدز «HIV» من الأعشاب الطبيعية، ونجد المرضى يقبلون عليه، أما للتجربة فربما يكون علاجاً ناجحاً، أو لأنهم لايملكون الحصول على العلاج الثلاثي الذي أقرته منظمة الصحة العالمية لهؤلاء المرضى.. ولا حرج على المرضى في سعيهم وراء هذه العلاجات، بل ألتمس لهم العذر، فلقد أصابهم الملل والضجر من النظام العلاجي والغذائي والحياتي الذي لا آخر له، ولكن كل الخوف أن يعتمد هؤلاء المرضى على تلك العلاجات التي مازالت قيد البحث والتجريب ويتركوا العلاج الثلاثي الذي ثبتت فعاليته، فيتدهور بهم الحال ونرجع ألف خطوة للوراء في مواجهة هذا الفيروس الضعيف القوي.
ولست هنا معنية بالدفاع عن العلاج الثلاثي أو الوقوف ضد من يحاول البحث عن علاج ناجع لفيروس الإيدز، ولكني أوجه اللوم لهؤلاء المكتشفين الذين يسارعون بالإعلان عن تلك العلاجات دون استكمال الأبحاث التي تجرى عليها وفقاً لشروط البحث العلمي المنضبط والمعترف بها عالمياً بل وآخرون لايخضعون علاجاتهم أصلاً للبحث العلمي وهذا أدهى وأمر.
نموذج من السودان
أحد هؤلاء هو المخترع السوداني عوض أحمد أبو راس رئيس منظمة الصفوة لمحاربة الإيدز، وفيما يخص اكتشافه يقول: «عصير زهرة الشمس غذاء مقوي للجسم والمناعة والدم، وعلاج نهائي أو فعال للإيدز».
المخترع أبو راس ليس طبيباً ولامتخصصاً في طب الأعشاب، ولكنه «مخترع» هكذا عرف نفسه لي، وكذا على موقعه الخاص: http://www.aboras.com
وعندما سألته: كيف يهاجم هذا الزيت فيروس الإيدز، وماهي ميكانيكية عمله؟ وإلى أين وصلت أبحاثه؟ قال: «لاأعرف ميكانيكية عمل العلاج، أنا لست باحثاً أنا مخترع، مهمتي هي اكتشاف أشياء مفيدة للناس».
وبالرغم من هذا نجد إقبالاً من مرضى الإيدز السودانيين على تناول هذا العلاج، فيقول عمر «حامل لفيروس الإيدز من السودان»: «نظراً لانقطاع العلاج الثلاثي وعدم توفره بالسودان اضطررت أنا وزوجتي للجوء إلى المخترع عوض أبو راس، واستخدام زيت زهرة الشمس».
وأضاف: «نقوم بعمل تحليل كل شهر لقياس قدرة جهاز المناعة ونجد تحسناً ملحوظاً في نتائج التحاليل».
وتؤكد الدكتورة خديجة معلى مستشارة سياسات الإيدز ببرنامج الأمم المتحدة الإنمائي على أن حاملي فيروس الإيدز في السودان يقبلون على استخدام علاج مستخلص زيت دوار الشمس نظراً لوجود قصور في وصول العلاج الثلاثي إليهم، وهم معذورون في ذلك.
وتضيف:« ربما كانت هذه العلاجات تعمل على رفع كفاءة الجهاز المناعي للجسم وهو الجهاز الذي يهاجم فيروس الإيدز خلاياه، ولكن مثل هذه العلاجات الطبيعية كثيرة، فزيت حبة البركة والعسل وغيرها يفيدون في رفع كفاءة الجهاز المناعي، ولكنها ليست علاجاً حاسماً للفيروس».
الإيدز..معركة الهجوم والدفاع
ولنا هنا وقفة مع الدكتور عبدالهادي مصباح أستاذ علم المناعة والميكروبيولوجي «حتى نفهم كيف يغزو فيروس الإيدز خلايا الجهاز المناعي للجسم؟ وكيف يهاجم العلاج الثلاثي الفيروس؟ ومتى يمكننا القول بوجود علاج ناجع لفيروس الإيدز» حيث يقول:
إلى كل من يسعى إلى اكتشاف علاج جديد لفيروس الإيدز أقدم هذا الشرح الوافي لكيفية غزو فيروس الإيدز للجهاز المناعي بجسم الإنسان،وكيف تتصدى له العلاجات الحالية التي اعتمدتها منظمة الصحة العالمية ويطلق عليها «العلاج الثلاثي»:
لكي نفهم كيف يتم علاج الإيدز من خلال الأدوية المختلفة ينبغي أن نفهم كيف يغزو الفيروس الخلايا التائية المساعدة T4 التي تعد بمثابة المايسترو لأوركسترا الجهاز المناعي، فالفيروس عبارة عن حامض نووي آر إن إيه RNA، محاطاً بغلاف بروتيني متعدد الطبقات، وتوجد على هذا الغلاف الأسلحة التي يغزو بها الفيروس الخلايا التائية المساعدة، وهي على شكل شوكة مثل المفتاح الذي يبحث عن «كالون» قفل على شكل مستقبلات معينة على جدار الخلية المناعية تسمى CD4، وأيضاً مايسمى chemokine receptors،ويفتح الفيروس باب الخلية تاركاً الغلاف البروتيني بالخارج ليدخل الحامض النووي للفيروس، وهنا يمكن التدخل من خلال أدوية تمنع دخول الفيروس إلى الخلية وتسمى Fusion Inhibitors.
متى وكيف يعمل العلاج
ولأن الحامض النووي داخل الخلية البشرية عبارة عن دي إن إيه DNA، فإن الفيروس في حاجة لأن يتحول إلى دي إن إيه عن طريق إنزيم هام موجود في تكوين الفيروس يعطيه هذه القدرة على التحول ويسمى «ريفيرس ترانس كريبتيز» Reverse Tarnscriptase، الذي يساعد الحامض النووي للفيروس على الاندماج مع الحامض النووي للخلية البشرية، وهنا يمكن التدخل من خلال أدوية مثبطة لهذا الإنزيم Reverse Transcriptase inhibitors ويوجد منها أنواع كثيرة.
ثم بعد ذلك يوظف الفيروس الحامض النووي للخلية المناعية لحسابه لكي يتكاثر وينمو ويترجم نفسه إلى فيروسات كاملة النمو عن طريق انزيمات أخرى هي: بروتييز،إنتيجريز، وتخرج من الخلية الواحدة بعد أن تنفجر ملايين الفيروسات التي تعاود الكرة مرة أخرى لتعدي الخلايا المناعية حتى تقضي على جهاز المناعة بالكامل، وهنا تكمن الضربة الأخيرة من مثبطات انزيم البروتييز Protease inhibitors من أجل التثبيط الكامل للفيروس من خلال هذا الكوكتيل من الأدوية والضربات.
وبناءً على هذا الشرح فإن الأدوية المستخدمة لعلاج الإيدز وتصل إلى أكثر من 20 دواء تم إجازتها، تعمل على المراحل المختلفة من دورة حياة الفيروس من أجل تثبيطه ومنعه من التكاثر، وهدم القوة الضاربة للجهاز المناعي، وهي الخلايا التائية المساعدة.
الفحوصات تؤكد نتيجة العلاج
وبالتالي فإن متابعة نجاح الكوكتيل الذي يستخدم للعلاج يكون من خلال متابعة نسبة كثافة الفيروس في الدم، وأيضاً عدد الخلايا التائية المساعدة CD4،ونسبتها إلى الخلايا المثبطة CD8، وبواسطة العلاج الناجح يختفي الفيروس تماماً من الدم، ويظهر هذا في تحليل ال PCR، ويزداد عدد الخلايا التائية المساعدة، ويعود الجهاز المناعي إلى حالته الطبيعية، ويعيش المريض حياة طبيعية طالما أنه يتناول هذا العلاج.
وعلى الرغم من عدم وجود الفيروس في الدم مع تناول العلاجات، فإن بصمة الحامض النووي للفيروس تهرب لتختفي في بعض خلايا المناعة في السائل النخاعي أو في الكبد أو الطحال أو الغدد الليمفاوية،وهي أماكن لايستطيع العلاج أن يصل إليها.
والحقيقية أن هناك تقدماً هائلاً في علاج فيروس الإيدز حتى أنه أصبح من ضمن قائمة الأمراض القابلة للتحكم والسيطرة، طالما أن المريض يتناول علاجها بصفة دائمة، تماماً كضغط الدم والسكري وغيرها من هذه النوعية من الأمراض ويطلق عليها Controllable Diseases.
ليس هذا فحسب بل أن تناول بعض هذه الأدوية يعد ضرورة قصوى ونوع من الوقاية لمنع انتقال الإيدز من الأم الحامل المصابة بالعدوى إلى مولودها، وأصبح العلاج على شكل «كوكتيل» من ثلاثة أدوية أو أكثر مضادة للفيروس نفسه، يؤدي تعاطيها إلى انخفاض نسبة كثافة الفيروس، وأيضاً تحسين قدرة الجهاز المناعي، بحيث تزول أعراض العدوى الانتهازية التي تسبب وفاة المريض.
ويعود المريض ليصبح إنساناً طبيعياً منتجاً مرة أخرى، وهناك الآن أكثر من 20 دواء معتمداً من منظمة الأغذية والدواء من مجموعة مضادات الفيروسات التي يمكنها علاج فيروس الإيدز وتحجيمه، واستعادة نشاط وقدرات الجهاز المناعي، وقد تحسن أسلوب تناول مثل هذه الأدوية بحيث يسهل على المريض تناول الأدوية الثلاثة في قرص واحد مرتين يومياً، بعد أن كان المريض يتناول مايقرب من 20 قرصاً يومياً.
الأمل الأكبر.تطعيم ناجح
وهناك الآن نوع من العلاج الذي نأمل في أن يقضي على الفيروس نهائياً تم تجريبه على الفئران بنجاح، ويتم الآن تجريبه على الإنسان، وهو مايسمى بالعلاج الإشعاعي الموجه radio- immunotherapy والذي يعتمد على عمل أجسام مضادة ضد بروتين موجود على الغلاف الخارجي لفيروس الإيدز يسمى GP41، وبالتالي تدخل هذه الأجسام المضادة، لتبحث عن هذا البروتين حتى داخل الخلايا التي يمكن أن يختبئ بداخلها الفيروس فتقضي عليه نهائياً.
لعل الأمل الأكبر الذي يراود العلماء الآن هو إيجاد تطعيم أو فاكسين للوقاية من عدوى الإيدز، وهو أمر في غاية الصعوبة لعدة اعتبارات أهمها بإيجاز: أن هناك سلالات عديدة من الفيروس يجب التصدي لها وهي قادرة على إحداث طفرات بسرعة شديدة جداً، وبالتالي لايؤثر فيها التطعيم أو الأجسام المضادة التي سبق تكوينها لهدف معين في السلالة التي تغيرت وحدثت فيها الطفرة.
كما أن التطعيم المثالي يجب أن ينشط جناحي الجهاز المناعي: الجناح الخلطي الذي يفرز قذائف مدفعية أو أجسام مضادة، والجناح الخلوي الذي يحارب بطريقة رجل لرجل أو خلية لخلية، وأيضاً من خلال حرب كيماوية ومواد مناعية مضادة.
وفيروس الإيدز يسكن داخل الخلايا التي تمثل القيادة أو المايسترو بالنسبة للجهاز المناعي، وهي الخلايا التائية المساعدة T4 ، تماماً مثل اللص الذي يرتدي زي «الحكمدار» ويختبئ في مديرية الأمن أو قسم الشرطة، ولذلك فالتطعيم المطلوب إيجاده يجب أن يكون هدفه ليس الفيروس الحر الطليق في الدم فقط، ولكن أيضاً ذلك الفيروس المختبئ داخل خلايا قيادة الجهاز المناعي، ليتعرف عليها ويدمرها، ويترك الخلايا السليمة دون أن يدمرها، وهي مهمة في غاية الصعوبة.
وحتى الآن تم تجريب 50 نوعاً من التطعيم على ثلاثة آلاف مواطن سليم لمعرفة التأثير الذي يمكن أن يحدث لهم عند تعرضهم لعدوى فيروس الإيدز فيما بعد، وقد دخل 27 التطعيمات المرحلة الثانية من التجارب العملية، وهناك اثنان يتم تجربتهم الآن على مستوى المرحلة الثالثة في إحدى الدراسات في تايلاند وفي أفريقيا، وأحدهما عبارة عن بروتين من مكونات الغلاف الخارجي لفيروس الإيدز HIV، يوضع داخل وعاء من الفيروسات الأخرى غير الضارة مثل فيروس الجديري مثلاً، ويتم حقن المريض به.
الفيروس..خدعهم وهرب منهم
وبعد هذا الشرح المفصل يتضح أنه على الرغم من عدم وجود الفيروس في الدم مع تناول العلاج الثلاثي، فإن بصمة الحامض النووي للفيروس تهرب لتختفي في بعض خلايا المناعة في السائل النخاعي أو في الكبد أو الطحال أو الغدد الليمفاوية،وهي أماكن لايستطيع العلاج أن يصل إليها.
فهل قام المخترع أبو راس وغيره من المكتشفين لعلاجات الإيدز بأخذ عينة من هذه الأماكن بعد فترة العلاج للتأكد من اختفاء الفيروس تماماً من جميع خلايا الجسم، ليقول إنه علاج نهائي؟ هذا إذا فرضنا طبعاً أن التحليل أثبت عدم وجود الفيروس في الدم بشكل قاطع بعد انتهاء فترة العلاج.
اليمن..نموذج آخر
بالطبع لا، وهذا ماأكدته رواية أخرى للدكتور حسني الجوشعي نائب مدير مستشفى جامعة العلوم والتكنولوجيا باليمن، وهو أحد من يسعى لاكتشاف علاج حاسم لفيروس الإيدز ضمن فريق بحثي يضم 6 أطباء من جامعة المنصورة بمصر، و5 أطباء من اليمن، و4 من السعودية وعلى رأسهم الشيخ عبدالمجيد الزنداني رئيس جامعة الإيمان اليمنية، الذي أعلن منذ بضع أسابيع عن اكتشافه علاجاً من الأعشاب الطبيعية للشفاء من مرض نقص المناعة المكتسب «الإيدز».
وقال الزنداني وفريقه العلمي بأن نحو 15 شخصاً استطاعوا التخلص من الفيروس خلال فترة تراوحت من ثلاثة أشهر إلى سنة بعد تعاطيهم العلاج، مشيراً إلى أن الفحوصات الطبية أثبتت خلوهم من الفيروس.
تلك الفحوصات هي: فحص ال CD4 وال CD8 وتحليل ال PCR، وهي الفحوصات الدورية المعروفة لمرضى الإيدز والتي تكشف عن نسبة الفيروس في الدم، وكفاءة الجهاز المناعي فقط، لكنها لاتنفي وجود الفيروس في خلايا المناعة التي يهرب إليها أثناء فترة العلاج.
يقول الجوشعي:« إذا كان الفيروس موجوداً بالفعل في خلايا المناعة للسائل النخاعي أو في الكبد أو الطحال أو الغدد الليمفاوية، فبماذا نفسر عدم رجوع الفيروس للدم بعد إيقاف العلاج لمدة 6 أشهر؟».
إلا أن الزنداني أوضح بأنه لايجب أن نقول بالشفاء التام، قائلاً:«لأن الفيروس قد يختفي في مكان آخر ومن أجل ذلك وضعنا في الخطة البحثية التطبيقية أن يجلس المريض ثلاثة أشهر بعد فترة العلاج للتأكد من أن الفيروس لايزال موجوداً مختفياً أم أنه قد زال تماماً».
وأكد أن هناك 13 من المرضى استجابوا للعلاج، 5 منهم شفوا تماماً من الفيروس وأنه بعد انقطاع العلاج كانت نتائج التحاليل نافية لوجود الفيروس في الدم، أما ال5 الباقون فلقد سافروا إلى دولهم وانقطع الاتصال بهم، ونقوم الآن بتجريب العلاج على مجموعة أخرى مكونة من 25 مريضاً.
وأضاف الجوشعي: لقد قمنا بتجريب سمية العلاج على الأرانب، كما تم تجريب تأثير العلاج على أطباق المعامل، ثم على الفئران في جامعة الملك عبدالعزيز بجدة وأثبتت فعاليته ضد الفيروس».
ورفض الشيخ الزنداني وكذلك الدكتور الجوشعي إعطاء تفاصيل عن الأعشاب ومكان تواجدها وذلك لضمان عدم تسريب الاختراع قبل براءته، وأوضح أن اكتشاف العلاج لم يكن من باب الصدفة، مشيراً إلى أن البحث فيه يعود إلى 15 عاماً عندما شكل فريق بحث في المدينة المنورة بحثاً في الطب النبوي والإعجاز الطبي في السنة النبوية.
ويقول الدكتور الجوشعي بأن هذه الأعشاب وردت في كتاب الطب النبوي وكان يستخدمها الرسول صلى الله عليه وسلم في علاج بعض الأمراض الشبيهة بالأمراض الفيروسية، وذكر أن العلاج في طور التسجيل الآن لدى إحدى شركات الأدوية.
انتبهوا أيها السادة
لكن هل يعقل أن تقوم أي شركة من شركات الأدوية بتبني علاج لمرض كالإيدز لمجرد أنه أثبت فعاليته على 5 أشخاص فقط؟ وهل تم هذا البحث طبقاً لمواصفات وشروط البحث العلمي المنضبط؟ وهل ياترى حصل الباحثون على ترخيص رسمي بعمل هذا البحث واختباره على البشر؟
وبالرغم من كل هذه الشكوك وعلامات الاستفهام، فإننا لانريد أن نسيء الظن بأحد، ولانريد أن نحكم حكماً مسبقاً، خاصة أنه كما ذكر د.الجوشعي قد تم إعطاء نتائج هذا البحث لشركة أدوية متخصصة، ولابد أن هذه الشركة ستقوم بتقييم هذه النتائج وتجربتها بطريقة علمية وبحثية سليمة، ولن تجرؤ أي شركة على طرح أي دواء بدون دراسة وافية وبدون تصريح رسمي.
ويؤكد الدكتور هاني زيادي المسؤول الطبي لقسم الإيدز بالمكتب الاقليمي لمنظمة الصحة العالمية لشرق المتوسط، أن دور منظمة الصحة العالمية يأتي بعد اعتماد شركات الأدوية للعلاج، ومن ثم يأتي دور المنظمة في إخضاع العلاج للبحث، ومطابقته لمعايير البحث العلمي المنضبط، وإلا فلن تقبله في قائمة الأدوية التي توفرها لعلاج مرض الإيدز.
من هذا المنطلق فإنني أنصح جميع حاملي فيروس الإيدز بالصبر والتريث، ويوم أن يوجد دواء معتمد يحقق الشفاء التام من هذا المرض فإن هذا الدواء لن يتم تداوله بطريقة محدودة أو سرية، بل سيصاحب ظهوره ضجة وضجيج، لا على المستوى المحلي فحسب، بل على مستوى العالم بأسره.
وأخيراً..فإني أعتذر لكل من فتح هذا المقال بحثاً عن دواء جديد لعلاج الإيدز فلم يجد غير سراب بقيعة يحسبه الظمآن ماء.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.