- إعداد/وهيب المقرمي .. مرض الملاريا مرض خطير مميت يصيب الصغار والكبار، حتى الأجنة في بطون الأمهات، فماذا عن المرض وعن بدايته الأولى؟ وماهي أعراضه وعلاماته؟ وكيف يمكن التخلص منه بالوقاية والعلاج؟ ومامدى خطورته؟ وماذا عن الاستعدادات والجهود المبذولة لدحره ومكافحته؟ أولاً: البداية والظهور تشير بعض الدراسات العلمية إلى أن وباء الملاريا قديم قدم الإنسان على وجه الأرض وله تسميات مختلفة، وقد تطرقت الحضارات القديمة لهذا المرض بشكل محدود أمثال «السبئيين، قدماء المصريين، البابليين، السومريين، الصينيين، قدماء علماء الإسلام». وكلمة الملاريا تعني الهواء الفاسد لاعتقادهم بأن هناك علاقة بين الهواء الفاسد وظهور الأعراض. كما أن الايطاليين كانوا يسمونها بالحمة الرومانية واطلقوا عليها malaria وتسمى بالملاريا في لغات عديدة كما هو مسمى اليوم. أما في اللغة العربية فيطلقون عليها «البرداء» نسبةً إلى احدى أعراضها المسماة بالبرودة أو العروة، ويعرف بين أوساط السكان بالحمى أو السخونة أو البرد أو النافض. ويرجع تاريخ مكافحة الملاريا في اليمن إلى عقد الأربعينيات، حيث بدأها الانجليز في دلتا أبين كي لاتتنفس الملاريا في تلك المنطقة الخصبة التي استخدموها لمشاريعهم الزراعية التي كانت تمول القوات البريطانية المتواجدة في عدن آنذاك. التعريف: الملاريا مرض يصيب الإنسان يسببه طفيلي من جنس «بلازموديوم، فيفاكس، الفالسباروم، الاوفالي» وتنقله بعوضة الاونوفليس ويتكون داخل كرات الدم الحمراء بالخلايا الكبدية، وهناك ثلاثة أنواع من طفيلي الملاريا في اليمن التي تصيب الإنسان منها الخبيثة الحميدة الرباعية. الأعراض والعلامات: تمر أعراض الملاريا وعلاماته بثلاث مراحل: 1 المرحلة الباردة. 2 المرحلة الحارة. 3 مرحلة العروه. وتظهر على المريض خلال هذه المراحل علامات مرضية تشمل الصداع والوعكة وفقدان الشهية وآلام العضلات والتعب والدوار، ونوبة الملاريا تبدأ بالشعور بالبرد مصحوباً بقشعريرة وإزرقاق في الوجه والعين، وأعراض أخرى مثل السعال الجاف والأم البطن والقي، وتستمر الأعراض لعدة أيام لتأخذ النوبات بعدها شكلاً دورياً وتتكون الدورة النموذجية من مرحلة البرد إلى مرحلة الحمى وتتكرر بين 48 72 ساعة بحسب نوع الملاريا، ويشعر المريض بالراحة بين نوبة وأخرى ويؤدي استمرار الحالة المرضية إلى حدوث النوبات في أوقات متقاربة تسوء معها حالة المريض الصحية وينتابه صداع شديد وأعياء وهذيان ووهط ويرقان واسهال مدم ونعاس أو سبات. الوقاية والعلاج: لدحر مرض الملاريا يجب القضاء على مصادر توالد البعوض الناقل للملاريا بعدة طرق: 1 ردم الحفر والمستنقعات وتغطية الخزانات والآبار والبرك وتجفيف أحواض الري مرةً واحدةً في الأسبوع لمنع توالد يرقات بعوض الملاريا. 2 إزالة الحشائش الكثيفة وشق التجمعات المائية التي قد تتجمع فيها المياه الراكدة المهيأة لتوالد بعوض الانوفيلس. 3 الصيانة المستمرة لمواصير المياه لمنع تسرب المياه وإلزام المقاولين بعدم ترك أي حفر تتجمع فيها المياه التي تكون بؤراً صالحاً لتوالد البعوض. 4 تنفيذ برامج رش تجمعات المياه الراكدة بمبيدات قاتلة ليرقات البعوض. الوقاية الشخصية: الوقاية الشخصية هامة جداً لحماية الشخص من لسعات البعوض الناقل للملاريا وتتم بعدة طرق: استخدام الناموسيات بطريقة محكمة وتركيب الأسلاك على الشبابيك دون ترك أي من منفذ لدخول البعوض. رش الغرف بالمبيدات الحشرية قبل النوم بساعة واحدة والتخلص من أي تجمعات مائية في أفنية وأحواض المنازل وأخذ العقاقير الوقائية مثل استخدام الكلوركوين بجرعة حبتين أسبوعياً في المناطق الموبوءة بالملاريا أو عند السفر إلى المناطق الموبوءة. استخدام الأجهزة الطاردة للحشرات. استخدام الدهون الجلدية المختلفة. النوم تحت المراوح في المناطق الحارة. خطورة المرض والجهود المبذولة: تشكل الملاريا أزمة اقليمية عالمية،تحصد مايقارب مليوني شخص سنوياً في العالم وتسجل مايزيد عن ثلاثمائة مليون حالة بمعدل أكثر من ثلاثة آلاف شخص يومياً وعشر حالات كل ثانية من الزمن. وتشير الاحصاءات الوطنية في اليمن إلى أن أكثر من عشرة آلاف شخص يموتون سنوياً بسبب هذا الوباء إلى جانب مايزيد عن مليون اصابة في العام. نتيجةً لهذا المرض القاتل الذي يعصف بأرواح البشر يوماً بعد يوم محدثاً فاجعةً كبرى، ومخلفاً بين أوساط الأسرة والمجتمع مأساة وحزناً، فنرى اطفالاً وشباباً يموتون في مقتبل العمر وريعان الشباب، ونرى أسرة تنتقل عدوى المرض بين أفرادها فتقضي عليهم وتحصدهم جميعاً، وهذا هو الحاصل فعلاً. من أجل ذلك كله شعرت الدولة ووزارة الصحة بخطورة المرض، فدأبت لبذل جهوداً حثيثةً مضنية لدحر ومكافحة المرض ولإنقاذ الناس من هذا الداء. وأخذت الملاريا الأولوية لدى الجهات المسئولة وأصبحت في مقدمة المشاكل الصحية في البلاد وهو ماأكده تفاعل القيادة السياسية مع هذا الموضوع وتجسد ذلك في اهتمام فخامة الأخ/علي عبدالله صالح رئيس الجمهورية بتوجيهاته للحكومة لتبني دور المكافحة ليعلن عام 2001م عاماً لتدشين البرنامج الوطني لمكافحة الملاريا. من جانب آخر ظهر دور وزارة الصحة من خلال خطتها الخمسية 2001 2005م التي وضعت الآليات الملائمة للمكافحة ودحر الملاريا بشتى المحافظات وبدأت الوزارة بهذه التجربة في جزيرة سقطرى، وكانت نموذجاً يحتذى بها لمختلف المناطق. كما يلعب البرنامج الوطني لمكافحة الملاريا دوراً بارزاً في هذا المجال حيث يقيم الدورات التدريبية والتنشيطية لعدد من الكوادر الصحية وتوزيعهم بشكل فرق ميدانية، يتم تدريبهم حول طرق مكافحة الوباء في مختلف محافظات الجمهورية. كما أن هناك تعاون قائم لدحر الملاريا عبر دورات تنشيطية أخرى تنظمها منظمة الصحة العالمية مع بلادنا والسودان وايران وتعاون مشترك مع السعودية وعمان وغيرها.