الهوس بالهواتف المحمولة باليمن دخل مؤخراً مرحلة جديدة تفتقت فيها ذهنية مستخدميها، من المثقفين والصحافيين تحديداً ، عن استخدامات جديدة ، وصلت إلى حد توظيف خدمة الرسائل الهاتفية على اختلاف وسائطها في إثارة أسئلة ثقافية ومناقشتها، كما صار صحافيون يجرون بواسطتها استطلاعات رأي.. هذه التجربة التي لاتزال في بدايتها حاولنا - بواسطة رسالة (الجوال) أيضاً- قراءة جدواها، ومعرفة إمكانات نجاحها. كثيرة هي الأسئلة التي تتزاحم في رأسك ، ويشع بريقها بين الحين والآخر، وتتمنى لحظتها لو كنت ملتئماً بأصدقائك لمناقشتها، وقبل ذلك أنت مثل أي فرد بالمجتمع بحاجة إلى تقديم نفسك، والترويج لأفكارك، على الأقل في إطار دائرة أصدقائك؛ من هنا جاءت فكرة توظيف خدمة رسائل الهاتف المحمول (الرسائل القصيرةsms أو الرسائل الصوتية أو رسائل الوسائط الأخرى بما فيها الإيميل) لما يخدم ما سبق وذكرناه ؛ فتبدأ الحكاية بإثارة سؤال ما، ومن ثم إرساله برسالة محمول إلى من تريد من الأصدقاء، الذين يتفاعلوا تباعاً بالإجابة عليه، ومناقشة فكرته برسائل مماثلة. وفي حال آخر تجد البعض قد يبعث برأيه في قضية طرأت لحظتها إلى من يريد من أصدقائه ليغنوه ويثروه بردودهم سواء عبر الرسائل القصيرة للمحمول أم عبر رسائل البريد الالكتروني في حال حددت لهم عنوانك الالكتروني في ذيل سؤالك. وبهذا - كما يقول أحدهم - تبقى قنوات الحوار بين الجميع مفتوحة أينما وجدوا وفي أي وقت وفي أي موضوع.. هذه العدوى امتدت للصحافة فأخذ البعض يجري استطلاعات بواسطة الرسائل القصيرة، لكن الصحافيين لا يرون فيها عدوى وإنما ابتكاراً يخصهم!!. فيما ينكرون جدوى هذه التجربة في إدارة نقاش ثقافي. فوزي الكاهلي الصحافي بجريدة (الناس) الأسبوعية المستقلة التي تصدر بصنعاء من الصحافيين الذين لهم تجربة في استخدام رسائل الهاتف المحمول في إجراء استطلاع صحفي يقول: عندما فكرت باستخدام الموبايل في تنفيذ استطلاع صحفي كان الأمر من باب استهلاك وحدات أوشكت فترة صلاحيتها على الانتهاء؛ لكنني فوجئت بنتائج لم أتوقعها وخرج الاستطلاع إلى النور تجربة ناجحة. وأكد (الكاهلي) أن استخدام الموبايل في الاستطلاعات تجربة أثبتت نجاحها وتترسخ عناصرها مع الأيام.. أما بالنسبة لاستخدام نفس التقنية في إدارة نقاش ثقافي فهو أمر يراه صعباً وغير مجدٍ إن لم يكن غير ممكن. لكن تجربة الكاتب والمفكر أحمد الاسودي/رئيس مركز القرن ال21 للتجديد وصاحب سلسلة إصدارات (نحو تفكير بلا حدود) تؤكد أن استخدام (الموبايل) في التفاعل والنقاش الثقافي هو أمر ممكن ومثمر في نفس الوقت.. فأحمد الأسودي من أكثر مثقفي اليمن استخداماً لرسائل الهاتف المحمول في توصيل أفكاره ومناقشتها مع أصدقائه وهو ما أكده لنا قائلاً: "لقد خدمتني رسالة الجوال خدمة عظيمة لا توصف، فهي وسيلتي الرئيسة لتوصيل أفكاري إلى ساحة واسعة وبشكل سريع وفعال.. وزاد مؤكداً أن إمكانية استفادة الجميع منها ميسرة.. وأضاف: "برسائل الجوال سيكون هذا الهاتف قادراً على الإسهام الفاعل ثقافياً وإعلامياً. وحتى يكون هذا الهاتف وسيطاً فعالاً (ثقافياً وإعلامياً) ونستطيع من خلاله إدارة نقاش ثقافي وإجراء استطلاع صحفي بنجاح؛ يشترط الشاعر والصحافي علي المقري ضرورة توفر إرادة مشتركة من الأطراف، موضحاً: "كما يبدو لي فبالإمكان بواسطة الموبايل إدارة نقاش ثقافي إذا أراد اثنان ذلك، سواء عبر الرسائل أو الصوت، أما إذا زاد العدد فسيواجهون الكثير من الصعوبات التقنية كتحديد من له الكلام أو الرد بعد كل رأي أو متحدث، إلا إذا استخدمت تقنيات الإنترنيت عبر الموبايل، والتي تتيح عمل حلقات النقاش تلك بعدد من الوسائط". وبالنسبة لاستخدام هذه التقنية في إجراء استطلاع صحفي يضيف المقري: "يبدو لي أن بالإمكان إجراء استطلاع صحافي بواسطة الموبايل، وأيضاً إذا ما رغب الطرفان بذلك سواء بالطريقة الصوتية أم عبر الرسائل خاصة وأن الأجهزة الحديثة أصبحت تستوعب الكثير من الكلمات وتقدم خدمة التصوير". عبدالله حزام/مدير عام الصحافة الالكترونية بوكالة الأنباء اليمنية «سبأ»، التي تعد أسرع مؤسسات الإعلام اليمني نمواً تقنياً - يرى أن استخدام الهاتف المحمول صحفياً سيتجاوز استطلاعات الرأي إلى استخدامه في عمل الاستبيانات والاستفتاءات، مشيراً إلى أن هذا هو ما تعد الوكالة لاستخدامه في القريب المنظور. واستدرك قائلاً: لكن ما يجب أن يعرفه الجميع هو أن نجاح استطلاعات الهاتف المحمول مرتبط كثيراً بالموضوعات التي تستدعي ردود الفعل السريعة والموجزة. ومضى (حزام ) موضحاً: "إن تنفيذ استطلاع صحفي برسالة هاتف جوال يوفر الكثير من الوقت والجهد؛ فالميزة هنا هي سرعة الوصول إلى المصادر بسؤال الاستطلاع، وتمكينها من الرد وإرسال الإجابة إليك، وأنت جالس على مكتبك، وتلك ما تحتاج إليه الصحافة أحياناً، بمعنى أن استخدام هذه التقنية صحفياً سيظل مقتصراً في موضوعات معينة وظروف معينة". ما تناوله عبدالله حزام ذهب إليه الشاعر الشاب/عبدالغفور سلام الذي كثيراً ما يثير تساؤلاته ويناقش إجابتها مع عدد من أصدقائه عبر رسائل هاتف الجوال، ورغم ذلك فإن توظيف رسائل الموبايل صحفياً أو ثقافياً يبقى - من وجهة نظره - نسبياً في موضوعاته ونتائجه، كما انه لا يغني عن النقاش والحوار المباشر، مستدركاً: لكن هذا لا يلغي إمكانية الاستفادة من الموبايل صحفياً وثقافياً، فقد لمست بنفسي فائدته ثقافياً وهآنذا ألمس فائدته صحفياً من خلال تفاعلي مع هذا الاستطلاع عبر رسالة موبايل".