ازداد الطلب في الآونة الأخيرة على شراء الكتب والملازم التي تحتوي على كم هائل من رسائل الموبايل التي يتبادلها الكثير من أفراد المجتمع وعلى وجه الخصوص المراهقون من الشباب والشابات عبر الهواتف النقالة أو من خلال شبكة الإنترنت ونتيجة لكثرة الإقبال على شراء هذه الكتب فقد لجأ العديد من أصحاب دور النشر إلى الاستيراد لإشباع رغبة شريحة واسعة من الشباب الذين صاروا مهووسين برسائل الموبايل ويتسابقون على الظفر بالجديد في هذا الجانب وهو الأمر الذي شجع البعض على جمع وتدوين كل ما يقع تحت أيديهم من رسائل ومن ثم القيام بطباعتها للاستفادة من ريع بيعها. ملحق «الإنسان» غاص في أغوار بعض الشباب والمختصين وناقش معهم أسباب تهافتهم على شراء هذه الكتب وما هي الانعكاسات التي تعود عليهم من وراء الاعتماد على التعبير بمشاعر الغير والإحساس بإحساساتهم وهي مشاعر مستنسخة وأحاسيس متصنعة وفي الغالب ما تكون مضامينها هابطة وغير منطقية، وفيما يلي حصيلة هذا التحقيق الصحفي استهلال تشير العديد من الدراسات والأبحاث الصادرة عن دور النشر والمراكز البحثية التابعة لها والتي تقوم بتحديد اتجاهات الوسط المجتمعي الثقافية والمعرفية إلى أن سوق مؤلفات رسائل الموبايل حققت انتعاشاً ملحوظاً في الدول العربية عقب الطفرة المشهودة التي شهدها قطاع الاتصالات النقالة، حيث تزايد الطلب عليها وخصوصاً من قبل الشباب والشابات في سن المراهقة وباتت هذه المؤلفات تمثل النبع الذي ينهل منه هؤلاء برسائل الموبايل وبحسب استطلاع الرأي أجراه أحد المهتمين بهذا الجانب فإن نسبة %55 على الأقل يعتمدون على مؤلفات رسائل الموبايل نظراً لكونها جاهزة ولا تحتاج إلى الجهد والتفكير في صياغتها.. وأشار الأخ إبراهيم المثنى أن الاستطلاع الذي قام به عبر شبكة الإنترنت أظهر اعتماد الشباب بنسبة كبيرة على هذه المؤلفات بصورة حرفية بخلاف الشابات اللواتي يعتمدن على هذه المؤلفات بنسبة محدودة ويحرصن على تأليف وكتابة الكثير من الرسائل بصورة ذاتية وبين الاستطلاع أن نسبة %75 من الذين شملهم يحرصون على متابعة الجديد في هذا الجانب بالنسبة للذكور مقارنة بالإناث اللواتي بلغت نسبة متابعتهن لجديد رسائل الموبايل %45، وأفرزت نتائج الاستطلاع اعتماد نسبة %25 من المشمولين في الاستطلاع على المواقع الإلكترونية على الإنترنت في الحصول على آخر جديد رسائل الموبايل و%15 يعتمدون على ما تم تداوله بين الأصدقاء من رسائل، فيما أشار نحو %5 من الذين استهدفهم الاستطلاع إلى أن المسألة لا تحتاج لكل هذا الجهد حيث ينظرون إلى أن مسألة الرسائل نابعة من مشاعر وأحاسيس صادقة تصدر بشكل ذاتي دون تصنع ولا تحتاج لمؤلفات ولا إلى كتب. إقبال متزايد الأخ حسام الريمي صاحب بسطة لبيع الكتب تحدث قائلاً: رسائل الموبايل هي الكتب التي تضرب السوق هذه الأيام الشباب دائماً يبحثون عنها ونحن نبيع كميات كبيرة من هذه الكتب وخصوصاً في الأعياد والمناسبات وخصوصاً الكتب المستوردة لأنها تأتي برسائل جديدة عكس الكتب المحلية ففاعليتها رسائل مستهلكة وأصحابها همهم الأول والأخير هو الربح المادي، وحول رأيه الشخصي حول هذا الموضوع أشار إلى ذلك بقوله: أنا بصراحة مش مقتنع بموضوع الرسائل لأن المعزة والاحترام والحب للآخرين نابعة كلها من القلب أما الرسائل فهي كذب في كذب ولكننا في سوق علينا أن نعرض ما يطلبه الزبائن من أجل كسب لقمة العيش. مواكبة للتطور الأخ عادل حسن عمير صاحب مكتبة تحدث قائلاً : من الطبيعي أن يبحث الشباب على ما يشبع فضولهم ويشعرهم بالارتياح وبالتحديد رسائل الموبايل والدردشة لأن الاتصالات تطورت وخدماتها توسعت والشباب من الجنسين غالبيتهم يتأثرون بما يشاهدونه في القنوات الفضائية وفي المواقع الإلكترونية وصارت رسائل الموبايل أشبة بالموضة وصار الشباب فيما بينهم يتفاخرون بمن يرسل الرسالة الأجمل وخصوصاً في المناسبات الفرائحية واختصاراً للوقت والجهد فقد حل أصحاب كتب رسائل الموبايل هذا الأمر وجمعوا لعشاق الرسائل مئات الرسائل الخاصة بكل المناسبات لدرجة أن هناك بعض الأشخاص قاموا بجمعها وتم تصويرها والآن تباع بأسعار معقولة ومقبولة وبالنسبة للإقبال على شراء هذا النوع من الكتب فهو جيد نوعاً ما وخصوصاً من قبل الفتيات وقد ازداد الطلب عليها عقب التخفيضات التي أعلنت عنها بعض شركات الهاتف النقال على الرسائل(sms) ومع انتشار خدمات الإنترنت على نطاق واسع في معظم محافظات الجمهورية. وسيلة ثقافية ومعرفية الأخت أم محمد مُعلمة اعتبرت أن الكتب الخاصة برسائل الموبايل خدمة ثقافية ومعرفية كونها حسب رأيها ترفد القارىء لها بمفردات ومفاهيم جديدة في غاية الروعة وأشارت إلى أن الاستعانة بما تحتويه هذه الكتب من رسائل يسهم إلى حد كبير في تخفيف معاناة الكثير من الناس وتسهم في إدخال الفرح والسعادة والسرور والارتياح على البعض الآخر من خلال الكلمات والعبارات الهادفة والتي تخاطب الوجدان وتداعب المشاعر والأحاسيس فكم من رسالة موبايل خففت من أحزان مكلوم ومعاناة مريض ومرارات مغترب غائب عن أهله ووطنه وكم أسعدت قلوباً وأدخلت عليها الفرح والسعادة والبهجة والارتياح وأضافت قائلة: لا أرى مانعاً في شراء مثل هذه النوعية من الكتب ما دامت تُستغل في جوانب إيجابية ومشروعة ولا تعود على الآخرين بأي أضرار تذكر وفي حدود الأدب والأخلاق. وسيلة للترويح عن النفس الأخ عبد الله البكري طالب بكلية العلوم بجامعة ذمار أدلى بدلوه حول الموضوع قائلاً: رسائل الموبايل أو رسائل الدردشة نوع من أنواع التسلية والترويح عن النفس وهي اليوم صارت وسيلة هامة من وسائل توطيد العلاقات الاجتماعية والبحث عن الجديد في هذا المجال يدفع الكثير من الشباب والشابات إلى متابعة كل ما هو جديد في كتب رسائل الجوال والمشكلة من وجهة نظري تكمن في الترويج لمؤلفات مضامينها لا تتماشى مع خصوصية وعادات وتقاليد مجتمعنا اليمني المحافظ والكارثة أن يتم الإقبال على شرائها وتداول ما فيها من رسائل هابطة ومفردات مبتذلة ولغة ركيكة من الصعب أن يُستفاد منها بشيء وعلى العكس من ذلك تماماً مع الكتب المحلية فهي تتناسب مع ثقافة المجتمع وتعالج أحياناً كثيرة الكثير من القضايا والمشكلات الاجتماعية ومع ذلك فإن التقدم المستمر في خدمات الاتصالات وتقنية المعلومات سيسهم في تراجع مبيعات هذه الكتب نظراً للاعتماد على الإنترنت في الإفادة عن آخر فلسفات رسائل الموبايل. ترهات وخزعبلات الأخ محمد محسن الزبيدي مثقف تحدث قائلاً: من المؤسف جداً أن يتهافت الشباب ذكوراً وإناثاً على شراء الكتب التي تحتوي على رسائل الموبايل ويعتبرون ذلك ثقافة وإبداعاً فأي ثقافة هذه القائمة على مشاعر وأحاسيس كاذبة، ومن غير اللائق بشباب الأمة الذين يعول عليهم الوطن الخير الكثير أن ينساقوا وراء مثل هذه الترهات والخزعبلات فلا فائدة من هذه الرسائل سوى وجع الرأس وإيذاء الآخرين ومسخ الشباب والشابات فما أكثر الأحاديث النبوية والأقوال والحكم والمواعظ التي خلفها لنا الصحابة الأجلاء والتابعون وأعلام هذه الأمة وفرسانها الأفذاذ ومن الواجب علينا استغلال خدمات الاتصال لنشرها فيما بيننا وسنؤجر بإذن الله على ذلك دون الحاجة إلى اللهث وراء الرسائل الغرامية التي تفسد أكثر مما ينبغي وتؤلم أكثر مما تريح وتحزن أكثر مما تفرح وأكثر ما قرأنا من مآس حصلت من وراء هذه الرسائل، أسر تفككت وأخرى انهارت، كثرت حوادث الطلاق وظهرت الكثير من المشكلات الاجتماعية نتيجة سوء استخدام هذه الوسائل الخدمية، وبالنسبة للرسائل الخاصة فالأمر لا يحتاج إلى تكلف أو تقليد للآخرين، فالرسالة الصادقة المخلصة التي تترك الأثر البالغ في النفوس هي التي تصدر من ذات الإنسان معبرة عن مشاعره وأحاسيسه الخاصة التي يختلج بها صدره. فسحة مشروعة الأخت سمر.ع طالبة جامعية أشارت إلى الموضوع قائلة: أنا من المتابعات كثيراً للإصدارات الخاصة برسائل الجوال لأنني أتبادل مع زميلاتي وصديقاتي الرسائل بصورة مستمرة ولا أعتقد أن في ذلك جرم أو معصية تماماً كما تصنع بعض ربات البيوت اللواتي يحرصن على شراء كتب فن الطبخ وقس على ذلك كتب القصص والسير والروايات والمسرحيات وغيرها من الفنون، وهذه الرسائل نأخذ منها ما يناسبنا ونهمل غير المناسب وهي خاضعة للتعديل سواء بالحذف أو الإضافة ولا ينبغي هنا التشدد في هذا الموضوع وتحويله إلى قضية شائكة فالأمر متروك للحرية الشخصية فمثل هذه المؤلفات لا توجد صفة إلزامية بشرائها ولا يوجد مانع لعدم شرائها ولذا فعلينا أن نأخذ الموضوع بنوع من البساطة بمنأى عن التهويل والتضخيم. مشاعر مصطنعة الأخ علي أحمد صالح الشيبة موظف بالمؤسسة الاقتصادية فرع حضرموت تحدث قائلاً: لم أفكر ولو للحظة أن أشتري كتاباً للرسائل لأنني قادر على صياغة ما أريد من رسائل بالطريقة والأسلوب الذي يناسبني وبصراحة استغرب لجوء البعض من الشباب لشراء هذه المطبوعات هناك البعض ممن لا يقدرون على الكتابة بالطريقة الصحيحة فيضطرون إلى الاستعانة بهذه الكتب تفادياً للإحراج وقد أبرر لهؤلاء مثل هذا الأمر أما البقية فأرى أن لابد بهم التفنن في كتابة الرسائل من وحي ملكاتهم الإبداعية ومن فيض مشاعرهم وأحاسيسهم الداخلية بعيداً عن الاستعانة بالمشاعر المصطنعة والأحاسيس المستنسخة الخاصة بالغير والتي لا يمكن أن تتوافق مع الأحاسيس والمشاعر الذاتية للآخرين حتى أن تأثير ها ووقعها على النفوس يكون ضئيلاً جداً بعكس ما عليه من تأثير للرسائل الذاتية النابعة من صميم القلوب.. وحول الإقبال المتزايد على شراء كتب ومؤلفات رسائل الجوال أشار الشيبة إلى أن ذلك يعود لأسباب عدة أهمها الفراغ الذي يعيشه الشباب نتيجة عدم حصولهم على فرص عمل وكذا التأثر بما يعمله الآخرون وبما يتم تسويقه عبر القنوات الفضائية ووسائل الإعلام المختلفة وطغيان أسلوب التقليد على غالبية الشباب دون النظر إلى جدوى ذلك وأعتقد أن هذه التصرفات سرعان ما تتلاشى وتختفي عقب تجاوز مرحلة المراهقة لدى الشباب أو بعد الزواج وخصوصاً لدى أولئك الذين يُقبلون على شراء هذه الكتب بهدف إشباع الفراغ العاطفي الذي يعانون منه في مرحلة المراهقة، وأعتقد أن الذكور الشباب هم الأكثر تأثيراً بذلك من الإناث في هذه المرحلة العمرية الأكثر تعقيداً. الهدف الربح المادي الأخ محمد محمد العنقزي موظف تحدث حول الموضوع قائلاً: أهتم كثيراً بحفظ الرسائل الجملية التي تصلنا من الأصدقاء والزملاء وأحرص على تبادلها مع الآخرين ومع ذلك فإنني لا أميل لشراء كتب الرسائل لأنها غير ضرورية فهناك ما هو أهم وأنفع، وقد حصلت على كتاب من هذا النوع مؤلفه من الأردن ولكنني عندما تصفحته لم أحصل منه على رسالة واحدة لها مدلول أو من شأنها أن تحدث وقعاً في النفس وهو ما يؤكد على أن دور النشر تسعى من وراء طباعة وتوزيع مثل هذه الكتيبات إلى جني الأرباح ولا هم لها سوى ذلك. خدمة اجتماعية مشروطة الأخ سيف علي الحداء كاتب صحفي أوجز حديثه حول الموضوع بقوله: كتب الرسائل أسلوب من أساليب الترفيه الهدف منها تعميق أواصر المحبة والتآلف بين أفراد المجتمع والمهم هنا هو كيفية استخدام هذه الرسائل في خدمة المجتمع وإصلاح ذات البين وهناك رسائل لها تأثيرها العميق في النفس حيث تلامس المشاعر والأحاسيس الوجدانية ومن ذلك ما تلقيته شخصياً من رسائل خاصة في عُرسي هذه الرسائل ضاعفت من مشاعر الفرحة والسرور في داخلي وأشعرتني بحجم الفرح الذي يبديه زملائي لي بهذه المناسبة ومازلت أحتفظ ببعض هذه الرسائل في مذكراتي الخاصة ولابد هنا أن تكون هذه الرسائل هادفة ومكتوبة بلغة سليمة ومضمون مناسب لتؤتي ثمارها ويستفيد الجميع منها بعيداً عن الحشو الزائد والتكرار الممل والمضمون الفارغ. خدمة للثقافة ولمعالجة قضايا المجتمع الأخ إبراهيم محمد مثنى المجدد صاحب كتابي «روائع الشلال وراحة البال لأجمل رسائل الجوال» تحدث حول هذا الموضوع قائلاً: المكتبات مليئة بالكتب الخاصة بالرسائل القادمة من خارج الوطن مضامينها بلهجات مختلفة ومفردات غريبة وهو ما دفعني إلى التفكير في جمع أجمل الرسائل الدينية والمناسباتية والفرائحية الهادفة وبعد الانتهاء من الجمع قمت بطباعة كتابي روائع الشلال وراحة البال مع أجمل رسائل الجوال، وأنا من المتذوقين لكتابة الرسائل الجذابة والهادفة، وبالنسبة للإقبال على شراء كتب الرسائل فلا أخفيك أن الإقبال ممتاز بعد أن تراجعت تعرفة الرسائل الهاتفية وأكثر شرائح المجتمع إقبالاً على شراء هذه الكتب هم الشباب من الجنسين الذين لا يمتلكون الوقت لصياغة رسائل جديدة أو من غير القادرين على كتابة هذا النوع من الرسائل وقد حرصت في تجربتي الخاصة في هذا الجانب على اختيار ما هو مناسب ونافع باعتبار أننا نُسهم في تنمية الوعي الثقافي في أوساط المجتمع من خلال الكلمات والألفاظ لجديدة واللغة السليمة والحرص أيضاً على معالجة العديد من القضايا والظواهر الاجتماعية من خلال بعض هذه الرسائل، ولا أعتقد أن مثل هذه النوعية من الكتب تمثل مصدراً لأي خطورة وقد تحصل بعض الأخطاء والتجاوزات ولكنها عائدة على الأشخاص أنفسهم ممن يسيئون استخدام هذه الرسائل ويقومون بتحريفها وهؤلاء بحاجة إلى إعادة تأهيلهم وتشذيب سلوكياتهم وتقويم اعوجاجهم خدمة لأنفسهم والمجتمع عموماً. كلمة أخيرة وفي الأخير لابد أن نحرص جميعاً على عدم الانجرار وراء ما يُسوق لنا من ثقافات وأفكار لا تخدم ثقافتنا ولا تراعى خصوصياتنا ومن ذلك الكتب الخاصة برسائل الجوال فلابد أن تكون هذه الرسائل ذات جدوى،مضامينها هادفة ولغتها عربية وأغراضها سليمة وسوية وما أجمل أن توظف هذه الطريق في الجوانب التي يعود على المجتمع من خلاله بالنفع والفائدة ولمعالجة القضايا والمشاكل والظواهر التي يعاني منها المجتمع وتعمل على نشر ثقافة المحبة والألفة والتسامح والتآلف بين أبناء الوطن الواحد وتتصدى لثقافة الكراهية والعدائية ودعاوى التشرذم والانفصال وتعمل على تعميق مبدأ الولاء الوطني والهوية اليمنية وتعزيز وتدعيم أواصر الأخوة والوحدة الوطنية.