تتكشف من خلال معارض الكتب في العالم ملامح القاعدة الثقافية ونوعية الجمهور والمضمون الفكري لدى جمهور المجتمعات, ويستدل على ذلك بمعرفة ما يقرأه هذا الجمهور واسلوبه في اقتناء الكتاب والتعامل معه في حالات العرض والطلب . ومن خلال انعقاد معرض صنعاء الدولي للكتاب لهذا العام يرى المشاركون في المعرض ان هذا المعرض شهد مشاركة واسعة لدور النشر منذ ثلاثة وعشرين عاما منذ ان نظمت اليمن أول معرض للكتاب. وأكد هؤلاء المشاركون ل(سبأنت) تميز الجمهور اليمني بالثقافة النوعية التي يعبر عنها الاختيار الانتقائي للكتاب بالاضافة الى اتساع قاعدة الاكاديميين والباحثين الذي يشكلون الشريحة المثقفة الاوسع للمجتمع اليمني. وقال المشاركون " ان الجمهور اليمني يقبل على الكتب الدينية والادبية والثقافية, والعلمية .. كما ان للجمهور رؤيتهم الخاصة عن معرض الكتاب الذي يعتبرونه ظاهرة ثقافية رائعة ينتظرونها على احر من الجمر". هذه الآراء وغيرها نتابعها من خلال هذا الأستطلاع الذي اجريناه بالتزامن مع فعاليات معرض صنعاء الدولي ال 23 للكتاب الذي تنظمه الهيئة العامة للكتاب لاول مرة هذا العام . يعد الجمهور الأوسع لمعرض الكتاب هم من طلاب الجامعات والمدراس وهم اكثر شرائح المجتمع اقبالا على اقتناء الكتاب وشراءه, فما بلغ عدد الزوار للمعرض حتى يوم أمس الخميس ما يقرب 200 ألف زائر. الدكتور فارس السقاف رئيس الهيئة العامة للكتاب قال إن هذا المعرض يمثل بداية لانطلاق انشطة الهيئة كجهة اولى تعنى بالكتاب في اقامة معارض الكتاب وهو الامر الذي سيفعل تنظيم هذه المعارض في شتى مجالات الاختصاص مثل اقامة معارض عامة للكتاب ومعارض متخصصة للام والطفل وغيرها وقد بذلت الهيئة مجهودا كبيرا يحسب لكل موظفيها لاقامة المعرض في موعده المحدد بأعلى مستوى من الجاهزية والاستعداد. وعن الجديد في هذا المعرض مقارنة بمعارض صنعاء للكتاب في الاعوام الماضية يقول السقاف ان المعرض لهذا العام له مميزات في مقدمتها الاقبال الكبير عليه من دور النشر والتي يبلغ عددها ما يقرب من 350 دار نشر محلية وعريبة واجنبية منها اكثر من (130) دار جديدة تشارك للمرة الأولى في معرض للكتاب في اليمن ما يعني تقديم نتاجها الفكري وتوفيره بين يدي المواطن اليمني مباشرة ولاول مرة بما يلبي احتياجاته المتنوعة من الكتب. المعرض شهد تقديم خدمات تعتبر رائدة ولاول مرة يوفرها معرض كتاب يمني تتمثل في خدمة الدليل الالكتروني الذي يقول عنه نجيب الصلوي مدير وحدة المعولمات بالهيئة العامة للكتاب إن الدليل الالكتروني يشتمل على مجموعة البيانات لمختلف دور النشر المشاركة في المعرض , (عناوين الكتب واسماء مؤلفيهاالتي تشاركبها دور النشر في المعرض , رقم وموقع جناح كل دار على حده في المعرض), وان الزائر من خلال تعامله مع هذا الدليل يمكنه خلال ثوان معرفة دار النشر التي توفر هذا العنوان وموقعها في المعرض بما يوفره عليه الجهد وترك له خيارات متعددة لاقتناء اكثر ممن كتاب خاصة لطلاب الجامعات ومندوبي الجامعات الذين يزودون مكتباتهم بمختلف انواع الكتب المتخصصة في مجالات الدراسات الاكاديمية, كما اننا نقوم بتوزيع الدليل مجانا خلال ايام المعرض في سيديهات تعطى للزوار من حين لاخر. الاقبال المتزايد على المشاركة في المعرض هذا العام من قبل دور النشر مثل اشكالية تم تلافيها في التنظيم خاصة مع المساحة المحدودة لارضية المعرض التي شهدت اكتضاضا كبيرا نتيجة للكم الكبير من دور النشر هذا العام وفي هذا الخصوص يوضح منير احمد نعمان الدبعي مدير عام معرض صنعاء مدير عام المعارض بالهيئة العامة للكتاب حيث قال " اقبال المشاركين كان كبيرا جدا حتى انها شرفتنا جهات غير مدعوة فاضطررنا لتكثيف الجهود في اطار الترتيب والاعداد حيث قلصنا المساحة المتاحة لدور النشر حتى نتيح الفرصة لمشاركة الاخرين ". ويضيف "ما زلنا نتلقى طلبات مشاركة عدد من دور النشر العربية كما ستصل اليوم وهو اليوم الخامس من ايام المعرض شحنة كتب لدور نشر لبنانية تأخرت مشاركتها بسبب ظروف الحرب الاخيرة في لبنان ". ويبين الدبعي ان المعرض الذي شهد اقبالا كبيرا من قبل الجمهور منذ اول يوم لتدشينه من قبل نائب رئيس الجمهورية بلغ عدد زائريه حتى نهاية اليوم الخامس من ايام المعرض ما يقارب المائتين الف زائر . وقد حاولنا رصد انطباعات المشاركين في المعرض واصحاب دور نشر ومكتبات وممثلي جهات حكومية محلية ,عربية , وزوارا, حيث يرى الاخ فهد العجمي مسؤول جناح وزارة الثقافية في المعرض ما يميز المعرض ان هناك عدة عناوين تاريخية قيمة شاركت بها الوزارة وقد نفدت في اليوم الثاني من ايام المعرض وعناوين هذه الكتب هي (قلادة النحر, التاريخ العام لليمن , الامثال اليمانية, خصائص العمارة اليمانية) وغيرها الكثير فهناك قرابة الاربعين عنوان نفدت خلال يوم ونصف من بداية المعرض كان يضمها جناح الوزارة الى جانب اربعمائة عنوان تشارك بها الهيئة منها قرابة ثمانون عنوان تمثل كتب واصدارات جديدة تشارك بها الوزارة هذا العام اضافة الى عناوين اخرى . كما يعبر فهد عن ميزه قدمت في معرض هذا العام بقوله :" الاسعار, هناك اسعار وجه وزير الثقافة بتخفيض 30 بالمئة من اسعار عناوين الوزارة خاصة للكتب الكبيرة والتي اسعارها مرتفعة نسبيا, كما ان بقية الاسعار يتم تسجيلها بسعر التكلفة التي قامت الوزارة بطباعتها . منير الدبعي يذكر مميزات حاولت الهيئة ان توفرها للمشاركين هذا العام وذلك من خلال " الاعفاء الجمركي وتخفيض للتعرفة الضريبية وصل الى نحو 15بالمئة . ومن المزيا التي نسجلها على لسان خليفه الرباح ممثل المجلس الوطني للثقافة والفنون والاداب بدولة الكويت في المعرض قوله : "المعرض ناجح بكل المقاييس والدليل على ذلك حجم المشاركة العربية والاجنبية بشكل عام إضافة الى الجمهور وكثافة حضوره في المعرض, ويستطيع الواحد ان يشاهد ذلك من خلال حجم المشاركة واقبال الجمهور". احمد محمد السيد فوده صاحب امتياز ميدل است ابزرفر ورئيس جناح مكتبة جريدة ميد است ابزرفر , الاقتصادية المتخصصة في شؤون الشرق الاوسط يضيف : " عدد الناشرين تضاعف في معرض هذا العام الامر الذي يحتاج الى اجراءات اكثر بالنسبة للتنظيم والاجراءات المتبعة للمعارض الدولية الاقبال دعانا للمشاركة مرة واثنين وثلاثة ". يتفق مع فوده في موضوع اقبال الجمهور طلال العجمي من مؤسسة الكويت للتقدم العلمي المشاركة في المعرض بقوله " الاقبال اكثر من ممتاز والجمهور ينتظرنا كل سنة حتى نأتي وننشر كتبنا العلمية من موسوعات وقواميس ونحرص على المشاركة في معرض اليمن كل سنة" . القارئ اليمني ومن خلال تفاعله مع المعرض رسم وبعفوية ملمح دهشة واحرز تقدير واعجاب في نفس اصحاب دور النشر المشاركة نلمس جزء منه من حديث لمحمد فرج باجيده/ رئيس قسم الدوريات بدار الكتب القطرية "الجمهور اليمني انا ارى فيه شيء ما رأيته في اي مكان ما يأخذ الا الشيء الذي يبغيه يعني ما يشتري اي حاجة فيه شيء معين يأخذه وهذا شيء انا مارأيته, يعني انا شاركت في معارض كثيرة لم أر هذه الميزة الا في الجمهور اليمني, وهذا شيء طيب ". وفي هذا الصدد يقول صالح بن هلال بن على الخليلي مدير مدير العلاقات العامة بوزارة الإعلام بسلطنه عمان المشرف على جناح الوزارة في المعرض " اذكر هنا ما لمسه الجناح من تجاوب كبير من قبل الجمهور، بالإضافة إلى تطلع القارئ اليمني للقراءة عن قرب للحضارات وما خلفته من تراث هام ، سواءً في التاريخ العماني أو اليمني أو المصري، وغيره، وذلك لإحساس القارئ اليمني بارتباطه وقربه من المحيط الكلي للتاريخ والتراث العربي والإنساني الذي يخرج من عمق المخزون العربي المتنوع ". محمد فوده قال "الجمهور اليمني ينتقى المواضيع والكتب انتقاء ولكل قاريء مثلما يقولون له اهوائه في قراءة كتاب ايا كان مجاله ونظرتي للجمهور انه جمهور مثقف وجمهور له نظره عالية في انتقاء الكتب وليس عشوائي " . ويضيف فوده " الملاحظ ان الطبقة المثقفة في اليمن شاملة وناجحة جدا وهناك اقبال على الاطلاع على الكتب العالمية والخاصة بالتكنولوجيا والبيانات الاعلامية والمادة الاعلامية". واستخلصنا من اجابات من التقيناهم في سياق الاستطلاع ان الجمهور اليمني على قدر من الثقافة العالية ويتميز بالمتابعة المستمرة لكل جديد في مجال اصدار الكتب ، ولكن يا ترى ماذا يقرأ اليمنيون, أي نوع او مجال اكثر من غيره يقصدونه للتزود معرفيا وفكريا, وماهي اكثر شرائح المجتمع اقبالا على الكتاب .. يقول صالح الخليلي من جناح وزارة اعلام سلطنة عمان الشقيقة : لفت نظري وجود كثير من المتخصصين من ابناء الشعب اليمني يبحثون عن بعض المعلومات الخاصة وهذا يدل على وعيهم ، حيث يسألون ليس عن اي معلومة عامة ولكن نجد بعض القراء يسأل عن بعض القطاعات المعينة مايدل على الوعي الحقيقي ، فهناك من يركز على الموسيقى العمانية , وهناك من يركزعلى التاريخ العماني ، حتى ان البعض يركز على البيئة والمحميات الطبيعية في السلطنة . فيما قال مدبولي صاحب مكتبة مدبولي المصرية الشهيرة : إن المعرض يتقدم في كل سنة وبشكل افضل وترتفع فيه نسبة الإقبال عن كل عام.. منوهاً بأن الشعب اليمني مثقف ومتطلع إلى كل الإصدارت الجديدة الطبية والعلمية والهندسية،والدينية والثقافية والاقتصادية والسياسية والأدبية، مؤكداً أن الأسعار منخفضة إلى حد كبير. وبدوره يرى طلال العجمي من مؤسسة الكويت للتقدم العلمي ان اكثر الشرائح اقبالا علىالكتاب هم طلاب الجامعات و المدارس ، ويتفق مع مدبولي ومعهما طارق الزهري صاحب دار نشر ان اكثر الكتب مبيعا القران الكريم والموسوعات العلمية , مرجعين السبب في ذلك إلى إحساس الشعب العربي في اليمن بقيمة التراث في تأصيل والوجدان العربي. ويتفق خليفه الرباح مع سابقيه بان الاكاديميين اكثر اليمنيين حميمة مع الكتاب ويقول :بالنسبة لنا اصدارتنا متعددة منها سلسلة عالم المعرفة وابداعات عالمية وعالم الفكر والثقافة العالمية بالاضافة الى التراث وتاج العروس ولكن الاكثرمبيعا والاكثر شيوعا سلسلة عالم المعرفة كونها تحظى لدى القاريء اليمني بمكانة ثقافية عالية . اما زاهر عبد الجليل محمد القدسي - جناح المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم يقول ان اكثر الكتب مبيعا , الكتب العلمية والكتب التربوية والتي تاتي في اطار اختصاص المنظمة ومن اصداراتها ,نشارك كل عام في المعرض ،كما نستطيع القول اننا مع اليوم الثاني من ايام المعرض وصلنا الى نصف الكمية التي كنا نبيعها في السنوات السابقة وان اكثر الكتب التي تأخذ من المنظمة العربية هي من الجامعات مثل جامعة عدن وأكثر الشرائح التي تقدم على شراء الكتب هم شريحة الطلاب الجامعيين . على أحر من الجمر ونختتم الاستطلاع بتوثيق ما ورد في هذا السياق على لسان عدد من الزائرين ممن التقيناهم خلال اعداد مادة هذا الموضوع : منى حسين تشير الى "أن ما يمنع التنوع في شراء الكتب غلاء أسعارها نوعاً ما بحيث إذا رغب الشخص في اقتناء عشرة كتب مثلاً سيخفض الكمية إلى النصف حتى يتناسب والميزانية التي خصصها للمعرض ". أما أم رامي فتقول "أن المعرض أصبح عادة ثقافية رائعة ينتظرها جمهور القراء كل عام على أحر من الجمر كونه حدث ثقافي زاد من تميزه هذا العام ارتفاع عدد دور النشر بالإضافة إلى أن الأسعار إلى حد ما مناسبة ", مشيرة الى انها تفضل الكتب الدينية والأدبية، بالإضافة إلى شرائها لعدد من الكتب الخاصة بالطفل . وبنظرة فاحصة وبعيدة لكل ما يمكن الاستفادة منه في اطار هذا المعرض يعبر بسام الهاملي عن ارتياحه للمعرض والفعاليات المتنوعة المصاحبة له خاصة في هذا العام، بالإضافة إلى ارتياحه لتفعيل خدمة الدليل الإلكتروني التي سهلت عليه إيجاد الكتب التي يبحث عنها.. معبراً في نفس الوقت عن أمله في أن يتم تخفيض أسعار بعض الكتب لأن هناك طلب كبير على الكتب، ولكن الأسعار هي التي تحد من هذه الرغبات.. مشيراً إلى أن القارئ اليمني يتنوع في قراءاته ولكنه حسب قوله يجد الكتب الدينية هي المنتج الثقافي الأكثر قراءة في اليمن يليها الكتب السياسية.. لافتاً إلى ندرة بعض الكتب لا سيما في تخصص الهندسة الإلكترونية. سبأنت
