د/عمر عبدالعزيزالمتابعون لأمر الداخل الإيراني يرون بأن إيران تعاني من مشاكل اقتصادية لاتتناسب مع قدراتها وإمكاناتها المادية، واذا كانت هذه المقاربة صحيحة فإن السبب الجوهري وراء متاعب الداخل الاقتصادية يكمن في سوء الإدارة والفساد المغلف بالايدولوجيا، وعندما تكون الايدولوجيا قرينة العقيدة الدينية فإن من الصعب على المعارضة أن تباشر عملاً فعالاً ضد مؤسسة الحكم، ذلك أنها لم تعد مؤسسة تمثل الحاكمية الدنيوية، بل أيضاً الاجازة الدينية الموصولة بعصمة الإمام. هذه الحقيقة أصبحت واضحة ومطروحة بقوة في الداخل الايراني، وهو الأمر الذي يفسر حالة الكر والفر المستمرة بين الحكومة المحافظة والبرلمان الذي يضم بعضاً من الإصلاحيين المطالبين بتحسين أداء الحكومة ومن المؤكد أن هذا البعض الرافض لمنطق التسيير الإداري والاستثماري الراهن يشير بالبنان أيضاً للنفقات العسكرية الباهظة والأموال الطائلة التي تصرف على المشاريع العسكرية بمافيها مشروع التخصيب النووي المثير للجدل، يعتقد هؤلاء أن من الأجدى لإيران أن تنصرف لمعالجة مشاكلها الداخلية بدلاً من التورط المستديم في سلسلة من القضايا الإقليمية والدولية، وهو مايعرض الدولة لمشكلة كبيرة بحجم مجابهة الولايات المتحدة ومن يساندها، وإذا كان البعض يستبعد مثل هذه المجابهة، بل المبادأة الأمريكية ضمن حسابات معينة، فإن البعض الآخر لايستبعد أن تأخذ المجابهة العسكرية طابعاً يضعف النظام الإيراني ولايعطيه فرصة المناورة بأوراقه العسكرية والسياسية، كأن تكون الضربة العسكرية محدودة وموجعة.. مخسرة جداً، وقاتلة لأسباب النماء والتطور في ايران. إن انصراف ايران إلى تبديد قدراتها في مجابهة افتراضية عقيمة مع الإدارة الأمريكية من شأنه أن يشير بالبنان أكثر وأكثر لمشاكل الداخل الايراني، وأن يجعل هذه المجابهة نوعاً من الهروب إلى الأمام وإشغال الناس بقضايا ايديولوجية تجريدية بدلاً من النظر إلى استحقاقات الداخل. [email protected]