- د. عمر عبد العزيز .. بسبب التردي الخطير للأوضاع الداخلية في العراق، واستتباعاً للتلويحات الإيرانية بقرب الوصول إلى إنتاج أسلحة نووية؛ كثفت إدارة بوش حضورها العسكري الموصول بضغوط على حكومة «المنطقة الخضراء». ومطالبتها بالسيطرة على الأمن الداخلي العراقي في المدى القريب المنظور، وكأن عديد القوات الأمريكية المنتشرة في العراق تهيئ نفسها لإعادة انتشار شامل يحولها إلى ثكنات للتدخل السريع، وربما لتنفيذ مهام إقليمية تتجاوز العراق. والمتتبعون لأوضاع المنطقة من المراقبين يجمعون على ان الانتشار الأمريكي الجديد واللوجستيات القريبة من التحضير لمعركة، تؤشر إلى ما وراء الآكام في الاستراتيجية الجديدة لإدارة بوش. ومن المؤكد أن هذه الاستراتيجية لا تستبعد كل الاحتمالات بما في ذلك العمل على شن حرب شاملة ضد إيران، وذلك استتباعاً لماراثون السباق المحموم حول الأسلحة النووية، فالمعروف ان أمريكا تضع الأمن الاستراتيجي لإسرائيل في بند أولوياتها الذي يرتقي إلى مستوى الأمن الداخلي الأمريكي، وان واشنطن ليس بوسعها تجاهل التخوفات الإسرائىلية من إيران النووية المحتملة، ولهذا السبب لم تتردد واشنطن كثيراً في الإعلان عن حرب الخريف القادمة ضد إيران، بل نشرت سيناريو الضربة الأولى الكاسحة والتي ستشمل البر والبحر والجو، وكأنها تقول لطهران: نحن لسنا هنا لندخل معكم في سباق ممطوط، ولجاج لا طائل من ورائه، وان أمريكا لديها العديد من المبررات لشن حرب ضد إيران. لا يقتصر المبرر على السلاح النووي الافتراضي فحسب، بل أيضاً معاقبة مؤكدة لطهران جراء تغولها في الشأن الداخلي العراقي والذي وصل إلى حد ترتيب انفصال غير معلن للمحافظات الجنوبية، فالقادمون من هناك يتحدثون عن تعميم اللغة الفارسية بدلاً عن العربية، وعن تهجير مزدوج للسنة والشيعة العرب سواء إلى الخارج أم في المحافظات العراقية، وعن انتقاء طائفي لأفراد المؤسسات العسكرية الفاعلة في أيام المحنة والموت المجاني. وإذا كانت هذه الأقوال صحيحة، فإن إيران تكون قد استعجلت كثيراً في حصد نتائج الغزو ولم تحتسب لحكمة التاريخ والجغرافيا، ذلك أن خسارة العمقين العربي والإسلامي يوازي ذات الخسارة القادمة من ظلم الغطرسة الأمريكية، فواشنطن ومن يعاضدها في العالم لا يمكنهم القبول بتمرير ورقة دولة دينية جديدة في المنطقة ولهم في ذلك مبرراتهم ورؤيتهم سواء اتفقنا معها أو اختلفنا. [email protected]