- د. عمر عبد العزيز .. يجمع المراقبون على أن التواجد الأمريكي المكثف في بحار الخليج وما يجاورها، وبالترافق مع نشر المزيد من القوات في العراق مؤشر لإعادة تدوير عجلة المواجهة القائمة أساساً في العراق وافغانستان وإلى حد ما في الصومال، باعتبار أن العسكرية الأمريكية متورطة في كل هذه البلدان. والجديد في التحرك الأمريكي المتصاعد أنه يتم في ظل ضغوط داخلية في الولايات المتحدة، وانقسامات تزداد تفاقماً، فالحاصل أن نظرية مواجهة الإرهاب عبر الاستباقات العسكرية الاستراتيجية أثبتت فشلاً ذريعاً، فوقعت بشر أعمالها؛ لأنها اعتمدت على استشارات مأفونة بالانتقام وتصفية الحسابات الصغيرة، فالذين تواطأوا مع احتلال العراق وافغانستان هم من داخل تلك البلدان، غير أنهم تحركوا ضمن حسابات ضيقة أبرزها ما نراه الآن في العراق من رائحة طائفية تزكم الأنوف. ولقد كان الإعدام التراجيدي للرئيس العراقي/صدام حسين ترميزاً مكثفاً لتلك النزعة الطائفية البغيضة التي أساءت إلى العرب والمسلمين حصراً، وكانت شهادة إضافية للروح المهجية التي كثيراً ما نعتنا بها من طرف الآلة الإعلامية العالمية استتباعاً لما يجري في العراق واستشعاراً من الإدارة الأمريكية بأن الأمور تنفرط يوماً تلو الآخر، وان اهداف حربها المعلنة تتحول إلى مأزق لها. استتباعاً لكل ذلك جاءت مطالبة حكومة المالكي بالعمل على ترتيب الأوضاع الأمنية بأسرع ما يمكن، بل ان الإشارات الأمريكية انطوت على تضمين للتخلص من عبء الحكومة العراقية الجديدة طالما وقد تواشجت حتى مخ العظم مع المرجعيات الدينية المحسوبة على «الآيات» في إيران. لم تكن أمريكا تتوقع بأن مشروعها الديمقراطي الشرق أوسطي في العراق سيتحول إلى نموذج للطائفية الدينية التي تستقي مسارات فعلها الجوهري من أئمة طهران والنجف، ولم تكن تتوقع أنها ستواجه يوماً ما حيرة قاتلة كالتي تواجهها الآن، وان الدول العربية المحيطة بالعراق وامتداداتها في العمقين الأفريقي والآسيوي سيباشرون واشنطن بالمكاشفة بعد ان تحول نموذجها الديمقراطي الافتراضي إلى ساحة حرب أهلية طائفية دينية بشعة تهدد المنطقة برمتها. [email protected]