- د. عمر عبد العزيز .. التحرك الأمريكي باتجاه بلورة العالم الجديد أخذ أشكالاً متعددة وأثبت نجاحاً ملحوظاً في الحالات السلمية أو تلك الحالات المحكومة بالتطورات التي جاءت بعد ضغوط شديدة تصل إلى حد الحصار فيما أثبتت المعالجات العسكرية المباشرة انكسارها الوقتي وإن كان عرابو الإدارة الأمريكية يرون أنها جزء ضروري من الحرب الشاملة التي تشنها الولايات المتحدة ضد الإرهاب .. ذلك العنوان الذي يمثل العتبة الأولى في المشروع، فالحرب القائمة تتجاوز هذه المفردة إلى الهدف الأكبر متمثلاً في إقامة عالم جديد بقطب واحد. إذا راجعنا الأوجه المختلفة لهذه الحرب الأشبه بالمنظومة المتكاملة، وتمعنا في أبعادها ونتائجها سنجد ما يلي: في العراق وأفغانستان : اتخذت الحرب شكل المبادأة العسكرية الاستراتيجية واستهدفت تقويض نظامين فاقعي اللون في السياسة والسلوك المجتمعي، وكان من المؤكد أن العالم لا يختلف جوهرياً في تقييم طبيعة النظامين السابقين في بغداد وكابول، غير أن الاختلاف بين الإدارة الأمريكية والذاكرة العالمية تجلت في طريقة المعالجة، حيث مال الكثيرون إلى اعتبار أن الحلول العسكرية ليست الأفضل في تسوية المشاكل المعقدة الناتجة من تراكمات تاريخية وتقاليد استبدادية تكرست لسنوات طويلة ليس في العراق وافغانستان فقط بل في أغلبية بلدان الشرق الأوسط، والعربية الإسلامية منها على وجه الخصوص.. ويرى أنصار الحلول السياسية أن من الأفضل للجميع المزيد من الضغوط والحصارات على مثل تلك الأنظمة حتى تتحول أو تنهار من داخلها. في الحالة السودانية، وعلى سبيل المثال لا الحصر أثبتت الضغوط والحصارات جدواها، فقد مال النظام إلى المصالحة حتى يخرج من عنق الزجاجة، فيما جاءت اتفاقية «نيفاشا» بمثابة المقدمة لحلول مشابهة في عموم الأقاليم السوادنية، الأمر الذي يلتقي حوله الجميع ويعلنونه ولو بالمعنى النظري للكلمة. في الحالة العراقية تعسر الحال العسكري وها هو يواجه أقسى تجربة ممثلة في حكومة المنظقة الخضراء وقد تنكسر منذرة بعواقب أوخم من التي نراها الآن، وهنا بالذات ينبري أنصار الحلول السلمية الضاغطة وفي مقدمتهم روسيا وفرنسا للتدليل على اخفاق المشروع العسكرتاري المبادئ الذي لجأت له إدارة بوش. النموذجان السلمي والحربي لتسوية الأوضاع لم يقتصرا على المنطقتين العربية الإسلامية بل كان لهما حضور مماثل في شرق أوروبا وآسيا «أورآسيا» فيما سنقف عليه تباعاً. [email protected]