قررت بريطانيا سحب قواتها من مدينة البصرة تحت مسمى «إعادة الانسحاب» وهذا يعني أن تلك القوات ستتمركز في مواقع أخرى أكثر تحصيناً وأقرب إلى سلامة أفرادها!!، وتلك أيضاً خطوة باتجاه انسحاب مؤكد ولو على مراحل؛ ذلك أن بقاء القوات البريطانية في مدينة البصرة أدهى إلى التبرير بدلاً عن إعادة الانتشار، فالشاهد أن البصرة تعتبر ثاني أكبر المدن العراقية، كما أنها ملغومة بميليشيات مسلحة ومدربة، ومعجونة بقدر كبير من التعصب الطائفي والأيديولوجيا الدينية، والحال، فإن انسحاب القوات البريطانية من هذه المدينة بالذات سيمهد الطريق لاحتمالات أكثر دموية وفداحة مما نراه الآن.. واضح تماماً أن الحكومة البريطانية تهيئ لطريق يختلف شيئاً ما عن طريق توني بلير وحكومته، وقد كان واضحاً أثناء زيارة رئيس الوزراء البريطاني لواشنطن درجة الدقة والدبلوماسية في خطابه السياسي المتعلق بالمسألة العراقية والعلاقات الأمريكية البريطانية، وهذا لا يعني أن بريطانيا أدارت ظهرها بالمطلق لواشنطن، ولكنه لا يعني أيضاً أنها بصدد الاستمرار في نفس النهج المتماهي مع واشنطن. إن انسحاب القوات البريطانية من البصرة نذير شؤم مؤكد، فالمعروف للقاصي والداني أن جيش المالكي ورفاقه لا يسيطرون على الموقف هناك، وأن احتمال تنازع المليشيات وارد أكثر من أي وقت مضى..ها هو حصاد آخر لحزب المتاهة الأمريكية البريطانية، وستأتي الأيام بالمزيد، فالفراغ السياسي والأمني الناجم عن فوضى الحرب واستتباعاتها سيفتح المزيد من شهية الفرقاء الداخليين والإقليميين، والضغوط الفعلية على الإدارتين الأمريكية والبريطانية ستسفر عن نتائج مؤكدة على الأرض. كان الرئيس الإيراني أحمدي نجاد قد صرح قبل أيام ناصحاً الأمريكان والبريطانيين بالانسحاب من العراق، وأضاف بأن إيران مستعدة لملء الفراغ الناجم عن خروجهما!! ولا تعليق. [email protected]