الدكتورة فيروز شرف الدين من مواليد ديسمبر 1977 ، ودرست الابتدائية والثانوية في دولة الإمارات العربية المتحدة ، حيث عاشت أسرتها ثم عادت إلى اليمن للحصول على الشهادة الجامعية من كلية الطب بجامعة صنعاء ثم الماجستير في شهادة الزمالة المصرية في الطب النووي من جامعة القصر العيني (سبأ) التقتها في مقر عملها بمركز الطب النووي متناولة معها هذه التجربة التي تقول إنها كانت ناجحة بامتياز ، وتعكس مدى التقدم الذي أحرزته المرأة اليمنية في مجالات العمل والإنتاج. إلى التفاصيل .. *** تعلقت بالطب النووي تعدين أول سيدة يمنية تدخل هذا المجال فكيف وصلت إليه ؟ بدأ مشواري في مجال الطب النووي منذ كنت في مرحلة الامتياز حيث رشحني الدكتور مصطفى بهران مستشار الرئيس للعلوم والتكنولوجيا، رئيس اللجنة الوطنية للطاقة الذرية للعمل كمسئولة عن سلامة العاملين في اللجنة الوطنية بالطاقة الذرية. وكان هو من اقترح علي الدخول في مشروع الطب النووي وأن أكون أول من يرتاده من الطبيبات .. وكنت قد ترددت في البداية وبعد أن ذهبت لأول دورة في هذا المجال تعلقت به جداً.بعدها جاء الدكتور/ محفوظ سرحان ، والذي كان حينها مدير مشاريع اللجنة الوطنية للطاقة الذرية ، والذي واصل مسيرة تشجيعي للاستمرار ، وهكذا سافرت لعدة دول عربية وأجنبية ، وكذا الوكالة الدولية للطاقة الذرية وسوريا ومصر والإمارات وغيرها.. وأخذت العديد من الدورات الطويلة والقصيرة وحصلت على الزمالة المصرية في الطب النووي من القصرالعيني ، إضافة لدراسة الماجستير في هذا المجال.وعندما توظفت في مستشفى الثورة كان لإدارة المستشفى الجانب الآخر في تشجيعي ودفعي لإنهاء المشروع بأسرع وقت ولله الحمد هانحن على أهبة الاستعداد بعد عونه تعالى. *** نسعى إلى تحقيق النجاح في مجتمع أغلب المراكز القيادية للذكور .. كيف تجدين نفسك كقائد في مجتمع ذكوري ؟ بالنسبة للمجال الطبي التنوع فيه مطلوب وخاصة في مجتمع تحتاج المرأة لأخرى في بعض الأحيان.. وبالنسبة لمجالي فأنا معك ربما للخطورة الكامنة فيه فهو يغلب عليه الذكور إنما كوني امراة في هذا المجتمع ، فهذا لم يعد مشكلة كون الجميع يسعى إلى إنجاز عمل ناجح. والمرأة اليمنية على مدى التاريخ حققت نجاحات كبيرة ما يؤكد أن المرأة اليمنية في تطور دائم خاصة في ظل ما تنعم به اليمن من بيئة ملائمة لعمل المرأة فضلاً عن المساورة التي يؤكدها النظام السياسي واهتمام القيادة السياسية بالمرأة اليمنية وإفساح المجال لها لمشاركة أخيها الرجل في البناء وكلها عوامل تتيح للمرأة العمل في كافة المجالات بلا استثناء. وبالنسبة لتولي المنصب كمديرة للمركز فالحقيقة أنني منذ كنت في الابتدائية وحتى انتهاء دراستي الطبية وأنا يغلب عليً الشخصية القيادية الإدارية وجميع زملائي يعرفون هذا عني... فلا يعتبر منصب كهذا شيئاً جديداً أو غريباً علي أو على زملائي الذين توقعوا منذ زمن أنني أنا من سأكون في هذا المنصب فقد كنت سابقاً رئيسة للجمعية الطبية خلال فترة دراستي في كلية الطب بجامعة صنعاء.. أما المنافسة فلله الحمد أن زملائي والذين تخصصوا في نفس مجالي ( وكلهم ذكور) يكنون لي كامل الاحترام والتعاون و قد أصروا على أن اتحمل أنا هذا المنصب.. بل ورفضوا أن استبدل بأي منهم..وهذا لأنهم يعرفونني تماماً ويعرفون قدراتي. *** الالتزام هو الأساس هل تفضلين العمل في أوساط الذكور أم الإناث ؟ ليس هناك فرق بالنسبة للتعامل مع الأطباء في مجال الطب النووي سواء ذكوراً أم إناثاً مادام الاحترام والالتزام في العمل هو الأساس.. أما في التعامل مع الفنيين والتمريض والفيزيائيين فأنا أفضل أن يكون الكادر كله من الرجال.. وهذا بسبب أن هذه الفئة تتعرض يومياً للمرضى المحقونين للمادة المشعة ، وهذا سيشكل خطراً إن كانت العاملة حاملاً.. وهذا معناه أيضاً أن المرأة العاملة إن حملت ستأخذ إجازة طويلة وقد تموت إذا تعرضت للإشعاع قبل اكتشافها الحمل مما يدخلنا في مشاكل مع هكذا العمل. أما الطبيبة التي تريد الالتحاق فلا مانع بشرط ألا تفكر في حمل خلال أول عامين على الأقل في عملها مع الطب النووي وإلا فهي ستهدم ما بنت .. وفي حالة حملها .. وبعد هذه المدة يمكنها أن تتولى عملاً بعيداً عن الإشعاع مثل الكشف السريري على المرضى قبل الحقن ، وكذلك كتابة التقارير الطبية أي أنه غير مسموح لها أخذ اجازة أثناء الحمل ، وهذا لن يشكل عبئاً مثل غيرهن. *** الطب النووي علم تفرد تحدثنا عنك كخبيرة ولكن ماذا عن الطب النووي وأهميته ؟ الطب النووي علم يدرس الوظيفة الحقيقية لأي عضو أو أي مرض ومدى نشاطه الحيوي مما يجعله فريداً .. ولا يمكن أن يقوم مقامه شيء آخر. ويعتبر الطب النووي مكملاً لبقية فروع التشخيص الرئيسة مثل الأشعة والتحاليل النسيجية والكيمياء الحيوية وغيرها ، كما أنه مكمل مهم جداً لعلاج بعض الأمراض مثل الزيادة المفرطة في إفراز الغدة الدرقية وسرطان الغدة الدرقية وبعض الأورام في الأطفال والآلام المصاحبة للسرطانات المتقدمة.. كما يعتبر في بعض الحالات مساعداً مهماً للجراح قبل العملية مباشرة وأثناء العملية لضمان الدقة التي لا تنافس في بعض الحالات. *** أجهزة من وكالة الطاقة الذرية منذ أربع سنوات تجرى التجهيزات لمركز الطب النووي في مستشفى الثورة العام بصنعاء ، والذي يعد أول مركز في اليمن.. إلى أين وصلتم في التجهيزات لهذا المركز ؟ ومتى سيبدأ تقديم خدماته للمرضى من المواطنين؟ بالنسبة للتجهيزات الخاصة بمركز الطب النووي في مستشفى الثورة فهي مكتملة تماماً، وقد زود بأحدث الأجهزة التي أشرفت عليها الوكالة الدولية للطاقة الذرية ومقرها في النمسا، كما تم تجهيزه بأفضل تجهيز مكتبي وعملي بما يتوافق والسلامة الإشعاعية. كما ننتظر وصول أجهزة حساسة خلال الأيام القادمة ، حيث جرى شحنها، وكان من المفترض أن تصل في وقت مبكر إلا أن تأخيرها يعود إلى تهيئة حيثيات التجهيز لاستقبالها من حيث المناخ والبيئة التي ستوضع فيها ، وذلك بالتواصل المستمر مع الشركة والوكالة الدولية للطاقة الذرية، إلى جانب الترتيب لوصولها مع الجهات المختصة في المطار كون حساسيتها تجعلها لا تتحمل ساعة واحدة تأخير في المطار... وبعد وصول هذه الأجهزة سيتم افتتاح المركز وتدشين عمله ونتوقع أن يتم خلال الشهر الجاري. *** خدمات تشخيصية وعلاجية ماهي الخدمات الطبية التي سيقدمها المركز تشخيصية أم علاجية؟ سيقدم المركز خدمات تشخيصية وعلاجية ، بالنسبة للخدمات التشخيصية تشمل جميع الفحوصات التي تساعد في تشخيص المرض سواء نفي أم اثبات مرض معين ، ويتضمن هذا متابعة مدى انتشار خلايا سرطانية وجودة أي علاج في أي مرض والكثير الكثير من الخدمات التي سيتم تثقيف المواطنين بها مع الافتتاح إن شاء الله تعالى. أما الخدمات العلاجية التي سيقدمها المركز فتشمل القضاء على بعض السرطانات و بعض الآلام المصاحبة لأمراض خبيثة إلى جانب الحد من نشاط الغدة الدرقية المفرط بجرعة واحدة او اثنتين بسيطتين. *** مركز أنموذجي على مستوى الشرق الأوسط هذه السنوات من التجهيزات والأجهزة الحساسة والمكلفة.. هل يعني ذلك صعوبة أن تشهد البلاد المزيد من هذه المراكز ليتمكن المواطنون من الحصول على الخدمات الصحية بسهولة كون المركز الواحد لايكفي؟ بعد هذا المشوار في إنشاء مركز الطب النووي الأول في اليمن في مستشفى الثورة، والذي هو مركز أنموذجي ربما على مستوى الشرق الأوسط بأكمله.. أتمنى وأرجو إتاحة المجال للعديد ممن يريدون أن يقدموا ويفتحوا مثل هذه المراكز ، حيث أن شريحة المجتمع التي تحتاج لهذه الخدمة واسعة جداً ولاتنتهي فهي تشمل الكبار والصغار ، الرجال والنساء ، بل والشخص السليم أيضا .. لذلك مهما كبر التنافس فالحاجة أكبر . والتنافس الحقيقي هو بكفاءة وجودة الخدمة لا بتقديمها فقط. *** معايير تخطيطية هل من تجهيزات مطلوبة وضرورية للعمل في هذا المجال ؟ المبنى لابد أن تتوافر فيه شروط من التخطيط إلى التشطيب والأجهزة تحتاج لمعايير وترتيب تخطيطي يخص خدمة الطب النووي وطريقة العمل فيه ونوع العمل الذي يريد أن يقتصر عليه هل هو تشخيصي أم علاجي.. ولابد أن يتوافق المبنى ومعايير السلامة المهنية والبيئية للعاملين وللمحيطين من جميع الجهات ويتم تخطيطه بطريقة يراعى فيها الجانب الحار(المشع) والجانب غير المشع ولكل منهما مواصفات تخطيطية خاصة . أما الأجهزة المطلوبة فأهمها الجاما كاميرا ،والتي ينصح أن تكون ثنائية الكاشف أو أكثر.. ولا بد أن تحمل مواصفات ومعايير ذات جودة تعطيك نتائج مقنعة للمريض والطبيب بطريقة غير محدودة ، وهذا يعتمد على عدة جوانب يطول شرحها. كذلك الجانب الآخر المهم في التجهيز هو المعمل الحار ، والذي نقوم فيه بتجهيز المادة المراد إعطاؤها للمريض ، وهذا المكان هو أكثر الأماكن تعرضاً للتلوث الإشعاعي والحوادث الإشعاعية التي رغم ندرتها إلا أنها قد تؤثر على سير العمل بل وصلاحيته ، و قد يصل إلى غلقه مدة طويلة ...لذلك لابد أن يبدأ تأسيس المكان بطريقة علمية صحيحة ، وليس الهدف هو الحصول على الخدمة إنما الهدف هو أن تكون هذه الخدمة ذات مستوى أمان إشعاعي عالٍ سواء للعاملين أم المرضى أو المحيطين... لذلك القاعدة هنا أن تبدأ بطريقة صحيحة إن كنت تنوي بناء وحدة طب نووي أفضل من أن تمضي وقتك في إصلاح أو تصحييح أخطاء كان يمكن تجنبها لو اتبعت المعاييرمن البداية. *** حقن المريض بالمواد المشعة ماذا عن المواد المستخدمة في هذا النوع من الطب ؟ تنقسم المواد المستخدمة في الطب النووي إلى قسمين : مواد مشعة ومواد غير مشعة ، حيث نقوم في المعمل الحار بالجمع في كيفية ونسبة معينة بينهما فتعطينا مادة مركبة نحقن المريض بها أو نعطيه إياها بعدة طرق كالتنفس أو الأكل .في التشخيص 90 بالمئة من العمل يقوم على مادة التكنيشيوم ، والتي ستستوردها الشركات المحلية والأجنبية من عدة دول تحت إشراف اللجنة الوطنية للطاقة الذرية، وهذه المادة تأتي في مولدها الخاص (الموليبيدينم) وتختلف الشركات المصنعة في الجودة والأمان الإشعاعي .وكذلك نقاء المادة الوليدة ، والتي تهمنا جداً في سلامة المريض فالمادة غير النقية بسبب تركيب غير دقيق وعدم وجود فلتر بمواصفات عالية وأسباب أخرى تقنية، قد تضر المريض وتزرع في جسمه جرعة مشعة كبيرة.وبقية المواد المشعة كالجاليوم واليود المشع والأنديوم وغيرها فهو يستخدم أيضاً في بعض الحالات الأخرى : إنما يمكن لأي مشروع البدء بالتكنيشيوم ثم التوسع بالمواد الأخرى..وبالنسبة للمواد غير المشعة فهي مثلها مثل أي دواء خامل أو دواء صيدلاني تستطيع التعامل معه مع جميع الشركات الموردة ، ولا يحتاج لأية إجراءات أمنية أو غيرها... لكنه سيكون عقيماً بدون أن تتواجد المادة المشعة.. هذه المواد هدفها هو الاتحاد مع المادة المشعة لتأخذها للعضو المجانس لها ، لذلك فهي متعددة لتناسب كل عضو مراد فحصه وكل مرض يناسبها، وبدونها ستذهب المادة المشعة لكل الجسم دون تحديد للعضو المصاب أو لنوع المرض.. وتختلف هذه المواد كما قلت من دولة لأخرى ، وهنا يبرز دور الضمير للطبيب المستخدم لمثل هذه المواد ، فهناك منتجات تنتج مواداً تؤدي لتضليل المادة المشعة ، وهذا يجعل التشخيص مختلفاً تماماً بل وقد يؤدي الى إدخال المريض في مشاكل كبيرة .. لذلك أدعو الجميع مراقبة الله تعالى في هذا وعدم استرخاص بعض المواد على حساب المريض اليمني ، الذي وضعه الله أمانة في أعناقنا وسنسأل عنه يوم القيامة.