عبدالله العليمي عضو مجلس القيادة يستقبل سفراء الاتحاد الأوروبي لدى بلادنا    هل سمعتم بالجامعة الاسلامية في تل أبيب؟    لأول مرة منذ مارس.. بريطانيا والولايات المتحدة تنفذان غارات مشتركة على اليمن    وكالة: باكستان تستنفر قواتها البرية والبحرية تحسبا لتصعيد هندي    هدوء حذر في جرمانا السورية بعد التوصل لاتفاق بين الاهالي والسلطة    الريال يخطط للتعاقد مع مدرب مؤقت خلال مونديال الأندية    جاذبية المعدن الأصفر تخفُت مع انحسار التوترات التجارية    الوزير الزعوري يهنئ العمال بمناسبة عيدهم العالمي الأول من مايو    حروب الحوثيين كضرورة للبقاء في مجتمع يرفضهم    عن الصور والناس    أزمة الكهرباء تتفاقم في محافظات الجنوب ووعود الحكومة تبخرت    إغماءات وضيق تنفُّس بين الجماهير بعد مواجهة "الأهلي والهلال"    النصر السعودي و كاواساكي الياباني في نصف نهائي دوري أبطال آسيا    الأهلي السعودي يقصي مواطنه الهلال من الآسيوية.. ويعبر للنهائي الحلم    البيض: اليمن مقبل على مفترق طرق وتحولات تعيد تشكيل الواقع    اعتقال موظفين بشركة النفط بصنعاء وناشطون يحذرون من اغلاق ملف البنزين المغشوش    غريم الشعب اليمني    الوجه الحقيقي للسلطة: ضعف الخدمات تجويع ممنهج وصمت مريب    درع الوطن اليمنية: معسكرات تجارية أم مؤسسة عسكرية    مثلما انتهت الوحدة: انتهت الشراكة بالخيانة    رسالة إلى قيادة الانتقالي: الى متى ونحن نكركر جمل؟!    جازم العريقي .. قدوة ومثال    دعوتا السامعي والديلمي للمصالحة والحوار صرخة اولى في مسار السلام    العقيق اليماني ارث ثقافي يتحدى الزمن    إب.. مليشيا الحوثي تتلاعب بمخصصات مشروع ممول من الاتحاد الأوروبي    مليشيا الحوثي تواصل احتجاز سفن وبحارة في ميناء رأس عيسى والحكومة تدين    معسرون خارج اهتمامات الزكاة    منظمة العفو الدولية: إسرائيل ترتكب جريمة إبادة جماعية على الهواء مباشرة في غزة    تراجع أسعار النفط الى 65.61 دولار للبرميل    الدكتوراه للباحث همدان محسن من جامعة "سوامي" الهندية    نهاية حقبته مع الريال.. تقارير تكشف عن اتفاق بين أنشيلوتي والاتحاد البرازيلي    الاحتلال يواصل استهداف خيام النازحين وأوضاع خطيرة داخل مستشفيات غزة    الصحة العالمية:تسجيل27,517 إصابة و260 وفاة بالحصبة في اليمن خلال العام الماضي    الحكومة تعبث ب 600 مليون دولار على كهرباء تعمل ل 6 ساعات في اليوم    "كاك بنك" وعالم الأعمال يوقعان مذكرة تفاهم لتأسيس صندوق استثماري لدعم الشركات الناشئة    لوحة "الركام"، بين الصمت والأنقاض: الفنان الأمريكي براين كارلسون يرسم خذلان العالم لفلسطين    اتحاد كرة القدم يعين النفيعي مدربا لمنتخب الشباب والسنيني للأولمبي    صنعاء .. حبس جراح واحالته للمحاكمة يثير ردود فعل واسعة في الوسطين الطبي والقانوني    صنعاء .. حبس جراح واحالته للمحاكمة يثير ردود فعل واسعة في الوسطين الطبي والقانوني    النقابة تدين مقتل المخرج مصعب الحطامي وتجدد مطالبتها بالتحقيق في جرائم قتل الصحفيين    رئيس كاك بنك يعزي وكيل وزارة المالية وعضو مجلس إدارة البنك الأستاذ ناجي جابر في وفاة والدته    اتحاد نقابات الجنوب يطالب بإسقاط الحكومة بشكل فوري    مئات الإصابات وأضرار واسعة جراء انفجار كبير في ميناء بجنوب إيران    برشلونة يفوز بالكلاسيكو الاسباني ويحافظ على صدارة الاكثر تتويجا    الأزمة القيادية.. عندما يصبح الماضي عائقاً أمام المستقبل    أطباء بلا حدود تعلق خدماتها في مستشفى بعمران بعد تعرض طاقمها لتهديدات حوثية    لتحرير صنعاء.. ليتقدم الصفوف أبناء مسئولي الرئاسة والمحافظين والوزراء وأصحاب رواتب الدولار    غضب عارم بعد خروج الأهلي المصري من بطولة أفريقيا    علامات مبكرة لفقدان السمع: لا تتجاهلها!    حضرموت اليوم قالت كلمتها لمن في عينيه قذى    القلة الصامدة و الكثرة الغثاء !    عصابات حوثية تمتهن المتاجرة بالآثار تعتدي على موقع أثري في إب    حضرموت والناقة.! "قصيدة "    حضرموت شجرة عملاقة مازالت تنتج ثمارها الطيبة    الأوقاف تحذر المنشآت المعتمدة في اليمن من عمليات التفويج غير المرخصة    ازدحام خانق في منفذ الوديعة وتعطيل السفر يومي 20 و21 أبريل    يا أئمة المساجد.. لا تبيعوا منابركم!    دور الشباب في صناعة التغيير وبناء المجتمعات    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



النهج الديمقراطي وانعكاساته على المجال التعليمي
نشر في الجمهورية يوم 24 - 03 - 2007

إنّ تزامن تبني النهج الديمقراطي في بلادنا مع إعادة تحصين الوحدة الوطنية في مايو 1990م كان خياراً وطنياً ارتضاه شعبنا قبل أن تهب رياح التغيير في منطقتنا العربية وتفرض على بعض الأنظمة مجاراة روح العصر.. وإذا كان من المفهوم أن ممارسة الديمقراطية عملية معقدة تتطلب صبراً وحكمة وثقة وأملاً في المستقبل، إلا أن شعبنا قد أثبت بجلاء قدرة فائقة على تحدي الصعاب ومواجهة المواقف بصلابة كما برهنت قيادتنا السياسية ورغم المخاطر التي تعرضنا لها منذ قيام الوحدة المباركة على ثباتها في خياراتها الديمقراطية وإيمانها الراسخ على أن جميع مشاكل الديمقراطية يمكن حلها بمزيد من الديمقراطية إن ممارستنا للديمقراطية هي في واقع الحال عملية تتدرب من خلالها كل القوى الفاعلة في مجتمعنا أحزاباً ومنظمات وأفراداً.. ومن البديهي أن نحرص على الاطمئنان على المستقبل وأن تكون الأجيال القادمة أكثر قدرة على الممارسة الديمقراطية وأن يتكون لديها قناعات يقينية بها وأن تترسخ في وحدات شبابنا وأطفالنا قادة المستقبل قيم الديمقراطية وثقافة الحوار وتقبل الآخر احترام حق الاختلاف والتباين البناء، ويجب علينا أن نزودهم بالمعارف ونساعدهم على تكوين المهارات والقناعات والقيم والقدرات اللازمة.
وحتى ديمقراطية في سلوكنا على المستوى العام وعلى المستوى الشخصي.
إن كل ذلك ممكن من خلال مناهجنا الدراسية والأنشطة المصاحبة لها وبتعاون كافة أطراف العملية التربوية والتعليمية وسنعطي بعض الأمثلة على مايمكن عمله من خلال المواد الدراسية المقررة في مدارسنا.
أ التربية الإسلامية والقرآن الكريم: خصصت ضمن خارطة الحصص الأسبوعية في التعليم الأساسي ثمان حصص أسبوعية لهاتين المادتين في صفوف السنة الأولى وسبع حصص في الصفوف من 7 9 وهي كافية للمعلم المقتدر ويستطيع أن يقدم المقررات للطلاب والتلاميذ بصورة جيدة ومرتبة ومخصصة للأهداف المحددة لها في وثيقة المناهج.
وسيجد المعلم في المقررات وفي تبني الإسلام للنهج الشوري الديمقراطي آفاقاً واسعة يعزز من خلالها قيم الديمقراطية في وجدان الأطفال والتلاميذ.
كما سيجد في سيرة الرسول «صلى الله عليه وسلم» وأصحابه وفي سيرة الأنبياء والصالحين من سلف الأمة نماذج فريدة للمحبة والأخوة والسماحة والإيثار واحترام حقوق الآخر والرفع من شأن الإنسان وحقوقه وإعلاء مكانة المرأة وإسداء الخير للمجتمع وهي السمات التي تشكل جوهر الديمقراطية.
غير أننا نعتقد أن كثيراً من معلمينا يقصرون في هذا الجانب ويركزون على عمليات الحفظ والاستذكار وهذه إشكالية يمكن معالجتها من خلال التدريب والتثقيف للمعلمين والموجهين ومن خلال الأنشطة اللاصفية التي تتيح للطلاب والتلاميذ فرصاً أوسع للتشبع بقيم الديمقراطية.
ب اللغة العربية: تعتبر اللغة العربية هي وسيلة التعبير والاستيعاب والتفكير والتأمل والتواصل لطلابنا وتلاميذنا وقد خصتها خارطة الحصص الأسبوعية بنصيب كاف من الحصص، عشر حصص أسبوعية للصفوف من 1 4 وتسع للصفين 5و6 وست حصص في باقي الصفوف من 7 12.
وإذا بحثنا في مقررات اللغة العربية نجدها تتدرج بصورة منهجية بدءاً من المحادثة الشفوية وحكاية القصص والأناشيد وانتهاءً بالمهارات العليا في الفهم والاستيعاب.
وإذا كانت الديمقراطية تعني حرية التعبير فإن ذلك يستلزم تهيئة الأجواء والبنية لممارسة حرية التعبير وقبل ذلك امتلاك القدرة على التعبير، ويؤسفنا أن نقول أن معلمينا يهملون هذا النشاط الضروري ولايهتمون بتدريب تلاميذهم وطلابهم على مهارات التعبير الشفوي ومن ثم التعبير التحريري.
ولعل عذرهم أن وثيقة المناهج نفسها لاتعطي اهتماماً كبيراً لموضوع أنشطة التعبير وتركز بدلاً عن ذلك على النصوص والمطالعة والإملاء وقواعد النحو والبلاغة.
إن مادة اللغة العربية كمادة دراسية نعتبرها المادة العلمية الأساسية في تعلم ألف باء الديمقراطية وممارستها ويمكن حتى في الأمثلة والتدريبات في قواعد النحو والإملاء والبلاغة وفي اختياراتنا للقطع والنصوص أن نركز على المفردات والمصطلحات الخاصة بالديمقراطية، كما يمكن إثراء المعارف والاهتمامات الديمقراطية عن طريق مطالعة الكتب وإقامة المحاضرات وتنشيط الصحافة المدرسية وعقد الندوات داخل المدارس والدفع بطلابنا بالإسهام فيها وتعويدهم على الحوار مع الآخر والقبول بالاختلاف وهي عملية ليست باليسيرة ولكنها ضرورية حتى نضمن بناء جيل أكثر انفتاحاً وراسخ ايماناً بالديمقراطية وأكثر قدرة على ممارستها.
كانت قبل الوحدة ضمن مقررات الإثراء في الثقافة واللغة أربعة كتب معتمدة للصفوف من 6 9 هي كتب «عمر بن عبدالعزيز وخالد بن الوليد وقصة واسلاماه وصلاح الدين الأيوبي وقد ألغيت هذه الكتب بعد الوحدة ولم تستبدل بغيرها.
وقد ينظر البعض للموضوع من وجهة نظر سياسية ولظروف اقليمية ودولية ولكننا نتفق أنه بإمكان المسئولين عن المنهج الدراسي استبدال هذه الكتب بأخرى بديلة تعزز الاتجاهات الديمقراطية عند شبابنا وتثري لغتهم ومعارفهم وستجد في تراثنا كماً غير محدود مما يناسب هذا الهدف.
بل يمكن الجزم أنه حتماً من خلال الكتب التي ألغيت يمكن تحقيق هذا الهدف إذا أعدنا قراءتها.
وعلى سبيل المثال يمكن من خلال «عمر بن العزيز» التركيز عن صلاح القادة والعدل كأساس للحكم واحترام الآخرين والأستفادة من كافة القيم الايجابية التي يمثلها في خامس الخلفاء الراشدين.
كما يمكن من خلال «خالد بن الوليد» التركيز على قيم ايجابية عظيمة منها الانضباط والاخلاص والانتقال رغم المعاناة من فريق الباطل إلى نصرة فريق الحق أما في رواية «واسلاماه» فيمكن إبراز دور المرأة وقدرتها على الجهاد والتركيز على أن تفكك الأمة الإسلامية يتسبب دائماً في نكبتها وتعريضها للطامعين وأن وحدتها وتماسكها هو وحده الكفيل بعزتها ومنعتها وانتصارها، وكذلك الحال بالنسبة لكتاب «صلاح الدين الأيوبي» مع إضافة طريقة تعامل صلاح الدين مع أعدائه ومناوئه واحترامه لحقوق الإنسان حتى عندما لايتعامل معه خصومه بمثلها، وغني عن التركيز أن علينا استيعاب الأمثلة والشواهد وهي ماتزال كبيرة في مقررات اللغة العربية والتي تعود إلى البصريين والكوفيين وقد بدأ الأوان لاستبدالها بشواهد وأمثلة تواكب الحاضر وتنسجم مع ثقافة العصر.
ج اللغة الانجليزية: تكتسب اللغة الانجليزية أهميتها من حيث هي اليوم وسيلة الاتصال الأولى المعتمدة على مستوى العالم وهي اللغة المشتركة أيضاً المتفق عليها وعلى استخدامها في مجال تقنية المعلومات وأصبح تعلمها شرطاً ضرورياً للحصول على المعرفة من أوسع أبوابها وعبر شبكة المعلومات الدولية والمحلية إضافة لكونها لغة رئيسية تختزن تراثاً هائلاً من العلوم والثقافة والمعارف العامة.
ونعتقد أن تأخر تدريس اللغة الانجليزية في مدارسنا من الصف الخامس إلى الصف السابع لم يكن قراراً موفقاً وكان الأولى أن نعمل لتقديم تدريسها إلى الصف الثالث أو حتى الأول.
وإذا كانت دراسة الحاسوب قد بدأت في بعض مدارسنا فإن من المؤكد وبحسب المؤشرات فإنه في وقت أقل ممانتوقع ستصبح هذه المادة شائعة في جميع مدارسنا بل ولن نبالغ إن قلنا أن الحاسوب سيصبح عن قريب في متناول الجميع وبدون تعلم اللغة الانجليزية فسيكون من الصعب التعامل مع هذه التقنية الحديثة ونحن نتطلع لما وعدنا في الاستراتيجية الوطنية للتعليم الأساسي التي تم إقرارها منذ أكثر من ثلاث سنوات أن يبدأ تدريس اللغة الانجليزية مبكراً وأن تزداد الحصص الأسبوعية المعتمدة ونرى أن هذه اللغة إلى جانب كونها لغة ثقافية وعلوم ومعارف فإنها أيضاً وسيلة للتخاطب والحوار والتواصل مع الآخر وهذا من أشكال الديمقراطية التي يتزايد اهتمام العالم بها والرافض لدعوات العزلة والانغلاق على الذات ونزعات التعصب.
لقد أصبحنا نعبث في هذا العالم في قرية واحدة واللغة الانجليزية هي بدون منازع في الوقت الحاضر وفي المستقبل المنظور هي القناة التي لاغنى لنا عن إجادتها إن أردنا أن نكون فاعلين في هذا العالم شديد التغيير سريع التطور.
د الرياضيات: إذا رجعنا إلى وثيقة المنهاج نجد أن الأهداف العامة لتدريس الرياضيات في التعليم العام تحديداً في ستة عشر هدفاً منها هدفان فقط معرفيان وكل الأهداف الأخرى هي أهداف سلوكية وجدانية مهارية تنموية لكن واقعنا يقول إن جهود المعلمين والطلاب في المدارس تنصب وتتركز على الهدفين المعرفيين فقط بحيث لاتتلاقى باقي الأهداف المحددة في وثيقة المنهج الا القليل من الاهتمام بل وربما لايعرفها ولم يسمع بها كثير من المعلمين من الأساس، إن الرياضيات ليست مادة علمية محايدة دائماً ومن خلال تدريسنا لها يمكن المساهمة في إشاعة ثقافة الممارسة الديمقراطية وعلى سبيل المثال يمكن تقديم أمثلة كثيرة ومتنوعة تتعلق بأعداد من يحق لهم التصويت ومن سجلوا في قوائم الناخبين ومن أدلوا بأصواتهم وكذلك كمية الأصوات التي أحرزها المرشحون المتنافسون.
ومقارنة الأرقام والنتائج بين المتنافسين في الانتخابات وبين المديريات والمحافظات وبين المحطات الانتخابية منذ أول انتخابات في عام 1993م وحتى آخر جولة انتخابية.
إن مثل هذه المسائل يمكن من خلالها إشاعة مفردات ومصطلحات الممارسة الديمقراطية بين طلابنا وتلاميذنا ووجودها في المقررات الدراسية حالياً ماتزال قليلية ونادرة.
ه العلوم: يبدأ تدريس العلوم في مدارسنا ابتداءً من الصف الأول في التعليم الأساسي وذلك تحت مسمى علوم من الصف التاسع ومن ثم تتوزع في الصفوف 10 12 إلى احياء، كيمياء، فيزياء.
تدريس العلوم في مرحلة مبكرة هو في حد ذاته ظاهرة ايجابية ولاشك أن تدريس العلوم إلى جانب كونه إضافة علمية معرفية فإنه يثري التفكير ويرفع من مكانة البحث العلمي ومناهج البحث العلمي والتفكير المنطقي وهي أمور يركز عليها المهتمون بالنهج الديمقراطي.
فالديمقراطية تعني في جانب منها التقدم والتنمية والتطور العلمي والحضاري والاقتصادي وبدون ذلك سيكون من الصعب إقناع المجتمعات النامية بالخيار الديمقراطي ومن المؤكد أنه بدون التنمية المتسارعة فإن البيئة الاجتماعية ستظل مناسبة للتطرف والتعصب والانغلاق.
و الاجتماعيات: وتشمل التربية الاجتماعية والوطنية والتاريخ والجغرافيا وهذه المادة تشكل أوسع باب يمكن من خلاله إدخال كل مايتعلق بالنهج الديمقراطي من قناعات وممارسات وبالإمكان تقديمها بصورة كمادة علمية ضمن المقررات الدراسية وكذلك بصورة غير مباشرة عند تدريسنا لمواضيع التاريخ والتربية الوطنية والجغرافيا، وهذا يوجب الاهتمام بمدرس هذه المادة وتدريبهم والتأكيد على أهمية الدور الذي يؤدونه كرسل للنهج الديمقراطي، لكن هناك بعض السلبيات الموجودة في الوقت الحاضر تحول دون أن يؤدى هذا الدور بصورة تامة وبطريقة فعالة ومنها أن اعتبار هذه المواد «التربية الوطنية التاريخ الجغرافيا» مادة علمية واحدة درجتها 100 تتوزع على المواد الثلاث قد تقلل من أهميتها في نظر تلاميذنا كما أن الإدارات المدرسية اعتادوا على وضع حصص هذه المادة في آخر النهار ممازاد الإيحاء بأنها بالفصل قليلة الأهمية وهذا الخلل نحاول إصلاحه في حدود الإمكانيات المتاحة لنا وندعو المسئولين على المناهج لإعادة النظر في حجم ونوع ومكانة هذه المادة الدراسية المهمة.
ز الأنشطة اللاصفية:
وتتمثل في مايجري أو على الأصح في مايمكن أن يجري في مدارسنا من محاضرات وندوات وحوارات وصحافة مدرسية ونشاط مسرحي وفني ورحلات مدرسية وزيارات ميدانية ولقاءات مع قيادات المجتمع والسلطة، وغير ذلك من مظاهر الإبداع والأنشطة والفعاليات التي يجب من خلالها تدريب طلابنا وتلاميذنا على ممارسة الديمقراطية وأدب الحوار وآداب الاستماع وتفهم وجهات نظر الآخرين واحترامها.
وكذلك على التفكير وتبادل التفكير بطريقة منطقية بعيدة عن ثقافة التعصب والإلغاء، إن تعزيز وتفصيل مثل هذه المناشط الإبداعية الهامة يتطلب إلى جانب هيئة تعليمية واعية وإدارة مدرسية مقتدرة وفعالة يتطلب بلا شك التخلص من نظام الفترتين في مدارس التعليم الأساسي والثانوي وهذه مسألة ينبغي أن نوليها جل اهتمامنا عند إعداد مشاريع وخطط التنمية ونتوقع من المجالس المحلية أن تولي جل اهتمامها لتعزيز البنى التحتية والمباني المدرسية واستشراف نمو المشاريع في المدن بصورة خاصة ونحن متفائلون حقيقة بأنه يمكن التخلص من عبء نظام الفترتين في مدارسنا في المستقبل القريب إن شاء الله.
ثانياً: ظاهرة التسرب من المدرسة: ويجب أن نفرق بين جانبين لهذه الظاهرة وهي:
أ التسرب بمعنى عدم الالتحاق أصلاً بالمدرسة بالنسبة للذين هم في سن القبول ذكوراً وإناثاً وذلك يعود لأسباب مختلفة تتباين بين عدم السعة الاستيعابية حيث لاتتواجد إمكانية لقبول مزيد من الطلاب حتى وإن كانوا في سن القبول وتأخر بعضهم إلى العام التالي كما يحدث كثيراً في بعض مدارس المدن كمدرسة الخنساء بحي الشرج بمدينة المكلا أو بسبب الظروف الاقتصادية ونمط الحياة في المناطق الريفية والبدوية وبصورة أكبر في قطاع البنات وكذلك بعد مناطق المدارس وفي هذا الخصوص فقد شكل الغاء المجمعات الطلابية وتوقيف المساعدات الغذائية عنها من وزارتي التربية والدفاع شكل ضربة فاجعة لهذه المجمعات المنتشرة في كافة أرياف المديريات بما فيها أرياف المكلا.
وقد عانت جزيرة سقطرى بشكل خاص من توقف التغذية على المجمعات الطلابية.
ب التسرب بمعنى التخلف عن مواصلة المراحل اللاحقة وانقطاع التلاميذ لأسباب كثيرة ومتباينة أيضاً.
والحقيقة أن البيانات التي يمكن الحصول عليها تبدو مضللة بشكل كبير وقد قام اثنان من كوادرنا التربوية واحد من الساحل وهو الأخ علي عبدالله البيتي مستشار مكتب وزارة التربية والتعليم م/حضرموت الساحل والآخر من وادي حضرموت وهو الأخ عبدالله صالح باموسى مدير التوجيه التربوي بمكتب وزارة التربية والتعليم م/حضرموت الوادي والصحراء بإعداد دراسة في العام الماضي حول ظاهرة التسرب في المحافظة وأظهرت الدراسة مؤشرات غريبة وعجيبة منها على سبيل المثال:
1 كانت نسبة القبول في الصف الأول في مديريات الوادي والصحراء 84% وفي مديريات الساحل 51% ولتفسير هذا التباين الكبير اكتشف الباحثان أن معدي الإحصاء في مديريات الوادي قارنوا عدد الملتحقين بعدد الذين هم في سن السابعة وبالاستثناء إلى احصاء السكان لعام 2004م بينما أخذ معدو الإحصاء في مديريات الساحل عدد الأطفال الذين هم في سن القبول بين سن السادسة والعاشرة الذين لم يلتحقوا بالمدرسة بينما اذا قارن عدد الملتحقين بالصف الأول بعدد الذين هم في سن السابعة فإن نسبة القبول ستكون 99% «106% بالنسبة للذكور» و93% للإناث حسب استراتيجية النمو والتخفيف من الفقر لقطاع التعليم والشباب.
2 كان الاختلاف والتباين كبيراً أيضاً بين المديريات وبين المدارس في بعض المديريات فقد كانت نسبة التسرب أقل من 1% في مدارس الأحياء المستقرة في مدن المكلا القديمة والغيل والشحر وسيئون وتريم وشبام بينما بلغت في بعض مدارس أرياف المديريات إلى 98% ولاشك أن نسبة 10% نسبة خطرة جداً لأنها تعني ببساطة أن فصلاً يتكون من 40 طالباً في الصف الأول سيتلاشى في مرحلة لاحقة حيث تصبح أعداد الطلاب أقل بكثير من الحد الأدنى لاعتماده كفصل دراسي مستقل وسيكون أمام التلاميذ خياران، أما أن يتخلف عن الدراسة ومواصلتها في السنة التالية من الصف الذي سيصعد إلى سابعة أو الانتقال مع أسرهم إلى المدينة فتتفاقم ظاهرة العشوائية ويزداد الضغط على الخدمات في المدن.
3 بلغت نسبة القبول في بعض المدارس 250% وذلك يحدث عندما تفتح مدارس جديدة في مناطق لم تكن فيها مدارس من قبل فيلتحق بها كل الذين لم يلتحقوا بالمدرسة من الأطفال وبعضهم قد يكون تجاوز 12 سنة من عمره.
4 كانت أعداد المتخرجين من الصفوف النهائية والمتقدمين لامتحان اكمال المرحلة أكبر من أعداد الذين التحقوا بالصف الأول في المدرسة وذلك في بعض المدارس التي أفتتحت في الأحياء التي شهدت نمواً متسارعاً مثل أحياء فوه وابن سيناء بالمكلا مثل مدارس ناصر لوتاه والشافعي وكذلك مدرسة ابن رشد في الحي الجديد بمدينة الشحر وذلك بسبب انتقال الطلاب من مناطق أخرى للسكن في الحي الجديد والالتحاق بمدرسته وبصورة عامة فإن نسبة الالتحاق والتسرب في صورتها العامة هي نسب في حدود الأمان ولاتبعث على القلق ولكن إذا نظرنا إليها من زاوية ديمقراطية فسوف يبين لنا عدم التوزيع العادل حيث سنجدها مرتفعة في الأرياف ومنخفضة في المدن ومرتفعة بين الإناث ومنخفضة بين الذكور ومرتفعة في الصفوف العليا ومنخفضة في الصفوف الدنيا وذلك يعني اختلال الحراك التنموي ويتطلب مضاعفة الجهود لتحقيق التوازن وتقليص الهدر في الإنفاق على المخرجات
5 بينت الدراسة أيضاً أن تسرب الذكور يكون لأسباب اقتصادية بصورة أساسية في حين أن تسرب البنات يعود في كثير من الأحيان إلى أسباب اجتماعية تتعلق بالتقاليد وبعدم صلاحية البيئة الدراسية حيث يوجد في بعض المدارس حمام واحد لكل 100 طالبة.
ثالثاً: الدور الإشرافي تجاه المدارس الخاصة والأهلية:
بدأ إنشاء المدارس الأهلية في محافظة حضرموت منذ عام 1995م أي قبل صدور قانون تنظيم مؤسسات التعليم الأهلي والخاص رقم «11» لعام 1999م وقد منح القانون امتيازات ومزايا كثيرة للمجتمع للاستثمار في مجال التعليم وهو في جملته يمثل اعترافاً صريحاً من الدولة بحق وواجب المجتمع في المساهمة في التربية والتعليم وحددت المادة «3» من القانون أهداف مدارس ومؤسسات التعليم الأهلي والخاص في:
1 إضافة إمكانية تعليمية جديدة إلى الإمكانيات الحكومية.
2 توجيه الجهود والإمكانيات الوطنية والأجنبية لتدريب الكوادر البشرية لمشاريع التنمية.
3 إدخال مناهج وطرق إضافية جديدة ومتطورة.
4 التوسع في دراسة اللغات الأجنبية.
5 فتح مجال التنافس في رفد الميدان التعليمي.
6 تشجيع المشاركة الشعبية والرأسمال الوطني في التعليم.
7 إتاحة الفرصة لأبناء الجاليات لدراسة مايحتاجونه من الخدمة التعليمية.
إن هذه الأهداف تؤكد دعوة المشاركة بين الدولة والمجتمع باعتبارها مظهراً من مظاهر الديمقراطية وقد نص القانون صراحة في المادة «4» على حق الدول الشقيقة والصديقة والأجنبية ومواطنيها في الاستثمار في التعليم في اليمن ولم يستثني إلا المرتبطين بالماسونية والتبشيرية.
لكن القانون ومنعاً لنشر الخلافات السياسية والمذهبية والطائفية فقد حظرت المادة «9» منه التصاريح على الأحزاب والتنظيمات السياسية والجمعيات الخيرية كما نصت المادة «10» منع إنشاء مؤسسات تعليمية لأغراض أو دوافع سياسية أو حزبية أو طائفية أو مذهبية.
من ناحية أخرى إجازة المادة «25» من القانون لهذه المدارس استخدام الكتب المدرسية الأجنبية في الكيمياء والأحياء والفيزياء والرياضيات واللغات الأجنبية والتربية المنزلية والأنشطة المدرسية بل سمحت المادة «27» لهذه المدارس التدريس لهذه المواد باللغة الانجليزية وبالطبع فإن من المفهوم أن المدارس الأهلية ملزمة باستنهاج مناهج التربية والتعليم إن أرادت الاعتراف بشهاداتها وتعميدها.
من هذا الاستعراض الموجز للقانون نرى مدى السماحة التي تتعامل بها الدولة مع المجتمع في مجال التعليم والحقيقة أن التعليم الأهلي كما كان منذ بدايات نشوء التعليم في حضرموت قبل أكثر من قرن من الزمان كان فاعلاً ولدينا في الوقت الحالي أكثر من 28 مدرسة ومعهداً في مديريات ساحل حضرموت تضم أكثر من 7411 طالباً وطالبة.. وهناك أمران نرجو التنبيه عليهما الأول هو أن كثيراً من المعاهد تتبع حقيقة لجمعيات رغم أنه من الناحية الرسمية مرخصة باسم أشخاص مسئولين بصورة مباشرة فيها، ونحن مطمئنون في الوقت الحاضر من وعي القيادات المشرفة على هذه المعاهد ونعمل باستمرار على التواصل معهم بما يخدم المصلحة العامة ويعمل على استقرار المجتمع ومع ذلك فمن المهم أن نطمئن على مستقبل أجيالنا وشبابنا ومنع أي تجاوزات تهز بوحدة النسيج الاجتماعي.
ويقوم التوجيه التربوي بزيارات لمؤسسات التعليم الأهلي وهم جميعاً يرحبون بهذه الزيارات ويشرف مكتب التربية والتعليم بالمحافظة على الامتحانات النهائية أشرافاً كاملاً ومباشراً.
أما الأمر الأخر الذي نود الإشارة إليه فهو أن كثير من المدارس الأهلية رغم توسعها مازالت تعتمد على المعلمين العاملين في مدارس التعليم الحكومي ولم تقم بتوظيف كادرها التعليمي مباشرة وهذا يسبب لنا بعض الإرباك ويرهق معلمينا ومنهم من يقوم بالتدريس في الصفوف النهائية تاسعة وثالثة ثانوي ونسعى جاهدين لحث المدارس الأهلية على تكوين طواقمها الإدارية والتعليمية المستقلة والخاصة بها. إن مشاركة المجتمع في بلادنا في مجال التربية والتعليم يمثل كما قلنا أحد مظاهر لديمقراطية البناءة ونحن في حضرموت نعتز بالدرجة الممتازة التي وصلت إليها شراكة الدولة مع المجتمع والمتمثلة في ثلاثة جوانب:
الجانب الأول هو ماذكرناه من استثمار أهلي في التعليم وإنشاء المدارس الأهلية والخاصة، والجانب الثاني يتمثل في إسهام المجتمع في تحسين البنية التعليمية في مدارسنا بتوفير بعض المستلزمات التي لاتستطيع الدولة توفيرها جميعاً بدءاً من ساعة الحائط والبرادات والأثاث المكتبي والمراوح وانتهاء بالقيام ببعض أعمال الترميم والإصلاح وإضافة مرافق خدمية كالحمامات وهي أعمال يقوم بها رجال أخيار ونساء خيرات في محافظة الخير حضرموت، أما الجانب الأخير فيتمثل في اسهام المجتمع في بناء مدارس وتأثيثها بشكل كامل وتسليمها للتربية والتعليم لتشغيلها وقد أنفق الخيرون من أبناء حضرموت مليارات في هذا الجانب وبصماتهم واضحة في مختلف المديريات وتتميز مديرية دوعن ومديرية المكلا بجهد خاص وكبير في هذا الجانب الخيري الوطني.
نعتقد أننا حققنا الكثير حتى الآن وستجدون في الإحصائيات الملحقة بهذه الورقة بيانات توضح حجم الانجاز الذي تحقق على مدى مايقارب السبعة عشر عاماً من تحقيق الوحدة المباركة ومايزال أمامنا المزيد من العمل والجهد وكلنا ثقة أنه بتعاون الجميع وبدعم السلطة المحلية في المحافظة سنواصل انجاز الكثير مما ينتظره شعبنا ومجتمعنا.
ورقة عمل قدمت لندوة النهج الديمقراطي وانعكاساته على التنمية البشرية في الجمهورية اليمنية المكلا أعدها للنشر منال القدسي


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.