لماذا انتشرت في السنوات الأخيرة ظواهر سلبية بين الطلبة كالرسوب المتكرر وسوء التحصيل العلمي والتسرب من التعليم..؟ ولماذا.. أيضاً أصبح المعلم ضعيفا جداً في مستوى أدائه التدريسي؟.. أسئلة مهمة قد نلقى لها إجابة حقيقية وواضحة في سياق هذا التحقيق.. وما زال الآباء يشتكون على الرغم من التحديثات التي شهدتها المناهج الدراسية لمرحلتي التعليم الأساسي والثانوي إلا أن الكثير من أولياء أمور الطلبة لا يزالون يرفعون أصواتهم شكواً من تكرار رسوب الأبناء وسوء تحصيلهم العلمي وتسربهم وهروبهم من التعليم وعندما يعاتب هؤلاء الآباء أبناءهم على تكرار الرسوب والفشل الدراسي يسمعون من أفواه الأبناء نفس الرد على عتابهم والمتمثل في صعوبة الدروس وعدم قدرتهم (ذكورا وإناثا) على فهمها واستيعابها وخاصة المواد العلمية (العلوم والرياضيات والفيزياء) وعدم قدرة بعض المدرسين على شرح محتوى هذه المواد بشكل صحيح وكثرة غياب بعض مدرسي هذه المواد وبشكل صحيح وكثرة غياب بعض مدرسي هذه المواد العلمية وكذا مدرسي مادة اللغة الإنجليزية. الاجتماعيون...ماذا قالوا؟ بعض الإخصائيين الاجتماعيين كان لهم تفسير لهذه المشكلة فمنهم من اعتقد بأن الأسباب الأساسية والمباشرة في الرسوب المتكرر وسوء التحصيل العلمي وتسرب وهروب الطلاب من التعليم يعود إلى الإهمال وعدم متابعة أولياء الأمور وبصورة مستمرة واختلاط بعض الطلبة برفقاء السوء وإهمالهم المتعمد للدروس والواجبات المنزلية وإلى صعوبة بعض مواد المناهج الدراسية الجديدة.. وهؤلاء الإخصائيون يرون بأن معالجة ظاهرة الرسوب المتكرر للطلبة لن تتم ما لم يقم أولياء الأمور بمتابعة الحالة الدراسية الخاصة بالأبناء وعن طريق مساعدتهم في استذكار الدروس وحل الواجبات المنزلية وحثهم معنوياً على أهمية العمل والتعلم في بناء وتطور الفرد والمجتمع.. وفي المقابل هناك فئة من الإخصائيين والتي أكدت بأن الرسوب المتكرر للتلاميذ سببه إهمالهم للدراسة وتقصيرهم في عمل الواجبات المنزلية وإهمالهم اجتماعياً من قبل الأبوين وأن مشكلة غياب الطلاب عن المدرسة نشأت بسبب تلك المشاكل والنزاعات الاجتماعية الأسرية. إعادة صياغة المناهج وهناك فئة ثالثة من الإخصائيين والتي أكدت أن 65 %من الطلبة يشتكون من صعوبة المناهج الدراسية واعتماد بعض المدرسين على القدرات الذاتية للتلاميذ في استيعاب وشرح الدروس وإن هذه المشكلة قد لعبت دوراً مؤثراً في إبراز حالات الرسوب المتكرر والكراهية لبعض مواد المناهج الدراسية الجديدة وهذا أدى إلى بروز ظاهرة التسرب من التعليم وهذه النسبة المئوية تظهر جلياً بين طلبة الصفوف الأولى من مرحلة التعليم الأساسي.. ولقد رأت هذه الفئة بأن الحد من هذه الظواهر السلبية لن يتم حدوثه ما لم تقم وزارة التربية والتعليم بإعادة النظر في سياسة صياغة محتويات المناهج الدراسية وبأساليب منهجية واضحة ومحددة ويجب على المدرسين التزين ذاتياً بصفات المعلم الناجح كالاطلاع الواسع على طبيعة عملية التعليم والتعلم والقدرة على تفهم ما يمر به الطلاب من تغييرات تواكب مراحل أعمارهم والسماح لهم بالاستفسار حول الدروس والمسائل الصعبة. آراء تربوية متعددة تعددت آراء التربويين حول المناهج الدراسية المحددة.. فمنهم من قال بأن المنهج المدرسي عندما تم وضعه لم ترافقه عمليات تأهيل وتدريب وتنشيط للمدرسين ..خاصة وأن هناك أسئلة تفكير تتحدى قدرات المعلم والمتعلم على حدٍ سواء ويجبر المدرس على القراءة الخارجية وهذا يتطلب توفير المراجع في مكتبات المدارس.. بالإضافة إلى أن طريقة التدريس المتبعة في المدارس لا تزال كما هي تقليدية ولا تتماشى مع محتويات المناهج الدراسية المجددة فبنية المنهج تتطلب كمية محدودة من الطلاب في غرفة الصف المدرسي ويتطلب تراكم خبرات تعليمية مكتسبة حتى يتم اكساب الطالب خبرة جديدة مبنية على تلك الخبرات السابقة.. وآخرون رأوا بأنه بالإمكان تحديد إشكالية التعليم وتدنيه إلى غياب السياسة التربوية والمنهج الهادف، الأمر الذي ترتب عليه انعكاسات شتى أهمها خلو المقررات من الأهداف التربوية التي تستلزم تكوين الإنسان الناجح والمواطن الصالح وفقاً لأسس ومعايير تربوية وعلمية وبغياب المنهج أوكلت المهمة لعدد من الأفراد للقيام بمهمة التعليم وبدون دراية بالأهداف المراد تحقيقها في ظل غيابها وعدم تأهيلهم وكفاءاتهم العلمية في هذا المجال وللسبب ذاته حدث طغيان الارتجال والاجتهاد الفردي على حساب المصلحة العامة والوطنية وقاد إلى فقدان التوجيه العام كمحاولة لتحسين التعليم بحدوده الدنيا وهناك شروط عدة كان يجب الأخذ بها أثناء تحديث المناهج ومنها إشراك اختصاصيين في بناء المناهج وإعداد دراسة فاحصة ودقيقة لها وإشراك الرأي العام المجتمعي في ذلك وقيام المختصين في المجال التربوي والتعليمي بالعمل على تذليل كافة المعوقات والصعوبات التي تحول دون أن يقوم التوجيه الفني بدوره في تحسين وتطوير العملية التعليمية ولابد من إعادة النظر في الإدارات المدرسية وتأهيلها بشكل صحيح وسليم.. مكمن الخلل والمعالجة معظم الأكاديميين المتخصصين في مجال إعداد المناهج التربوية أكدوا أن حقيقة الواقع التربوي الذي تعيشه البلاد يتمثل في غياب الأسس العامة للتعليم والمناهج الدراسية وجاءت الرؤيا المنهجية للمقررات الدراسية للمستويات التعليمية الأولى رؤيا غير سلمية في العمل التربوي وكان يجب أن تكون هذه الرؤيا مكتملة خاصة وأن مراحل النمو معروفة لدى علماء النفس والتربية بأنها مراحل مكتملة ومتصلة ببعضها البعض وتجزئتها ليس لصالح المتعلم.. ثم إن الكتب المدرسية جاءت بعيدة عن المشاركة العامة والشاملة لكل المشتغلين في العملية التعليمية كما أنها لم تأخذ في الحسبان الواقع الذي تعيشه البلاد فجاءت المناهج كتجربة منقولة ومقلدة لتجارب تمت في مصر والأردن ولقد رعاها في البداية وكالة التنمية الأمريكية، ومن ثم رعاها البنك الدولي وبعد ذلك بدأوا بمراحل تالية وقبل أن يبدأوا بمراحل أساسية في وضع الأسس التشريعية والأهداف لكي تأتي مناهج الكتب الدراسية مستقيمة مع الغاية؛ ولذا فإنه يجب إعادة النظر في الرؤيا المنهجية للكتب الدراسية وخاصة وأنه توجد شكوى عامة منها وتدل على أنها غير موضوعية بالدرجة المطلوبة ووضعت في غرفة صغيرة ولم تأخذ في الحسبان الأفق الميداني للعمل التربوي والتعليمي. مشكلة.. أخرى وأما بالنسبة لمشكلة ضعف كوادر التدريس.. فقد أكد معظم هؤلاء الأكاديميين بأن المعلم مرتبط أًصلاً بالمنهج والكتاب المدرسي وأن العملية التعليمية هي ثلاثة أركان (معلم ومتعلم وكتاب) وعليه فإن المؤسسات الخاصة بإعداد المعلم اليمني هي من أكثر المؤسسات تواضعاً في سياسة القبول والاختيار وبرامج الإعداد ولا تخضع لمعايير وأسس الاختيار ولا تخضع لأي نوع من أنواع التقويم والتوجيه وتجديد وتطوير برامج الإعداد وفقاً للمتغيرات والتطورات الحديثة. وأكدوا أيضاً أن المؤسسات التعليمية في بلادنا هي الأخرى تفتقر إلى سياسة القبول والتعامل وسياسة برامج الإعداد وأن الدولة لا تولي اهتماماً حقيقياً للمؤسسات التعليمية المختلفة ولا تمنحها كافة الإمكانيات اللازمة ولا تحسن في اختيار من يلتحق بها، وأن مشكلة تدني مستوى المعلم اليمني تعود إلى أن المعلم عندما يتخرج من مؤسسات إعداد المعلم ينقطع عن القراءة وتطوير الذات ويفتقر للدورات التدريبية والتنمية العلمية وأن المعالجة الحقيقية لهذه المشكلة تبدأ أولاً في وضع سياسات عملية وعلمية ووضع سياسات صارمة في قبول المعلمين في مؤسسات إعداد المعلم وأن تخضع برامج إعداد المعلمين للتقويم المستمر ووجوب متابعة المعلم ميدانياً بعد تخرجه مباشرة وذلك من أجل معرفة مكامن الضعف والقصور لدى المدرس حتى يتم معالجته وتقوية مكمن الضعف وإقامة دورات تنشيطية ملزمة لكل المتخرجين من كلية التربية وإيجاد مبدأ الثواب والعقاب حتى يكون حافزاً للمدرسين للنهوض بهم إلى المستوى التعليمي والتربوي المطلوب، وأن تكون هناك مكافأة دورية وشهادات تقديرية لكل من يخلص في عمله.. مؤتمرات ومراكز بحوث وفي المقابل نجد أن البعض من الأكاديميين انتقدوا بشدة المناهج الدراسية المجددة.. حيث قالوا بأن تنظيماتها المنهجية غير محددة وغير واضحة ويعود السبب في ذلك إلى عدم قيام الجهات المعنية بإشراك خبرات أكاديمية متخصصة من مختلف الجامعات اليمنية وذلك في أثناء تنفيذ عملية تحديث المناهج الدراسية.. وإن ما زاد الطين بلة هو أن الدولة لم تعمل على إقامة مؤتمرات تربوية لمناقشة وضع المناهج الدراسية والتي لم تشهد أي نوع من التطوير والتحديث وأن ما شهدته هو نوع من الحذف والتشطيب وهذا ما جعل الكثير من كوادر التدريس يفقدون قدرة تحليل البيانات الموجودة في الكتاب المدرسي وأضاف هؤلاء الأكاديميون بأن التربية التعليمية لن تكون واضحة وسليمة إلا إذا قامت الدولة بإنشاء مراكز بحوث للتطوير التربوي في كل المحافظات اليمنية وذلك من أجل مناقشة المنهاج والوسائل التعليمية وقضايا المدرسين التربويين.