لست مع المقولة التي يرددها البعض من الزملاء والزميلات ، والتي مفادها أن الصحفي الذي يتعاطى مع مشاكل الدنيا كلها يعجز عن التعاطي مع مشاكله الخاصة.. بل اني مؤمن بأن من يعجز عن التعامل مع كشاكله والقضايا المتعلقة بحياته ومستقبله هو أعجز من تبني قضايا غيره، وأكثر عجزاً عن الإسهام في حل مشاكل مجتمعه ووطنه وأمته وعلى هذا الأساس أمنح نفسي حق التعاطي مع قضايا الوسط الإعلامي الذي أنا أحد منتسبيه من خلال قراءة واقعية لمشاكل هذا الوسط المهموم.. وتحديداً منها تلك التي أشعر أن لنا ضلعا في أسبابها وعلينا واجب لم نؤده لحلها من خلال الكيان المهني الذي يمثلنا «نقابة الصحفيين» وفيما يلي حلقة من حلقات أزعم موضعيتها وأقبل بأي حوار حولها. «الحلقة الأولى» نقابتنا ونقابات الآخرين - مشروع قانون الصحافة الجديد غدا مفردة على جدول أعمال حوارات الأحزاب السياسية ونقابة الصحفيين غائبة.. - معظم النقابات المهنية عملت وتحركت وناضلت وأعدت لمنتسبيها قوانين خاصة توصف وتنظم أعمالهم ووظائفهم وحقوقهم وعلاقاتهم ببعضهم وبالآخرين .. بينما نقابة الصحفيين عجزت حتى عن صلاح وتنقية وثائقها وأنظمتها ولوائحها الداخلية.. بل ان قيادة النقابة الحالية تقف في الصدارة ممن يعيقون إصلاح أوضاع النقابة من الداخل وتنقية وتعديل وإصلاح وثائقها التي ترسخ الفوضى وتشرعن العبث وتجتر كل مخلفات عهود الشمولية والتخلف والجهل والتسلط والفساد. ومنذ إقرار الاستراتيجية الوطنية للأجور وقانونها الخاص تحركت معظم النقابات المهنية وأعدت مشاريع تعديل وبدائل وفعاليات استطاعت من خلالها أن تتلمس هموم منتسبيها والاضرار التي لحقت بهم جراء اقرار قانون الأجور وعملت وبعضها مازالت تعمل وتناضل وتتواصل مع الجهات المعنية دفاعاً عن حقوق منتسبيها المالية والوظيفية بينما نقابة الصحفيين منشغلة بفعالية هامشية ذات صلة بالكيد السياسي والمناكفات الحزبية أكثر من صلتها بهموم المهنة ومنتسبيها. معظم موظفي الدولة في مختلف القطاعات المهنية حصلوا على حقوقهم من بدل طبيعة العمل أو هم في طريقهم للحصول عليها بجهود نقاباتهم المهنية التي أعلنت حالة استنفار قصوى منذ اصدار قانون الأجور. وفتحت مقراتها لاستقبال فتاوى منتسبيها ورصد مظالمهم وسارعت لمخاطبة الجهات المختصة ودخلت في حوارات ونقاشات وخلافات وصل بعضها حد رفع دعاوى قضائية ضد الجهات والوزارات المعنية واستصدار أحكام بتثبيت أو انتزاع أو استرداد حقوق منتسبي تلك النقابات التي تستحق فعلاً أن نطلق عليها مسمى «نقابات مهنية» في الوقت الذي ما زال الزملاء والزميلات العاملون والعاملات في المؤسسات الإعلامية الحكومية في حيرة من أمرهم ينتظرون فرجاً من الله أو عطفاً من متبرع يقول كلمة حق دفاعاً عن حقوقهم التي ما زالت في علم الغيب. - الكادر الإعلامي الذي قضينا سنوات ننادي ونناشد باعتماده ظل مشروعاً متثعراً.. بل بغياب أي دور لنقابة الصحفيين في الوقت الذي أتت نقابات مهنية أخرى بعضها حديثة التكوين واستطاعت هذه النقابات أن تفرض لمنتسبيها كادراً وظيفياً ومالياً وحقوقياً خاصاً.. كما هو الحال بكادر القضاء وكادر المهندسين اليمنيين وكادر الأطباء وكادر أساتذة الجامعات وكادر التربويين وغيرها.. لم تكن لتتحقق لمنتسبي تلك المهن لولا الجهود المخلصة والصادقة التي بذلتها نقاباتهم.. فيما نقابة الصحفيين لم تقدم أية مبادرة عملية أو خطوة جادة لخدمة منتسبيها في هذا الإتجاه. - كل النقابات تنشط وتتحرك وتتواجد مع أعضائها ومنتسبيها وتتعاطى مع مشاكلهم اليومية بآليات علمية وعملية لتبحث لها عن حلول مع المعنيين «جهات حكومية مؤسسات أرباب عمل» بينما نقابة الصحفيين إن تعاطت مع مشكلة من مشاكل زملاء وزميلات المهنة فإن كل ما تفعله هو إعادة تسويق لتلك المشكلة عبر الصحف ووسائل الإعلام إما من خلال بيان أو تصريح صحفي من أحد قيادييها. - كل النقابات تتعامل مع منتسبيها وقضاياهم بمسئولية وحيادية ومهنية بينما نقابة الصحفيين تتعامل مع فئة من الصحفيين والصحفيات بانتقائية بشعة تجعل المتابع يحس وكأن هذه النقابة ليست نقابة لأكثر من ألف صحفي وصحفية، بل نقابة لشلة محددة ومحدودة. - كل النقابات لديها فروع في المحافظات تعطى كامل الصلاحيات للعمل والنشاط واتخاذ القارات وتنفيذ المهام النقابية والتعامل مع قضايا المهنة ومنتسبيها بصورة مباشرة بدءًا من قرارات التنسيب والانتساب ومروراً بإقامة الفعاليات التواصلية وتنظيم أنشطة التواصل والتثقيف والتدريب والتأهيل، وانتهاءً باتخاذ الإجراءات النقابية المكفولة دستورياً وقانونياً، لانتزاع الحقوق أو الدفاع عنها أو مناصرة أعضائها ومنتسبيها والدفاع عنهم وعن حقوقهم ومطالبهم وقضاياهم المشروعة.. بينما نقابة الصحفيين تعتمد المركزية الشديدة في كل شيء وتستحوذ القيادة المركزية للنقابة على كل شيء، وتمنع عن فروعها حق اتخاذ أبسط القرارات المتعلقة بمنح العضوية لمن يستحقها وفقاً للشروط المنصوص عليها. - كل النقابات تعمل بكل جهود قياداتها على التوسع في ايجاد فروع لها في المحافظات التي يتواجد فيها منتسبوها أو منتسبو المهن التي تمثلها بينما قيادة نقابة الصحفيين تحارب إيجاد فروع للنقابة في المحافظات من خلال تحكمها بمنح العضوية للصحفيين والصحفيات في المحافظات بل انها تحرص على إسكات أصوات تنادي بإيجاد فرع لها في أمانة العاصمة التي يتواجد فيها قرابة النصف من أعضاء النقابة، وفي الوقت نفسه تحاول تحجيم الفروع القائمة في كل من محافظات «عدن حضرموت تعز» من خلال الانتقائية الشديدة في منح العضوية لطالبيها من هذه المحافظات رغم ان مئات الملفات المكتملة لطالبي العضوية سلمتها فروع النقابة بعد أن فحصتها واستكملت متطلباتها لصحفيين وصحفيات بلغوا مستوى الاحتراف للعمل الصحفي ويعملون فيه منذ عشرات السنين وأصبحوا أسماء صحفية يشار إليها بالأصابع. - كل النقابات استطاعت أن ترسخ حضورها بين صفوف منتسبيها وبهم ومن خلالهم أوجدت لها ولهم حلولاً وبدائل لتوفير التمويل المالي لأنشطتها المركزية وفي الفروع وحتى على مستوى التكوينات واللجان النقابية من خلال مصادر متعددة تبدأ باشتراكات الأعضاء ولا تقف عند التبرعات والدعومات .. بل ان بعض النقابات أصبح لديها مشاريع استثمارية توفر لها ايرادات ممتازة تمكنها من أداء أنشطتها وحتى مساعدة أعضائها ومنتسبيها .. بينما نقابتنا تنتظر الدعم المالي السنوي من الحكومة الذي يتراوح ما بين 1520 مليون ريال سنوياً.. وليتها تحسن استثمار هذه المبالغ فيماينفع الصحفيين والصحفيات. - هذه بعض المقارنات البسيطة بين ما هو عليه حال نقابتنا «نقابة الصحفيين» وغيرها من النقابات المهنية مع التأكيد على أن للنقابات الأخرى أخطاء ومثالب وجوانب قصور تصاحب إيجابياتها وأداءها وأنشطتها لكن مصيبتنا في نقابتنا مختلفة ومتفردة لدرجة يصعب علينا أن نجد حين قراءتنا لواقعها ما يستحق أن نباهي به أو نشعر بشيء من الاعتداد بانتسابنا لهذه النقابة مع تقديرنا العالي لمبادرات ومواقف إيجابية تابعناها لفرعي نقابتنا في كل من عدن وحضرموت، وإن كانت مجرد مبادرات محدودة، لكننا نقدر الظروف التي تعمل فيها. وللموضوع صلة