(الحلقة الثانية) - تقاليد نقابية غائبة ونشاط معدوم وفعاليات ارتجالية - لجان بدون فاعلية وتكوين يفتقد أبسط مقومات المؤسسية في الحلقة الماضية من هذه القراءة لواقع نقابة الصحفيين من الداخل طرحت مجموعة من النقاط التي يمكن من خلالها المقارنة بين حال نقابتنا ومثيلاتها من النقابات المهنية القائمة على الساحة الوطنية واستشهدت على الفارق القائم بين أداء واهتمام نقابتنا والنقابات الأخرى من خلال مواقف وأداء نقابتنافيمايتعلق بمشروع قانون الصحافة الجديد والكادر الاعلامي وطبيعة العمل ومركزية اتخاذ القرار وغياب النشاط الميداني بالاضافة إلى قضية الموارد المالية للنقابة وآلية التسيب ومنح العضوية.. وهذه المفردات في اعتقادي هي أبرز مايمكن على أساسه المقارنة باعتبار أن لنقابات المهن الأخرى قضايا ومشاكل واهتمامات مساوية أو مشابهة. في تقاليد العمل النقابي والمنظماتي يتم تحديد اجتماعات دورية للهيئة الإدارية للنقابة أو المنظمة بينما تحدد وتوزع المهام وفقاً للتكوينات أو الأقسام أو الدوائر أو اللجان المتخصصة داخل الهيئة الإدارية بحيث تعد كل لجنة أو دائرة متخصصة مشاريع عملها وأنشطتها الفصلية أو النصف سنوية أو حتى السنوية ليتم اقرارها في الاجتماعات الدورية ايذاناً بتنفيذهاعبر المختص أو المختصين في القطاع أو اللجنة المتخصصة ومن يكلف بالعمل معه وفقاً للخطة المقرة وآليتها فكيف يسير العمل في نقابتنا؟. لا نشاط ولا تقاليد في نقابة الصحفيين يصعب السؤال عن تقاليد العمل النقابي في تنفيذ الأنشطة ليس لأن التقاليد غائبة وحسب بل لأن الأنشطة النقابية المخطط لها والمدروسة والمقرة والممرحلة أصلاً غير موجودة ولا واردة ضمن اهتمامات القيادة النقابية ولو كانت هنالك أنشطة لعلمنا بها أو سمعنا عنها، بل لو كانت هنالك خطط وتصورات لأنشطة نقابية من أي نوع وفي أي اتجاه حتى ولو أنها مجرد خطط لسمعنا عن حوارات أو محاولات أو اجتهادات أو حتى مطالبات بتنفيذها.. والأمر هنا يقتضي مساءلة قيادة النقابة بشكل جماعي وتضامني ثم مساءلة كل لجنة من اللجان المتخصصة في مجلس النقابة عن جدوى وجودها وحجم نشاطها ،وأسباب غيابها وبالمناسبة فرع نقابتنا في حضرموت ينظم ملتقى أسبوعياً «كل ثلاثاء» للحوار حول قضية معينة يتم تحديدها بالتوافق وذلك تقليداً يستخلص الاشادة. غياب وتنافر بجسب المعلومات التي نتابعها عبر زملاء يترددون ويعملون في النقابة وكذلك أعضاء مجلس النقابة ذاتهم فإن معظم الاجتماعات المحددة لمجلس النقابة بصفة دورية لا تنعقد بسبب التغيب الذي غالباً ما يفقد الاجتماعات شرعيتها وشرعية قراراتها لعدم اكتمال النصاب.. وفي الحالات التي يتواجد فيها النصاب القانوني للاجتماع غالباً ما تتناثر الآراء والأطروحات والمقترحات فينفض الاجتماع بسبب اختلاف أعضاء المجلس، وتحبط القرارات والمقترحات لعدم التوافق حولها.. والحال ان الارتجال والاجتهاد وعدم وجود الضوابط والآليات المؤسسية والخطط الدورية التي من خلالها تعد جداول أعمال الاجتماعات علاوة على غياب روح المسئولية وضف الخبرة والوعي بتقاليد وأعراف العمل النقابي كل هذه أسباب جوهرية للفوضى السائدة في أداء نقابة الصحفيين ويمكن أن يضاف لهاسبب آخر في غاية الأهمية وهو طغيان التوجه الحزبي على الروح النقابية المهنية. غياب الشفافية نقابة البصحفيين تكاد تكون النقابة الوحيدة التي ليس لديها إشكالية تسويق وتعميم أنشطتها وإيصال رسالتهالأعضائها ومنتسبيها بأفضل وأسرع الطرق وفق آلية أبسط من البساطة نفسها تتمثل في صياغة بلاغ صحفي وتعميمه على الصحفي ووسائل الإعلام لتقوم هي بنشره وبثه وإيصال محتواه. ليس فقط لمنتسبي النقابة والعاملين في المهنة بل ولعامة الناس بما في ذلك أصحاب القرار والمعنيين.. وهناك قضية كنا قد تحاورنا حولها في لقاءات تشاورية سابقة تتعلق بشفافية وعلنية قرارات وأنشطة النقابة وتم الاتفاق على أن تعلن وتبث وتنشر كل قرارات مجلس النقابة وتفاصيل أنشطتها عبر وسائل الاعلام وعبر موقع خاص للنقابة على الانترنت بالاضافة للإعلان الحائطي على جدران النقابة من الداخل لكن الذي حاصل الآن هو أن كل شيء داخل النقابة سري وممنوع خروجه أو تداوله لأسباب لا يعلمها إلا زملاؤنا في قيادة النقابة والذين تشعر بالغيظ أكثر عندما تسأل أحدهم عما دار أويدور فيقول لك بكل بجاحة وبرود «لا أعلم». اللجان مجرد مسميات بحسب تكوينات قيادة النقابة فإن هناك لجنة ثقافية لم نسمع على الإطلاق أنها أقامت أوأعدت نشاطاً ثقافياً أو حتى أعدت أو أصدرت منشوراً أو كتاباً أو كتيباً رغم ان المؤتمرات العامة السابقة للنقابة أقرت إصدار صحيفة «الصحفي» لتكون لسان حال النقابة وهنالك لجنة تدريب وتأهيل، ماأقامت نشاطاً أو دورة تدريبية عدا ترشيح بعض الزملاء والزميلات لدورات تدريبية حصلت عليها النقابة من جهات أخرى محلية وخارجية، وحتى هذه تمت بسرية واختيرت لها الأسماء وفقاً لعلاقات شخصية.. ولم يكن حتى لفروع النقابة دور أو نصيب.. وللنقابة لذلك لجنة علاقات خارجية لا ندري حتى اللحظة مع من أقامت لنا أو لنقابتنا أي نوع من العلاقات المثمرة.. ولدينا لجنة قانونية يفترض أن يكون لها مبادرات وأدوار في اعداد مشاريع اللوائح والضوابط الداخلية وملاحظات ومقترحات ومشاريع حول قانون الصحافة والتشريعات ذات الصلة بالمهنة ومشاكلها وقضايا منتسبيها ولكن الغياب هوالسائد.. ولدينا كذلك «لجنة الحريات» التي تركت وتجاهلت قضايا الحريات الجوهرية واستبدلتها بفرقعات هامشية تخلط بين القضايا الجنائية والقضايا المدنية وقضاياالحقوق الشخصية وبين قضايا الحريات المكفولة .. وبدلاً من أن تعد مشروعاً أو تدعو لإعداد مشروع استراتيجي للتعاطي مع قضايا الحريات وذات الصلة بها ليتم على ضوئها التواصل والتحاور واتخاذ التدابير الكفيلة بمعالجتها اكتفت هذه اللجنة بل والنقابة بالتعاطي مع أية شكوى تصل النقابة حتى دون تقصي حقيقتها بإصدار بيان أو إرسال تصريح صحفي ليبقى الحال كما هو عليه وتبقى الحريات الصحفية محطة شد وجذب ومزايدات ومكايدات. ولدينا كذلك «لجنة شئون العضوية» وهذه اللجنة هي الطامة الكبرى في النقابة وهي الخطر المحدق بها وبنا وبالمهنة إذ أنها تمثل أبشع صور المركزية والتسلط والانتقائية وخرق النظام الداخلي وأعراف وتقاليد العمل النقابي .. وصحيح أن النظام الداخلي منح هذه اللجنة صلاحيات خاصة وحساسة لكن ذلك لا يبرر المشكلة بل يؤكد ان النظام الداخلي متخلف وشمولي وغير صالح للبقاء كتشريع ينظم مهنة الصحافة في بلد ينتهج الديمقراطية ويسير نحو الشفافية واللا مركزية وجماعية العمل والأداء والنشاط.. وفوق هذا وذاك فإن لجنة القيد لم تلتزم بذلك النظام ومنحت نفسها الحق في اختيار الأوقات والمواسم التي تعمل فيها وتستقبل ملفات وطلبات العضوية متى ما شاءت.. وتختار ما شاءت من الملفات والطلبات المكدسة في سكرتارية النقابة منذ سنوات للبت فيها وللأسف الشديد فهي تمنح العضوية وفقاً لصفات ومواصفات لا علاقة لها بشروط العضوية ولن نذهب بعيداً عما يدور هذه الأيام من قرصنة وانتقائية في دراسة ملفات طالبي العضوية.. ويكفي أن يعلم الزملاء في المؤسسات الإعلامية وفروع النقابة أن اعلانات تم تعليقها في بعض المؤسسات مفادها حث الزملاء والزميلات الذين لم يحصلوا على عضوية النقابة أن يبادروا إلى تسليم طلباتهم وملفاتهم في وقت محدد أقصاه وفقاً للإعلان نهاية الأسبوع الماضي.. في حين أن مؤسسات اعلامية أخرى لم تعلم بهذا الموضوع ولم يبلغها أو يبلغ العاملون فيها أحداً لأن لجنة القيد وربماً قيادة النقابة بكاملها لديهم استراتيجية معينة لتنسيب أعضاء جدد من مؤسسات ووسائل وصحف محددة وربما فئات محددة.. مع ضرورة الاشارة إلى أن مئات الملفات من جميع المؤسسات الإعلامية ومعظمها من الفروع والمحافظات مكدسة وقد لا ينظر إليها.