مكان وموعد تشييع جثمان الشيخ عبدالمجيد الزنداني    التضامن يقترب من حسم بطاقة الصعود الثانية بفوز كبير على سمعون    سلام الغرفة يحقق الفوز الأول على حساب أتحاد سيئون في البطولة الرمضانية لكرة السلة بحضرموت    سيئون يتخطى هلال السويري ويقترب من التأهل في البطولة الرمضانية لكرة السلة بحضرموت    قيادي حوثي يقتحم قاعة الأختبارات بإحدى الكليات بجامعة ذمار ويطرد الطلاب    مؤسسة دغسان تحمل أربع جهات حكومية بينها الأمن والمخابرات مسؤلية إدخال المبيدات السامة (وثائق)    ميلشيا الحوثي تشن حملة اعتقالات غير معلنة بصنعاء ومصادر تكشف السبب الصادم!    برئاسة القاضية سوسن الحوثي .. محاكمة صورية بصنعاء لقضية المبيدات السامة المتورط فيها اكثر من 25 متهم    رحيل الشيخ الزنداني يتصدر مواقع التواصل الاجتماعي    الحوثيون يستجيبون لوساطة قبلية للسماح بإقامة مراسيم الدفن والعزاء للزنداني بصنعاء    ذمار: اندلاع حرب أهلية مصغرة تُثبت فشل الحوثيين في إدارة المناطق الخاضعة لسيطرتهم    بينهم يمني...شاهد: لحظة القبض على 4 متهمين بجرائم احتيال مالي في الرياض ومداهمة شقتهم    في اليوم ال 199 لحرب الإبادة الإسرائيلية على غزة.. 34151 شهيدًا ونحو 77084 جريحا    دعاء مستجاب لكل شيء    ماذا طلبت جماعة الحوثي من الشيخ عبدالمجيد الزنداني قبل وفاته ورفض طلبها؟    حزب الرشاد يعزي في وفاة الشيخ الزنداني عضو الهيئة العليا للإصلاح    الكشف عن علاقة الشيخ الراحل "عبدالمجيد الزنداني" مع الحوثيين    ديزل النجاة يُعيد عدن إلى الحياة    رئيس مجلس القيادة: برحيل الشيخ الزنداني خسرت الأمة مناضلاً جمهورياً كبيراً    الزنداني كقائد جمهوري وفارس جماهيري    - عاجل محكمة الاموال العامة برئاسة القاضية سوسن الحوثي تحاكم دغسان وعدد من التجار اليوم الثلاثاء بعد نشر الاوراق الاسبوع الماضي لاستدعاء المحكمة لهم عام2014ا وتجميدها    طبيبة سورية تكشف عن علاج مبتكر لسرطان الرحم بدون ألم الكيماوي    عودة الزحام لمنفذ الوديعة.. أزمة تتكرر مع كل موسم    لهذا يُستهدف الانتقالي..!    رئاسة الجمهورية تنعي الشيخ عبدالمجيد الزنداني وتشيد بدوره في مقارعة النظام الإمامي    غضب المعلمين الجنوبيين.. انتفاضة مستمرة بحثا عن حقوق مشروعة    وزير الصحة يشارك في اجتماعات نشاط التقييم الذاتي لبرنامج التحصين بالقاهرة    ماني يتوج بجائزة الافضل في الجولة ال 28 من دوري روشن السعودي    من هو الشيخ عبدالمجيد الزنداني.. سيرة ذاتية    الأمانة العامة لمجلس وزراء الداخلية العرب تحتفل باليوم العربي للتوعية بآلام ومآسي ضحايا الأعمال الإرهابية    الامين العام للحزب الاشتراكي اليمني يبعث برقية عزاء ومواساة الى اللواء احمد عبدالله تركي محافظ محافظة لحج بوفاة نجله مميز    «كاك بنك» يكرم شركة المفلحي للصرافة تقديراً لشراكتها المتميزة في صرف الحوالات الصادرة عبر منتج كاك حوالة    مستشار الرئيس الزبيدي: مصفاة نفط خاصة في شبوة مطلبا عادلًا وحقا مشروعا    تراجع هجمات الحوثيين بالبحر الأحمر.. "كمل امكذب"!!    راتكليف يطلب من جماهير اليونايتد المزيد من الصبر    مجازر صباحية وسط قطاع غزة تخلف عشرات الشهداء والجرحى    ارتفاع الوفيات الناجمة عن السيول في حضرموت والمهرة    انخفاض أسعار الذهب مع انحسار التوترات في الشرق الأوسط    ريال مدريد يقتنص فوزا ثمينا على برشلونة في "كلاسيكو مثير"    مع الوثائق عملا بحق الرد    لماذا يشجع معظم اليمنيين فريق (البرشا)؟    الزنداني يكذب على العالم باكتشاف علاج للإيدز ويرفض نشر معلوماته    الدعاء موقوف بين السماء والأرض حتى تفعل هذا الأمر    الحوثيون يخفون نتائج الثانوية لابتزاز الطلاب!    فاسكيز يقود ريال مدريد لحسم الكلاسيكو امام برشلونة    الحكومة تطالب بإدانة دولية لجريمة إغراق الحوثيين مناطق سيطرتهم بالمبيدات القاتلة    النقد الدولي: ارتفاع الطلب الأميركي يحفز النمو العالمي    مركز الإنذار المبكر بحضرموت يعلن انحسار تدريجي للحالة الجوية الموسمية    المواصفات والمقاييس تختتم برنامج التدريب على كفاءة الطاقة بالتعاون مع هيئة التقييس الخليجي    الأهداف التعليمية والتربوية في قصص القاضي العمراني (1)    لحظة يازمن    بعد الهجمة الواسعة.. مسؤول سابق يعلق على عودة الفنان حسين محب إلى صنعاء    المساح واستيقاف الزمن    - عاجل فنان اليمن الكبير ايواب طارش يدخل غرفة العمليات اقرا السبب    وفاة الاديب والكاتب الصحفي محمد المساح    الممثل صلاح الوافي : أزمة اليمن أثرت إيجابًا على الدراما (حوار)    تصحيح التراث الشرعي (24).. ماذا فعلت المذاهب الفقهية وأتباعها؟    وزارة الأوقاف تعلن صدور أول تأشيرة لحجاج اليمن لموسم 1445ه    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ناطحة سحاب لا تشبع منها العين
الجابية ..
نشر في الجمهورية يوم 24 - 04 - 2007

ذات صباح نشيطٍ مشمس عرجتُ على كلية النفط والمعادن في شبوة لزيارة عميدها ، ومكتبتها العامرة بالكتب النفيسة ، ولما فرغتُ من استمتاعي سقطتْ مني دون قصد التفاتة مفاجئة على مدينة ناطحة السحاب ، فاستغربتْ من أين ولدت هذه المعجزة . واستفهمتُْ بعجالة من كان جانبي فردّ عليّ ببرود ،وثقة أنها مدينة «الجابية» حينها وبختُ نفسي العمياء التي قضتْ سنوات طوال الى جوارها في مدينة عتق ، وقررت الذوبان والتماهي في معطفها العتيق الدافئ الحنون.
الجابية .. مدينة ناطحات السحاب
على بعد إثنين كيلو متر جنوب عتق .... كانت الجابية التي يبلغ عدد سكانها 3500 نسمة وعدد مساكنها حوالي 350 منزلاً كلها قديمة مبنية من اللبن ، ويصل ارتفاعها إلى أكثر من ستة طوابق ، وقبل ان تبتلعني مآثرها صفعتني الدهشة وأنا أخطو خطواتي البكر على شفاه أزقتها الفاتنة فرفعت كشافات عيني لاختزال قوامها الرشيق ، وقصورها العملاقة التي تعرف وحدها أين تولد الشمس؟ وأين تموت ، وعيون نوافذها الخشبية العتيقة التي ترقب الزمن العابر وهو يبتلع الآدميين كوحش اسطوري ، والخيوط الدخانية للبخور.. وعلى إحدى العتبات القوية لقلعة شامخة توقفت لا لشيء سوى لأعثر على دليل من أهالي المنطقة يدلني على خارطتها التراثية التاريخية ، ولم يطل بي الانتظار إذ دلف نحوي شاب مبتسم الأسارير وهو يردد:
- يا هلا بالضيف .. شرفتنا ثم قادني إلى منزله الآية في الإبداع ، والمزدحم بالنقوش القديمة ، بعد أن عرفني بأن اسمه هو حسين محمد سعيد برمان وعلى أكواب القهوة اليمنية الأصيلة مضى حديثنا بانسجام وحيوية خرجتُ منه بحصيلة كافية.
الموطن الأصلي لبني هلال
تشتهر الجابية بكثرة حصونها التأريخية الشهيرة التي تعود الى أعماق التاريخ ، وتتبع هذه الحصون لقبيلة آل العوة المنتمية لآل خليفة ، ويرجع الإنتماء الأصلي لها إلى بني هلال ، وقد تم إعادة ترميمها قبل عدة أعوام من قبل اهاليها الحريصين على تخليدها على مر الأزمان ، إذ لا تذكر منطقة الجابية الا بها وقد تغنى الشعراء بها منهم الشاعر باسردة الذي يقول :
خلوني اتفكر في حصون الجابية
ذي قد بنوها من على سبعة قصور
اللهم صلي عَ النبي بو فاطمة
الأرض ترقل والسماء تلمع بنور
ويقول الشاعر / صالح عبدالله الغنجري :
حصون الجابية أحسن من البندر
وأحسن من بلاد الهند واليونان
حصون الجابية ذي في الدجى تقهر
وتعجبني مصانعها مع البنيان
وقيل أيضاً ، وما أكثر ما قيل في هذه الحصون :
حيا بكم حيث حصون الجابية
واسلاب زينة ذي يشلوها الرماه
اسلاب تسعفنا ونعرف قدرها
عادة لنا نكسر بها رؤوس الطغاة
وتزين هذه الحصون من الداخل بالنقوش والزخارف المتنوعة والجميلة التي يسلب تصميمها الألباب ، وعلى باب كل حصن يوجد تأريخ بناء كل حصن ، بالإضافة إلى آيات قرآنية مثل قوله تعالى: «لئن شكرتم لأزيدنكم».
ويوجد في الطابق الأخير من كل حصن غرفة تسمى (السنويه) وعلى اسطحها مواشق من جميع الجهات ، والمواشق هي فكات صغيرة تتسع لفوهة بندقية ، حيث كان يستخدمها الأجداد منذ العام 1900م لاقتناص اعدائهم الانجليز دون أن يرونهم.
عادات وتقاليد عصية على الإندثار
لمنطقة الجابية عادات وتقاليد تراثية لا حصر لها منها على سبيل المثال لا الحصر تقاليد العيد حيث يؤدي الناس الصلاة في الوادي الفسيح بين زغردة العصافير والأطفال ، وبعد الفراغ منها يقفون في صفين متقابلين يتناوبون بالمصافحة الواحد تلو الآخر ثم يتوجهون إلى منازلهم ، وتجتمع كل أسرة مع عائلها الكبير في السن ، ويقضون نهار العيد كله عنده إجلالاً وتقديراً واحتراماً له، وفي اليوم التالي يذهبون لزيارة الأرحام ، وبعدها يأخذون بنادقهم للنصع ، وتجريب مهارتهم في الرماية ، أما في الزواج فيساعد أهالي المنطقة بعضهما البعض ، بحيث أن العريس لا يحس بالإرهاق المادي ، وكلما فكر بشيء يجده في متناول يده ، وفي حالات الوفاة (الموت) فإن الأمر يختلف حيث يشعر كل شخص وكأن المتوفى من أسرته وإن تباعدت اواصر القرابة ، فأواصر الموت أشد قرباً ، وخدمة المعزين هي همهم الأول والأخير.
لا تشبع منها العين
قبل مغادرتي منطقة الجابية أصر الأخ/ سالم صالح برمان الذي انضم إلى حلقة نقاشنا السياحية أن يعرفني بكل بقاع منطقة الجابية الأثرية ، فابتدأنا نزهتنا الشاعرية بزيارة الحصون المزخرفة ذات المعمار الهندسي الفريد والعتيق منها حصن آل عبدالله ، وحصن آل سنان ، وحصن آل برمان ،وحصن آل حَمد ، وحصن آل محمد ، وحصن حبيش ، وغيرها من الحصون الشاهقة التي لا عدد لها ولا حصر ، وعلى امتداد البصر برزت بقاع جذابة تجذب الزائر إلى القعود فيها لمخاطبة أنامل الأجداد التي داعبتها بفنها وروعتها واتقانها ، وكلما قررت الإنصراف لإنجاز بعض أعمالي المهمة في مدينة عتق ، يجذبني معماراً قديماً مميزاً لا أستطيع أن أبرح تضاريسه حتى أحاكيه بأحاسيسي ومشاعري ، ونبضات قلبي ، ولا يمكن أن تفارقه عيني حتى أشعر أن بعض الشبع قد نفذ إلى تقاطعات شراييني وأوردتي ، وسافرت الشمس إلى كبد السماء دون أن أشعر ، مما حدا بالرفيق سالم أن يقسم على استضافتي للغداء عنده.
ولادة جديدة
عند الغروب كان كل شيء أصفر .. الحصون .. الجبال .. الرمال .. المنازل القديمة والوجوه ، والطريق التي أمضي عليها ، وعلى ربوة مرتفعة أسندت ظهري على إحدى صخورها خيل لي أن منطقة الجابية قد أرتدت حلة قشيبة ، وأنها ولدت في عيني من جديد ، فجربتُ تأملها من كافة الاتجاهات ، وفي كل جهة كانت تبتسم لي بوجه مختلف ، وفي كل وجه موناليزي كانت مسحة الجمال لا تفارقها ، وغادرتها وأنا أمني نفسي أن اقضي لحظات الأصيل فوق روابيها على الأقل في كل أسبوع مرة واحدة.. واحدة فقط.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.