القائد السياسي العسكري مصعب بن عمير واجه حروباً ظاهرة وأخرى مستترة، غير أن كامل الأجواء الحربية الصراعية تتماهى مع أحوال المجتمع، وتُعيد اختزال متاهاته، وإليكم طرفاً من الحرب " الناعمة " التي يخوضها في بيته ومكمن راحته وطمأنينته، وهوالقائد الذي تزوج أربعة من النسوة، ومعهن خاض معركته الأكثر مخملية وخطورة!، فزوجته سكينة بنت الحسين تؤهله للانتقام التاريخي من مقتل والدها الحسين عليه السلام، مُتفننة في ضروب الكلام والمؤثرات النفسية، حتى يقبل بأن يكون رأس حربة لهدفها السامي " الانتقام "، وزوجته الأخرى عائشة بنت طلحة بن عبيد الله مستغرقة في نرجسية الأنا المترعة بالجمال والدلال، فهي الآسرة والأسيرة، وهي النقطة المحورية في حياة الأمير الأبيقورية . ثم تأتي أدوار زوجتين " إضافيتين " تكملان حياة الزوج المُحارب والقائد ، فإذا بهذا المسكين يترنح بين لحظات الألق الجميل، وحالات الحروب الكيدية النسائية القاتلة، ومحنة اجتماع أربع نسوة على رجل واحد، حتى ولو كان بمكانة ووسامة مصعب، في إشارة دالة على صعوبة أن تتوزع القلوب، وأن تقبل المرأة بشريكة لها في مِثالها الحياتي، ناهيك عن حساباتها الأُخرى، والشاهد أن النسوة لم يكنّ في وارد تبادل المكائد والتصارع على الزوج المسكين، بل كانت لكل واحدة منهن ذات مآرب وخفايا تتوارى خلف الستائر الناعمة، والعطور الزكية، والأصوات الشجية ، والتفنن في إرضاء الزوج ..لم يكن الأمير مصعب يدرك تفاصيل التفاصيل في مخططات زوجاته، ولم يكن يعلم أنهن يذهبن به إلى درك الهزائم والوهن، فلما واجه الحال استشفّ معنى المقال، وعرف ثمن الغواية، وهذا ما يحصل دوماً مع الأسماء والقامات، ممن يتجاوزون حدود النجاح، يقعون في حبائل الحماقات الدائمة حتى وان كانوا أنضج القادة وأكثرهم حنكة وسمواً.