أتحسس مشاعري ، وأتفقد مدخراتي الإنسانية، كلما قرأت خبراً أو سمعته أو تابعته من التلفزيون .. فيبعث «عليّ وفيّ» احتقار نفسي المتقاعسة عن بذل ما عليها لإنقاذ إنسان أو إرشاده أو إعانته .. ولو بالكلمة الطيبة، التي هي أجمل الصدقات وأقلها جهداً وعناءً ولا تكلف صاحبها أية نفقات أو حتى فلسات معدودة. أقرأ خبرآً، فأصاب بالدهشة حد الإغماء عن سفينة ألمانية تزن 800 طن تم استخدامها لإنقاذ طائرة ورقية لطفل ألماني.. كي يبتهج ولا يحزن..!! وحفاظاً على الطائرة التي لا وزن لها وثمنها بضعة سنتات. فالطائرة الورقية إن تلفت أو غرقت في مياه البحر بحسب الخبر قد ينتج عنها إصابة الطفل الألماني بصدمة وانهيار، وسيدخل في أزمة نفسية قد لايتخطاها بسهولة!! ما هذا الإحساس المرهف تجاه أطفالهم فيما هم يصدرون إلينا أزمات لأطفالنا ويتغاضون عن الجرائم الهمجية للاحتلالين الصهيوني والأمريكي. ومسكين طفلنا العربي الذي غرق أبواه في همومهم وتوفير متطلبات الحياة.. ومساكين أطفال فلسطين والعراق والصومال، ممن أحرقتهم طائرات الاحتلال الصهيوني والانجلوأمريكي.. وأغرقتهم في مياه البحر قراصنة التهريب والموت الذين أعمتهم المادة عن القيم والأخلاق ومحت عنهم الرحمة الإنسانية. وهكذا فالأخبار هذه الأيام جميعها تتفق على أن الإنسان قلت قيمته وتضاءلت فرصه في الحياة، وتلاشت آماله بأن يحقق السعادة أو حتى الاستقرار والأمان خصوصاً في الدول التي تخضع للاحتلال الأجنبي، أو تسيطر عليها أيدلوجيات ذات طابع متطرف ومغالٍ.. وتؤمن بعقيدة المال أو المادة أولآً. ولهذا فلا يأخذنك القرن، أو الطفش حينما تسمع خبراً من فئة الذي يرفع الضغط ويحرق القلب.. لا تفعل ذلك للسبب الذي أوردناه آنفاً.. وأصدقك القول إنه أقحمني في جدال مع الفقر الذي إن غادر حياة فقير من بني آدم ، لا يتركه حتى يدس فيه بعض آثاره القفرة والمقززة.. يقول الخبر: إن «غريفن» وهو نجم كوميدي أمريكي يحطم سيارة «فيراري انزو» نادرة يبلغ ثمنها أكثر من خمسة ملايين دولار.. طبعاً لاتشكل في ميزانية هذا النجم شيئاً يذكر بعد أن «زبط» الفقر وسلخه عن حياته.. مع أنه وأمثاله من فئات الأثرياء كان يمكنه أن يحطم به فقر الآلاف من متسولي وفقراء الأحياء المعتمة للأمريكان الأفارقة.. ولكن الترف غلاّب.. ومن ترف عشق أصوات الزيطة والزمبليطة والشهرة ولو «ببعزقة الملايين على بطال» هؤلاء وأمثالهم عندنا نحن العرب كثير والأمثلة على «قفا من يشيل». إننا بني الإنسان بحاجة إلى المشاعر وتنمية الأحاسيس والعمل على أن نكون أغنياء مترفين في القيم والأخلاق كي يسودنا التواد ويجمعنا شعوباً وقبائل الإنسانية إن لم تقارب بيننا الأديان وصلات النسب والقرابة. «شوية» إحساس يمكنها أن تمنع فقيراً عن الانجراف نحو التطرف.. وجراماً من الإحسان إلى الفقراء ومعاملة البشر بالحسنى تجعل السلام سيد الموقف، والحب ينمو ويزدهر والشعوب تؤمن بحقها في العيش دونما منغصات .. أو شعور بهضم حقوقها وانتقاص آدميتها .. ففي تصرفات المترفين والدول الكبرى المحتلة مدعاة للشعوب المقهورة والفئات الفقيرة إلى الكراهية التي تسحبهم نحو العنف والإرهاب.. فالفقر أبوهما وأمهما .. بل إن الفقر يقود إلى الكفر وهو أعظم خطيئة ترتكب تجاه الخالق سبحانه.