في أحاديث كثيرة يحثنا نبينا صلى الله عليه وآله وسلم على الأخذ بأسباب العلم وصولاً للمنفعة الخاصة والعامة، وأن طالب العلم يستغفر له كل شيء ، لأنه بإقباله على العلم النافع يكون دأبه الإحسان ، فيفيض منه إلى غيره ، فإذا كان خلق الإنسان الإحسان فلن يؤذي بمسلكه في الحياة بشراً ولا شجراً ولا حيواناً ولا حجراً ، فينال حقه باستغفار كل شيء له. كما أن الله تعالى يسهل لطالب العلم طريقاً إلى الجنة ، والعلم المقصود هنا هو العلم الشرعي ، والعلم النافع يكون تبعاً له ، لأنه وبالعمل الشرعي يعرف حق خالقه عليه، وحق كل ذي حق عليه. والعلم النافع إذا كان قائده العلم الشرعي .. قاد صاحبه إلى الجنة ، وإذا انعكس الحال فكان علماً نافعاً بدون علم شرعي ، فهو علم منقطع للدنيا، .. أي علم بلا دين .. فينتفي عنه النفع في الآخرة. وقد حث نبينا صلى الله عليه وآله وسلم على طلب العلم .. العمر كله .. ومهما بعدت مصادره ، «فالحكمة ضالة المؤمن» ينشدها حيث كانت ، اطلبوا العلم ولو في الصين ، أطلبوا العلم من المهد إلى اللحد ، ثم شدد عليه الصلاة والسلام على أن طلب العلم إنما يراد به تحقيق المنفعة رفعة للدين وخدمة للمسلمين ، وكما جعل الله تعالى عقوبة من يكنز المال والمتاع النار وسوء العذاب يوم القيامة فقد جعل كذلك من يكنز العلم ويكتمه لجاماً من نار يوم القيامة ، وكما تعلم أن نبينا صلى الله عليه وآله وسلم ينذر والله تعالى هو من يعاقب ، وكذلك هو يبشر ، واللع تعالى هو من يثبت. ، وفي الحديث يقول صلى الله عليه وآله وسلم عن قبض العلم بموت العلماء (إن الله تعالى لا يقبض العلم انتزاعاً ينتزعه من العباد ولكن يقبض العلم يقبض العلماء حتى إذا لم يبق عالمٌ اتخذ الناس رؤساء جهالاً فسئلوا فأفتوا بغير علم فضلوا واضلوا) عن ابن عمرو أخرجه /احمد / البخاري /مسلم / حديث صحيح. والمعنى المستخلص من الحديث الشريف أن الله تعالى لا ينسي العبد العلم إذا تعلمه وعمل به بين الناس فعرفوا فضل علمه ، فداوموا على الأخذ عنه ونيل الفتوى منه . بما يقع لهم ويستجد من أمور حياتهم فيعطيهم مما علم من الكتاب والسنة والقياس والاجماع والاستنباط ، ثم إن الله تعالى وقد حكم أن الموت نهاية كل حي فإن العلماء يموتون كغيرهم من الناس ولكن موتهم يكون مقترناً بقبض العلم الذي حملوه في صدورهم). وعند توالي ذلك الحال واستمرار موت العلماء وقبض العلم .. فإنه لا يجد من يرفعه من بين السطور إلى حنايا الصدور، فيقل طالبوه بين الناس وتبقى حاجتهم إلى الفتوى قائمة وملحة .. فيقصدون أصحاب العلم القليل ، المشوب بالجهل ، الكثير بمضار الفتوى بغير علمٍ، فيفتون إلى الحد الذي بلغ به علمهم ، دون القول عند العجز (لا أعلم) «لأنها بابٌ من أبواب العلم ، فيفتون بغير علم فيضلون أنفسهم بركونهم ووقوعهم تحت مسمى عالم وعلماء ويضلون غيرهم .. لاعتقادهم أن ما أفتوهم به هو الحق فيكون الوزر عليهم في كلا الحالين. والله أعلم