كان جدول الضرب بالنسبة لي درساً صعباً ،وحصة مقرفة لا تنتهي إلا وقد تورمت يداي من عصا الأستاذ. لدرجة انطبع في مخيلتي وأنا طالب في الابتدائية أن جدول الضرب يعني »ضرب يديّ بالعصا. لمرات عديدة تمنيت لو أنني استطيع الذهاب إلى المدرسة بلا يدين كدمية نُزعت يداها ولم تصرخ ،آآي. لكنني حتى لو فعلت ذلك مثلاً فإن عصا الأستاذ كانت تستطيع أن تشق طريقها إلى أي مكان في الجسد ،وحتماً سأصرخ آآآي. لذا كانت الأمنية الأهم والأفضل هي لو أنني أستطيع أن أدخل حصة جدول الضرب ولدي أربع وأربعون يداً.. فكرة مدهشة ،تماماً كأم »أربعة وأربعين«.. على الأقل ،كانت عصا الأستاذ ستشعر بالإنهاك!!. بسبب خيزران المُدرس كرهت الرياضيات ،كرهت التفاضل والتكامل والهندسة الفضائية. افتح يديكومن سوء حظي أن أحد أقربائي أعطاني عندما نجحت في سنة ما من الإعدادية آلة حاسبة كهدية نجاح.وبالله عليكم هذه هدية أم كابوس سيذكرني يوم نجاحي حتماً بالفشل؟! وحسبنا الله ونعم الوكيل. ومن سواد البخت أيضاً أنني في حال بحثي عن فرصة عمل بعد التخرج من الجامعة صادفت أربع وظائف متتالية جميعها كانت تبحث عن محاسب وحسبي الله ونعم الوكيل. عصا الأستاذ طاردتني كعميلٍ ينبغي فضحه متلبساً بجدول ضرب؟!. كان بوسعي التفوق ،ومقارعة جابر بن حيان بشحمه ولحمه لو أن العقاب على التقصير كان يتم بطريقة تربوية. فيما سبق من الكلام أنا لم أكن أتحدث عن نفسي إطلاقاً، بل عن »عصيّ« جمع عصا لاتزال في بعض المدارس »تبترع« فوق أيادي واجساد التلاميذ!!. أنا فقط في »هدرتي« هذه انما اختصرت الحكاية إلى أقرب كسرٍ عشري لعل بعض أقول بعض المدرسين الأفاضل يبتكرون وسائل توبيخ أفضل وأكثر نفعاً من »افتح يدك يابليد.. الانفع أن يفتح التلميذ عقله، لا أن يفتح يديه.