تترجم كلمةpocalypto إلى العربية من أصلها الاغريقي اليوناني على النحو التالي: كشف المستور وبداية الظهور، وهو تعبير يشي بمعنى القيامة حيث تنجلي الحقائق وتتفجر رزايا الخلائق. ويبدو أن المخرج والفنان الشامل/ميل جيبسون تعمّد استخدام هذه المفردة كعنوان لآخر أفلامه للتدليل على البُعدين معاً، فالمعروف أن هذا الفنان المرموق صاحب رسالة وموقف.. يوظف رؤيته في أعماله السينمائية التي انزاحت إلى مستويات متقدمة في التكنيك والابتكارات، ففي فيلم الوطني فضح أدوار رجال الدين والشوفينيين القوميين، وفي فيلم آلام المسيح تعرض للتحالف غير المقدس بين المتعصبين من رجال الدين اليهود، والسلطة الرومانية الغاشمة التي تواطأت من طرف خفي مع الحاخامات، فيما أرادت تبرئة ذمتها من الفعل الشائن ضد السيد المسيح عليه السلام، وعندما فضحهم ميل جيبسون في فيلمه الروائي الوثائقي الدقيق بدأوا يستدعون التاريخ ويقولون بوجود إنجيل جديد هو انجيل يهوذا الاسخريوطي ويزعمون أن يهوذا لم يشي بالسيد المسيح عند الرومان إلا بطلب من المسيح ذاته!!، وبالتالي فإن ما فعله يهوذا تنفيذ لإرادة وطلب السيد المسيح!. إنهم بهذا يريدون نزع فتيل الصراع التاريخي الدموي بين اليهودية والمسيحية، زاعمين أن ما حدث للمسيح ترجمة لإرادة الله واستجابة لطلب ابنه عيسى!!. يقولون إن إنجيل يهوذا كان غائباً لحكمة إلهية، وقد تم اكتشافه الآن في كهوف البحر الميت لترتيب الحقيقة التاريخية المتعلقة بعلاقة اليهود بالمسيحيين، ذلك أن الاعتقاد المسيحي التاريخي بخيانة يهوذا للمسيح ليس حقيقة، بل العكس، فيهوذا الذي يصفونه بالخيانة ليس إلا تلميذاً باراً لسيده المسيح، مُنفذاً لرغبته، ولهذا آن الأوان لعودة الأُخوة المسيحية اليهودية، وتبجيل الآباء الأول اليهود توطئة لاعتبار من يخرج عن ذلك مارقاً وعدواً لله!!. يبقى القول إن انجيل يهوذا المزعوم يُمهّد تماماً لمعركة هرمجدون القادمة التي سيكون فيها السيد المسيح مُوحداً لأسلافه اليهود والمسيحيين!. ونأتي الآن على فيلم pocalypto ل »ميل جيبسون« حيث جمع المخرج بين المعْنيين : كشف المستور وبداية الظهور ليُظهر لنا مصائر البشرية المسطور فيانجيل يوحنا تلك المصائر التي يسبقها المظالم والخوف والرعب والدماء والدموع. يريد جيبسون أن يقول: إن قيامتنا قد قامت منذ أن أصبح الشر مُستطيراً، واعتدينا على الأنبياء والقديسين والصالحين، وإن خسوفنا قائم كل يوم وليلة، وإن ما سيأتي من فداحات أكبر ليس إلا تتويجاً لهذه القيامات التي ترافقت مع تواريخ المظالم والبؤس واستعباد الإنسان للإنسان