لا أصعب من موقف يمكن أن يتعرض له الموظف في اليمن أكثر من أن يجد نفسه فجأة وبدون سابق إنذار مطالباً عند شباك استلام الراتب آخر الشهر بإثبات أنه ما زال على قيد الحياة لتسلم مرتبه الذي أصبح رسمياً ووفق وثائق أمين الصندوق من حق الورثة..! الحيرة والدهشة والغرابة ليست كلها كافية لتصوير الموقف الذي يصدق فيه المثل اليمني الشعبي " يبعث الله من في القبور. القصة حقيقية، ولا خيال فيها. فهذان المدرسان اليمنيان محمود حيدر وعبدالسلام صالح يتلقيان إشعاراً من المتعهد بإيصال رواتب مدرسي مديرية وصاب بمحافظة ذمار بسقوط اسميهما من كشف العاملين ، وعليهما البحث عن مصير اسميهما اللذين استقر بهما خطأ إداري إلى عَدَاد المنقولين إلى الدار الآخرة. "محمود وعبدالسلام" المولودان عام 1978 م رفقاء دائما.. التحقا معاً بقسم الكيمياء بكلية التربية جامعة ذمار وعاشا معاً في غرفة واحدة خلال سنوات الدراسة حتى تخرجا ثم التحقا بالوظيفة العامة قبل عامين كمدرسين وزعا على مدرستين متقاربتين للتعليم الأساسي والثانوي في إطار منطقتهما وحكمت الصدفة أن يكونا معاً في المرحلة الأخيرة في كشوفات الموتى.. عبدالسلام صالح ومحمود حيدر أكدا أنهما أصيبا بالذهول من شدة وغرابة الموقف المفاجئ.. بعد اكتشافهما أن راتبيهما أحيلا إلى البريد ضمن رواتب المتوفين، وفق إجراء تتخذه الأجهزة الحكومية للحفاظ على رواتب الموظفين المتوفين منذ الرفع بذلك من قبل فروع المديريات وإرسالها إلى البريد حتى لا تكون عرضة للتصرف من قبل أي شخص، ما عدا ورثة المتوفى تصرف إليهم بموجب أحكام شرعية قبل أن يتم إحالتها الى التأمينات التي بدورها تمنح ورثة الموظف معاشاً شهرياً يحدد بحسب عدد سنوات الخدمة التي قضاها الموظف في الخدمة العامة قبل وفاته. وأشارا إلى أنهما كانا على ثقة بأن راتبيهما سيصلان إليهما عبر المندوب إلا أن ما حدث العكس، فهذا محمود حيدر يقول إنه منذ الوهلة الأولى أحس بصدمة عندما قرأ اسمه في كشوفات المتوفين.. وقال: "لقد حمدت الله ودعوت لنفسي بالرحمة والمغفرة وقرأت على روحي سورة الفاتحة.. كأن عمري انتهى وطويت صفحتي".. ويضيف: عندها لم أجد وسيلة سوى الاستغفار ومحاولة إثبات أني لا زلت حياً وأن الاسم في كشوفات الموتى هو اسمي وليس لميت كما يجزم من لا يعرفني. من جانبه يؤكد عبدالسلام صالح، أن ما جرى موقف غريب ومفاجئ خاصة حين يصر الموظف المختص بأن رواتب المتوفين لن يستلمها إلا ورثته وستظل محفوظة لدى البريد، ولا يقتنع بأن من يخاطبه هو من حكم عليه بالوفاة وهو لا يزال حيَا. المختصون بمكتب التربية والتعليم بذمار أكدوا لموقع «المؤتمرنت» أن إنزال أسماء أحياء في كشوفات المتوفين مجرد خطأ إداري غير مقصود بسبب ازدحام العمل والإرهاق وتأخُّر عملية صرف الرواتب بسبب أعمال المراجعة لضم الزيادة الخاصة بطبيعة العمل إلى مرتبات الموظفين في الحقل التربوي والذين يصل عددهم الى 12 ألف موظف وموظفة موزعين على 12 مديرية بمحافظة ذمار