بدأت المدفعية اللبنانية اعتباراً من فجر أمس الخميس في دك مخيم “نهر البارد” الذي تتحصن فيه مجموعة من تنظيم “فتح الإسلام” القريب أيديولوجياً من “القاعدة”، وذلك في إطار تضييق الخناق على التنظيم بعد أن تم إجلاء المدنيين الفلسطينيين الذين كانوا بالمخيم. واستمر القصف الذي بدأ في الساعة الرابعة بالتوقيت المحلي دونما انقطاع لمدة خمس ساعات، وسقطت قذائف مدفعية من كل العيارات على المخيم الذي أصبح مدمراً بشكل شبه كامل وترتفع منه أعمدة الدخان. ويترافق القصف العنيف مع اشتباكات بالأسلحة الخفيفة بين الجنود وأفراد التنظيم. وأفادت الأنباء أن وحدات المغاوير وفرق هندسة انتشرت صباح أمس الخميس حول المخيم الذي يقع على بعد 15 كيلومتراً شمال طرابلس ثاني كبرى مدن لبنان.. وصرح ضابط في الجيش اللبناني لوكالة فرانس برس أن قصف أمس هو خطوة أولى في المعركة النهائية ضد المجموعة الإرهابية التي يرفض عناصرها الاستسلام للجيش منذ 20 مايو/أيار، لكن ناطقاً باسم الجيش قال: إن القوات ستواصل تضييق الخناق على نهر البارد وتطهير المواقع لدفعهم إلى الاستسلام لكنه رفض التحدث عن معركة الحسم. وأكد الناطق باسم الجيش مقتل 4 عسكريين بينهم ضابط في حوادث مختلفة، بعد أن قالت مصادر طبية: إن الضابط قتل برصاص قناص إسلامي من الجزء الجنوبي للمخيم. وكانت المصادر ذاتها أشارت في وقت سابق إلى مقتل جنديين سقطا في كمين نصبه المتطرفون الإسلاميون عند تخوم الجزء الجنوبي من نهر البارد”. وكانت المعارك اندلعت بين الجيش وعناصر فتح الإسلام في 20 مايو/ أيار الماضي بعد أن قامت المجموعة بتصفية 27 عسكرياً كانوا إما في مواقعهم حول نهر البارد أو خارج نطاق الخدمة في أماكن أخرى من شمال لبنان. وتم إجلاء حوالي 160 شخصاً من مدنيين وعناصر منظمة التحرير الفلسطينية أمس الأول من مخيم نهر البارد للاجئين الفلسطينيين مايسهل على الجيش عملياته ضد عناصر فتح الإسلام المتحصنين في جزء صغير من المخيم. وكان نحو 31 ألف لاجئ فلسطيني يقيمون في مخيم نهر البارد الذي دمر حوالي %80 منه منذ بدء المعارك. وخرجت عشرون امرأة وحوالي 140 عنصراً من منظمة التحرير الفلسطينية بعد ظهر أمس الأول من المخيم بعد أن غادره عشرات آلاف السكان منذ اندلاع المعارك في مايو الماضي. ونقلت النساء وهن من اللاجئات الفلسطينيات في حافلة إلى مخيم البداوي القريب فيما نقل عناصر منظمة التحرير إلى ثكنة للجيش في مدينة طرابلس المجاورة. ورأى مصدر فلسطيني أن عمليات الإخلاء تفسح المجال أمام الجيش اللبناني للقيام بعملياته العسكرية بدون أن يعرض المدنيين للأذى. وأكد مسؤول رفيع المستوى في منظمة التحرير الفلسطينية أنه لم يبق في المخيم من مسلحين إلا مسلحي فتح الإسلام. ودعا رئيس الحكومة اللبنانية فؤاد السنيورة الأربعاء الماضي عشية الذكرى الأولى للحرب الإسرائيلية على لبنان إلى تعزيز قدرات الجيش من أجل إنهاء المعارك ضد “عصابة” فتح الإسلام. ويشار إلى أن حصيلة الخسائر البشرية في الاشتباكات منذ اندلاعها في مايو الماضي وصلت إلى 174 قتيلاً بينهم 86 جندياً لبنانياً و68 مسلحاً على الأقل، إذ يصعب إحصاء عدد الذين لاتزال جثث عديدين منهم داخل المخيم.