بالرغم مما حاق بالولايات المتحدة في العراق وأفغانستان، وبالرغم من الفشل الظاهر الذي تصرح به الدوائر السياسية الأمريكية وتدل عليه المظاهرات المتصاعدة في الداخل الأمريكي، بالرغم من كل ذلك فإن إدارة بوش الابن مازالت مُصرة على تتويج فوضاها “البناءة” بالمزيد من الفوضى، وقد تحدث أخيراً أحد كبار عرّابي الحروب الأمريكان توماس ماكنرني القائد السابق لسلاح الجو الأمريكي إلى صحيفة “يديعوت احرونوت” محدداً معالم الحرب الأمريكية القادمة ضد إيران، وبلهجة خالية من كل موضوعية ولباقة، فقد تحدث العسكري الأمريكي عن ضربة شاملة تُحضّر لها الولايات المتحدة في خريف عام 2007 حيث تستهدف الضربة الجوية نحو 15000 موقع يتم ضربها خلال 24 ساعة، وربما 36 ساعة، وتشارك فيها 60طائرة من طراز “الشبح”، تتلوها مئات الطائرات القاصفة والمعترضة والاستطلاعية، بالإضافة إلى القاصفات الاستراتيجية الأمريكية القادرة على الضرب من علو شاهق وحرق آلاف الهكتارات من المواقع المستهدفة. يتحدث توماس ماكنرني بلغة واثقة، وبعقلية تذكرنا بذات السيناريوهات الافتراضية التي سبقت حرب العراق، وبذات الاستنتاجات التي تقول بسقوط النظام وانقلاب الشارع الإيراني عليه..من المضحك المبكي حقاً أن ماكنرني وأمثاله من دعاة الحرب الدائمة لا يسعهم قراءة المشهد السياسي والإنساني الماثل في العراق وأفغانستان، ومن المحزن حقاً أنهم يسوّقون لذات الفرضيات التي فشلت وانكسرت في العراق وأفغانستان معتقدين أن الناس يعيشون خارج الذاكرة والجغرافيا والتاريخ. مثل هذه اللهجة العسكرتارية المعتدة بالقوة وجنونها لا يمكنها أن تصل إلى نتيجة، وهي ليست عقلية بناءة بحال من الأحوال، وتدل على منطق أيديولوجي عقائدي أعمى لا يرى من المشهد سوى القوة.. والقوة فحسب.