{أزعم أن هنالك عدداً كبيراً من المخرجين والمعدّين وفنيي المونتاج والإضاءة والصوت والمنفذين والمهندسين اليمنيين الذي يمكن الاستفادة منهم عملياً لخدمة أضعاف الساعات البرامجية القائمة في القناتين الفضائية والأرضية. أعيد هنا سرد تجربة شخصية مرّت بي في ديسمبر من عام 1984 عندما كنت يومها مديراً عاماً للتلفزيون بعدن، وقد كان العاملون في التلفزيون يُقدّرون بالمئات، ويتوزعون في المجالات المختلفة، وكان هذا العدد يشمل السائقين وعمال الصيانة وفنيي الديكور، وعمال الإرسال، وكان البث اليومي يستمر من الرابعة عصراً حتى الواحدة مساءً، وكانت الخارطة البرامجية للتلفزيون بعدن تشتمل على 21 برنامجاً لقطاعات المجتمع المختلفة، ومسلسلين يوميين للكبار والصغار، ومسلسل علمي أجنبي يومي وآخر أجنبي للكبار، وفيلمين أسبوعيين «عربي وأجنبي» بالإضافة إلى نشرة أخبار رئيسة وأخرى محلية، وعدد من المواجيز الإخبارية، كما كان التلفزيون ينقل مباراة كرة القدم وبعض الأعمال الدرامية المسرحية، تلك الحالة من الأداء كانت تتوفر أيضاً في صنعاء، وكانت قواعد المعايير المهنية واضحة المعالم ومأخوذ بها بدرجة مُقنعة، مما يدل على أن بيئة الأداء اتسمت بقدر كبير من الحرص والمسؤولية، الأمر الذي تراجع بصورة ملحوظة وبالترافق مع التوسع وكثرة الأعداد العاملة من الموظفين، وبالتوازي مع ثبات ساعات الإرسال. أوردت هذه التجربة الشخصية للإشارة إلى حالة فريدة تمت في يناير وفبراير ومارس من عام 1985، حيث شرعنا في استخدام بعض معيدات الإرسال والاستوديو رقم 2بعدن، وبعض الكوادر المُعطلة، لإطلاق قناة ثانية ثقافية أسميناها «قناة 6» وقد استمر البث التجريبي خلال الفصل الأول من العام وبتغطية شاملة لمحافظات عدن وأبين ولحج، غير أن القيادة السياسية ألغت الإشارة بطريقة مفاجئة، لأنها كانت مهجوسة بالتصعيد المتبادل على خط القناة الأساسية، ذلك التصعيد الذي سبق أحداث يناير الدامية. العبرة هنا تتلخص في أن تشغيل قناة تلفزيونية إضافية ولمدة 5 ساعات يومياً «من السادسة إلى العاشرة» كان ممكناً في تلك الأيام ودون تدخل ودعم مالي من الدولة، وهو أمر يرينا ما هو ممكن الآن، فالإمكانيات أفضل بما لايقاس، والخبرات أركز، وفضاءات الخطاب أكثر حيوية واتساعاً مما كان.