الجريمة المركبة.. الإنجاز الوطني في لحظة فارقة    أول ظهور للبرلماني ''أحمد سيف حاشد'' عقب نجاته من جلطة قاتلة    فرع العاب يجتمع برئاسة الاهدل    صحيفة تكشف حقيقة التغييرات في خارطة الطريق اليمنية.. وتتحدث عن صفقة مباشرة مع ''إسرائيل''    الإطاحة بشاب وفتاة يمارسان النصب والاحتيال بعملات مزيفة من فئة ''الدولار'' في عدن    أكاديمي سعودي يتذمّر من هيمنة الاخوان المسلمين على التعليم والجامعات في بلاده    البحسني يكشف لأول مرة عن قائد عملية تحرير ساحل حضرموت من الإرهاب    العميد باعوم: قوات دفاع شبوة تواصل مهامها العسكرية في الجبهات حماية للمحافظة    وكالة دولية: الزنداني رفض إدانة كل عمل إجرامي قام به تنظيم القاعدة    حزب الإصلاح يسدد قيمة أسهم المواطنين المنكوبين في شركة الزنداني للأسماك    مأرب: تتويج ورشة عمل اساسيات التخطيط الاستراتيجي بتشكيل "لجنة السلم المجتمعي"    من كتب يلُبج.. قاعدة تعامل حكام صنعاء مع قادة الفكر الجنوبي ومثقفيه    لا يوجد علم اسمه الإعجاز العلمي في القرآن    - عاجل شركة عجلان تنفي مايشاع حولها حول جرائم تهريب وبيع المبيدات الخطرة وتكشف انه تم ايقاف عملها منذ6 سنوات وتعاني من جور وظلم لصالح تجار جدد من العيار الثقيل وتسعد لرفع قضايا نشر    ناشط يفجّر فضيحة فساد في ضرائب القات للحوثيين!    المليشيات الحوثية تختطف قيادات نقابية بمحافظة الحديدة غربي اليمن (الأسماء)    خال يطعن ابنة أخته في جريمة مروعة تهزّ اليمن!    في اليوم 202 لحرب الإبادة على غزة.. 34305 شهيدا 77293 جريحا واستشهاد 141 صحفيا    "قديس شبح" يهدد سلام اليمن: الحوثيون يرفضون الحوار ويسعون للسيطرة    الدوري الانجليزي ... السيتي يكتسح برايتون برباعية    فشل عملية تحرير رجل أعمال في شبوة    إلا الزنداني!!    مأرب.. تتويج ورشة عمل اساسيات التخطيط الاستراتيجي بتشكيل "لجنة السلم المجتمعي"    الزنداني.. مسيرة عطاء عاطرة    انخفاض الذهب إلى 2313.44 دولار للأوقية    المكلا.. قيادة الإصلاح تستقبل جموع المعزين في رحيل الشيخ الزنداني    ارتفاع عدد الشهداء الفلسطينيين جراء العدوان الإسرائيلي على غزة إلى 34305    إيفرتون يصعق ليفربول ويعيق فرص وصوله للقب    الشيخ الزنداني رفيق الثوار وإمام الدعاة (بورتريه)    ذهبوا لتجهيز قاعة أعراس فعادوا بأكفان بيضاء.. وما كتبه أحدهم قبل وفاته يُدمي القلب.. حادثة مؤلمة تهز دولة عربية    مفاوضات في مسقط لحصول الحوثي على الخمس تطبيقا لفتوى الزنداني    تحذير أممي من تأثيرات قاسية للمناخ على أطفال اليمن    لابورتا يعلن رسميا بقاء تشافي حتى نهاية عقده    مقدمة لفهم القبيلة في شبوة (1)    الجهاز المركزي للإحصاء يختتم الدورة التدريبية "طرق قياس المؤشرات الاجتماعي والسكانية والحماية الاجتماعية لاهداف التنمية المستدامة"    نقابة مستوردي وتجار الأدوية تحذر من نفاذ الأدوية من السوق الدوائي مع عودة وباء كوليرا    نبذه عن شركة الزنداني للأسماك وكبار أعضائها (أسماء)    الإصلاحيين يسرقون جنازة الشيخ "حسن كيليش" التي حضرها أردوغان وينسبوها للزنداني    طلاق فنان شهير من زوجته بعد 12 عامًا على الزواج    رئيس الاتحاد الدولي للسباحة يهنئ الخليفي بمناسبه انتخابه رئيسًا للاتحاد العربي    تضامن حضرموت يظفر بنقاط مباراته أمام النخبة ويترقب مواجهة منافسه أهلي الغيل على صراع البطاقة الثانية    الشاعر باحارثة يشارك في مهرجان الوطن العربي للإبداع الثقافي الدولي بسلطنة عمان    سيئون تشهد تأبين فقيد العمل الانساني والاجتماعي والخيري / محمد سالم باسعيدة    اليونايتد يتخطى شيفيلد برباعية وليفربول يسقط امام ايفرتون في ديربي المدينة    دعاء الحر الشديد .. ردد 5 كلمات للوقاية من جهنم وتفتح أبواب الفرج    لغزٌ يُحير الجميع: جثة مشنوقة في شبكة باص بحضرموت!(صورة)    الخطوط الجوية اليمنية تصدر توضيحا هاما    - أقرأ كيف يقارع حسين العماد بشعره الظلم والفساد ويحوله لوقود من الجمر والدموع،فاق العشرات من التقارير والتحقيقات الصحفية في كشفها    الديوان الملكي السعودي: دخول خادم الحرمين الشريفين مستشفى الملك فيصل لإجراء فحوصات روتينية    برشلونة يلجأ للقضاء بسبب "الهدف الشبح" في مرمى ريال مدريد    دعاء قضاء الحاجة في نفس اليوم.. ردده بيقين يقضي حوائجك ويفتح الأبواب المغلقة    أعلامي سعودي شهير: رحل الزنداني وترك لنا فتاوى جاهلة واكتشافات علمية ساذجة    كان يدرسهم قبل 40 سنة.. وفاء نادر من معلم مصري لطلابه اليمنيين حينما عرف أنهم يتواجدون في مصر (صور)    السعودية تضع اشتراطات صارمة للسماح بدخول الحجاج إلى أراضيها هذا العام    مؤسسة دغسان تحمل أربع جهات حكومية بينها الأمن والمخابرات مسؤلية إدخال المبيدات السامة (وثائق)    مع الوثائق عملا بحق الرد    لحظة يازمن    وفاة الاديب والكاتب الصحفي محمد المساح    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



إغتراب الشباب..موت يتوحد مع الذات!!
نشر في الجمهورية يوم 06 - 08 - 2007

يعيش بعض شبابنا اليوم حالة اغتراب تبعدهم عن الواقع ، ربما لعدم تأقلمهم مع وضعية جديدة طرأت على حياتهم،أو لعدم تقبل المجتمع لهذا الشخص؟ أحياناً يكون الإغتراب كلياً؛يكون الشاب مغترباً كلياً عمن حولهِ فيؤثر سلباً على حياته وأيضاً المجتمع نفسه يتأثر بفقد إنسان جعل من نفسه أو المجتمع جعل منه غير نافع وليس له أي أثر كطاقة وكعقل وكرجل للمستقبل الذي يعد هذا الشاب أحد صانعيه !؟ ويكون في أحيان أخرى جزئياً كالتأثر ببعض مايحدث في المجتمع/الأسرة وغض الطرف عن كثير من الأشياء،ومهما يكن فالإغتراب حالة نفسية/مرضية تستدعي قراءة الجولة القادمة التي ولجنا من خلالها عالم الاغتراب ومايمثله لجيل الشباب، الشريحة الأكثر تأثراً بمثل هكذا حالات تستدعي المراجعة والاستمرار في القراءة أيضاً….
لماذا الاغتراب؟؟
يغترب الشاب حين يجد نفسه بين أسرته/مجتمعه/وطنه/أصدقائه....حين يتهرب منه الجميع ويقاطعونه تماماً يشعر بأنه غير مقبول فيكون الاغتراب.. ملجأه الذي قد يمتد إلى سنوات ترمي بثقلها على حياته ككل ويعيش حياة بموات كبير. ببساطه انه يعيش حياة أشبه بموت يدب فيه ببطئ وبمرارة يعيش حياته وحيداً في مجتمعه أو وسط أربعة حيطان موحشة ومقفرة الا من الصمت واللاحياة.
قبحٌ ولا إنسانية!!
“الوحدة عباد هكذا سمعتها من أحدهم مؤكداً على أن انطواءه ليس سوى هروب من قبح يراه يطل من كل شيء،فهوبذلك يمارس العبادة التي تتمثل بالوحدة ويرحل الى عوالم أكثر جمالاً يملأها التسامح والحياة كما يقول.
يوافقه في الرأي أ.م مضيفاً بأن ماواجهه في من الجميع جعله يلجأ إلى الإنزواء بعيداً عن الجميع،فعلى حد قوله إن الناس فقدوا كل انسانيتهم مما جعلهم يتمتعون بوحشية كبيرة تجاه بعضهم،ومن يصوب نظره بعيداً يدرك فداحة ماترتكبه الإنسانية ضد الإنسانية!!
مدخل الى الشخصية الإنطوائية...
الشخصية تكوين اختزالي يتضمن الأفكار والدوافع والانفعالات والميول والاتجاهات والقدرات والظواهر المتشابهة . وهي تحوي القلق والراحة معا والعدوانية والمسالمة معا على حد الدكتور/ أسعد الأمارة والشخصية خليط ومزيج من المتناقضات التي تعمل بشكل متساو بحيث لايطغى أحد مكونات الشخصية لتفقد الشخصية ماهيتها في خضم الحياة التي تحتاج للإنفعال والقلق والراحة والمسالمة في مواقف تستدعي ذلك..وقد استطاع عالم النفس الشهير “كارل يونغ” ان يضع في بداية القرن الماضي قطبي تقسيم للشخصية هما الشخصية الانطوائية والشخصية الانبساطية ، رغم أن معظم الناس والاغلبية الساحقة منهم يتميزون بخصائص مشتركة ، أي “ثنائية” الاَّ ان البعض منهم كان اميل في تصرفاته وصفاته الى الانطواء منه الى الانبساط ، وقد يكون هذا الاتجاه شديداً ويقترب من الحدود المرضية غير الطبيعية .
يضيف الدكتور/الأمارة لو تأملنا في نمط هذه الشخصية الانسانية “ الانطوائية-Introvert” لوجدنا أنه يتحاشى الاتصال الاجتماعي ويميل برغبة عالية الى الانعزال والوحدة مع وجود استمرار حالة التأمل حتى إنه يفضل صاحب هذه الشخصية الالتماس مع الواقع ويتجنبه ، انه يرى في الواقع عقبة أمامه دائما، وحاجزاً نفسياً من الصعب اجتيازه ، ويحاول جاهدا مع نفسه تجنب الواقع بكل ما استطاع وبأية وسيلة ممكنة .
المبدع إنسان هكذا نظنه!!
المبدع حين يجد نفسه في بيئة لاتعيشه ولايعيشها..بيئة تظنه شيطان!مجنون!مخالف!،بيئة توصمه بكل ماهو قبيح وتسعى جاهدة لأن تقف أمامه حجرة عثرة .حينها يشعر المبدع بلااهتمام مِمَن حوله وأحياناً من أقرب الناس اليه الوالد/الوالدة/الأخوة/الزوجة..الخ فيكون الإنزواء /الإنطواء على الذات هو السبيل الأوحد للحياة والشعور با”لأنا”.
ولكن اريكسون يرى أن الاغتراب تشتت “الأنا” الناتج عن عدم القدرة على صياغة وتطوير وجهة نظر متماسكة نحو العالم وموقف الفرد منه”ولكن قد يصيغ الشاب وجهة نظر فيصطدم بواقع مخالف أو يسعى لمخالفته كسبيل أوحد لتشتيته. وعند فروم هو فقدان الإنسان لذاته المتميزة أو المميزة عن الآخرين تجعله لا يستشعر آنيته “ مما يجعله لا يشعر بالأمان وينتابه القلق والإنسان المغترب هو غريب عن ذاته لا يجد نفسه كمركز لعامله ، إنه خارج عن الاتصال بنفسه كما هو خارج عن الاتصال بالآخرين.
سمات الإغتراب...
من العلامات المهمة لتمركز حول الذات ضعف القدرة على تفهم مشاعر الآخرين واحتياجاتهم بمعنى ضعف القدرة على قراءة مشاعر الآخرين من صوتهم أو تعبيرات وجوهم، وهذا يؤدي إلى وجود حواجز بين هذا الشخص وبين الآخرين ويجعلهم غرباء عليه ويجعله غريباً وبعيداً عنهم،فالشخص المنطوي ليس لديه القدرة على ايجاد العلاقات الناجحة مع من حوله،فيعمق الهوة الموجودة بينه والمجتمع والسبب أن من حوله يغضون الطرف عنه ولايسعون الى الدخول معه في علاقات شخصية تنتشله من انزوائه ووحدانيته!!
ويضيف الأمارات أن الشخصية المنطوية تتسم بوجود ارتباطات شخصية محدودة جداً واستعداد دائم للمبالغة في الأخطار أو المخاطر المحتملة في المواقف اليومية إلى حد تجنب بعض الأنشطة الاجتماعية أو الرياضية أو الفكرية أو حتى الخاصة المعنية . إن نمط الشخصية الانطوائية اطلق عليه في احيان كثيرة نمط الشخصية التجنبية المتفادية للغير او للآخرين .
الفصام كسمة للمنطوي...
يقول: أسعدالامارة الاستاذ الجامعي والباحث السيكولوجي في السويد إنَّ الشخصية الانطوائية وبكل ما تحمله من سمات وصفات وخصائص،هي شخصية حساسة المزاج ، وقد تظهر هذه الحساسية بانفعال ظاهري سريع ، رغم أنه قد يكبت انفعالاته الى حد ما في نفسه أثناء وخلال التفاعل الحذر مع الاخرين ، وهذا ما يدفعه الى الابتعاد أكثر عن الاختلاط بالناس وممارسة حياته في الواقع بشكل اكثر طلاقة وتحررا، وتتشابه الشخصية الانطوائية الى حد كبير مع شخصية أخرى خصوصاً الشخصية” الشيزية” الفصامية من حيث الابتعاد والانطواء والانعزال .
التشيوء بذات أخرى
يعرف أحدهم الاغتراب بقوله، هو فقدان النفس لذاتها والتشيوء بذات ليست هي ذاتها الحقيقية وأن فشل الفرد في تحديد هويته بصورة إيجابية قد تجعله يتخذ لنفسه هوية سلبية لا يقرها المجتمع،وهذا يعني أن المغترب انسان فقد ذاته تماماً،وأصبح متقمص لشخصية الغير من تأثر به في وقت سابق،وقد تكون برأيي تقمص لشخيصة لم توجد بعد،وليس بعيداً أن يتصرف المغترب بمثالية مطلقه بعيداً عن أعين المتوجسين خيفة!!
أحياناً يغترب الشخص عن مَنْ حوله لعدم وجود فلسفة حياتية تقوده،ليس ثمة هدف يسعى له في الحياة فكما يرى فيكتور فرانكل “أن وجود معنى في حياة الفرد أمر ضروري ومهم لأنه من شأنه أن يجنبه مشاعر الاغتراب”
يقول هيجل: إنّ الاغتراب متجل في صميم بنية الحياة الكلية، وهو في نظر ماركس يتمثل في حالات اغتراب الإنسان عن عمله وعن زملائه، بحيث لا يكون الإنسان ذاته، وإنما هو مجرد صفر على الشّمال في الوجود الجمعي... يصبح الإنسان فاقداً لماهيته حين يغترب ولم يعد له أثر في الوجود الجمعي للمجتمع ككل.
الفراغ....
عادة مايؤدي الفراغ الى الإنطواء حين لا يجد الشخص “الفارغ” مايشغله عن مايخالجه من مشاعر وأحاسيس تجعل منه انساناً لايدرك لأهميته غير أنه عبء على نفسه والمجتمع لمدى الفراغ الذي يعيشه يقول أحد الشباب عن أحد أصدقائه الذي كان ضحية للفراغ الذي عاشه في فترة عصية”فقد وجد نفسه كما يقول في فراغ قاتل جعل منه شخصاً غير الذي نعرفه،منزو ومنطو على نفسه..ولم نعد نشاهده كما كنا في السابق نجتمع في أوقات كثيرة.
التخلي كأداة للاغتراب؟؟
يعيش الإنسان بفطرته الإجتماعية التي جبل عليها في بيئة مليئة بالناس الذين يقاسمونه أفراحه وأحزانه وكل جزئيات حياته،وهو يسعى عبر ذلك لتكوين صداقات تمتد في كل الإتجاهات باحثة عن نديم يكون له بمثابة ثنائي يسكب على راحتيه كل مايواجهه في الحياة ،فيوجهه ويرشده ويكون له بمثابة مرآة لكل تصرفاته مع التنبه إلى عدم تحميله فداحة الجرم أو الخطأ الذي قد يقترف منهما أو منهم جميعاً كما حدث في نكسة 68م حين وجد المشير عبدالحكيم عامر نفسه وحيداً في تحمل مسؤولية الهزيمة أو النكسة،وأيضاً شعوره بالتخلي عنه من أقرب أصدقائة الراحل جمال عبدالناصر كما يقول المفكر محمد جابر الأنصاري أودى به الى الانتحار والسبب الوحدة التي وجد نفسه فجأة فيها ومدان أيضاً.
في الواقع قد يتخلى البعض أن أقرب أصدقائة لمجرد حدوث سوء تفاهم،وهذا بدوره يؤدي الى مالا تحمد عواقبه والحياة مليئة بتجارب مأساوية كهذه!!
مسببات الانسحاب/الاغتراب!!
يبدأ الانطواء منذ الطفولة ويتمثل بغرس الانطواء في الأبناء قد تمتد معه إلى مرحلة الرجولة، وقد حددها علماء الاجتماع في نقاط وممارسات يتبعها الأباء في تربية أبنائهم ومن أبرزها:
المبالغة في الخوف على الطفل، مما يجعل والديه يحرمانه من مشاركة أقرانه.
إشعار الصبي أنه لا يستطيع أن يعمل الكثير مما يستطيع أن يقوم به من الأعمال، كحمل بعض الأشياء، أو تحمل بعض المسؤوليات، مما يُشعره بالنقص وعدم الثقة بالنفس، وعدم مماثلته لأقرانه مما هم عليه من القدرات، وبالتالي قد يتجنب مخالطتهم ومشاركتهم لعدم مساواته لهم في خبرته الحياتية.. إشعار الصبي أنه أضعف من أقرانه، سواء في البنية الجسمية، أو في القدرات الذهنية. فَيُقال له فلان أقوى منك، أو أذكى منك، أو أنت أقل منه في كذا وكذا. مما يرسم في ذهنه صورة غير صحيحة عن نفسه، صورة الدونية، والضعف، وبالتالي قد يعالج واقعه الذي ارتسم في ذهنه بالعزلة عمن يتفوقون عليه وهما لا حقيقة.. ويعني ذلك أن التنشئة الاجتماعية من قبل الأباء تمثل عاملاً للاغتراب والوحدة والانطواء والتخوف ،فاتباع أساليب الترهيب وأيضاً المبالغة في العقوبة تؤدي الى أن يمارس الطفل/الشاب سلوكيات من خلف والديه،تخوفاً وكجانب انتقامي أيضاً ،يضاف الى ذلك المبالغة في التسامح كما يقول أحد الكتاب قد تكسب الشخص لا اهتمام والشعور بعدم المسؤولية وهذا يجعله ينطوي ولايفكر بلآخر تماماً..بعض الأباء يبالغون في تفضيل أبنائهم والتعلق بهم لدرجة تجعلهم يتغاضون عن كل تصرفاتهم ،وفي احيان كثير يشجعون أبناءهم على التصرف والإساءة للغير على اعتبار أنه وجد من يشجعه على الخطأ والاستمرارية فيه!،آباء يفضلون أحد الأبناء مما يجعل الآخرين يعيشون حالة اكتئاب وانطواء كبيرين فيلتزمون الصمت والعزلة التي تجعلهم بعيدين عن الأسرة والمجتمع،والأب عبر تفضيله لأحد الأبناء يغرس في نفسية الآخرين النقص الذي يمتد لسنوات من عمر الولد/البنت وينمي فيه عدم الثقة بالنفس التي تجعل من الشخص المنطوي يرى كل جميل بالآخرين ويجهل جمال نفسه .
يقول”حسن العطيري” ثمة عوامل عدة وراء انزواء الفرد عن مجتمعه فلا يشاركه أفراحه ولا أحزانه ويرجع ذلك الى أسباب نفسية في البداية أو اقتصادية وقدتكون اجتماعية على حد قوله تتمثل بطريقة معاملة الأسرة لهذا الفرد وكذلك دورها في التربية فإن كانت التربية جيدة منذ الصغر والاهتمام به وتعليمه كالآخرين في أمور الحياة،يصبح الفرد اجتماعياً بشكل أكبر...
وعن الاختلاف أو التحول في شخصية الفرد من اجتماعي الى شخص مغترب يقول:حسن الشباب المبدع والطموح من لم يجدوا مايحفزهم ويدفعهم بإتجاه الإبداع وفتح آفاق واسعة أمامهم للإبداع،قد يكون العامل اقتصادياً وهذا عائق كبير فهناك شباب مبدعون لكن المستوى الإقتصادي يجعل من شحة الإمكانات عائق كبير في خطى سيرهم وكذلك عدم التعاون مع المبدع من قبل المجتمع وهذا يعزى لجهل الناس وجشعهم .
الذكر الوحيد...
هناك عامل آخر هو تربية الذكر بين درزينة من الإناث قد يكتسب من خلالهن طباعاً وسلوكيات وتصرفات البنات وهذا يجعله منطو على نفسه ،ويحتل مكانه الشاغر بين الإناث ولايقدم على مخالطة الذكور لأنه يرى في ذلك عيباً كما ترى الإناث!!،ويرجع السبب الى الأسرة نفسها من قوقعت ابنها في وسط الإناث ولم تقحمه في علاقات اجتماعية خارجية،وتجعل منه “انثى” متشح بوشاح ذكر،في تصرفاته وحركاته وحديثه أيضاً،ويتميز هذا الشخص بالشك القاتل في كل مايبدر منه،فكما تروي إحدى الفتيات عن أخيها الذي يغسل يديه في اليوم أكثر من ثلاثين مرة،ويستبدل ثيابه في اليوم أكثر من ثلاث مرات،وهذا جعله لا يأكل الا من أكل أمه!!
كيفية التصحيح والمعالجة؟
يضع علماء الاجتماع بعض الخطوات التي يجب اتخاذها لتصحيح وضع الشخص المنطوي وتتمثل بمحاولة تذويب شخصيته وصهرها في الدوائر الاجتماعية، أيضاً لا يستلزم ذلك الالحاح عليها على طريق دفعها للاختلاط ولا يكون ذلك الا باقتناعها، فالذي لا يقدر على ذلك يصاب بعقد نفسية تضاف الى رصيده من الانطواء؛مساعدته بروية لاكتساب مهارات تخرجه من عالمه الخاص ، يستخدم مع الشخص المنطوي طريقة توضيح إيجابياته ودعم عوامل النجاح في شخصيته ، اختيار الوظائف والاعمال والوسائل التي تلائمه لاستثمار جهوده ..محاولة استدراجه و اقناعه بحكمة ومرونة عن طريق من يعالجها من أصدقائه/ ها نحو الاختلاط والإيجابية الاجتماعية؛يقع على الأبوين دور مهم وضروري وهو الحذر من هذه الصفة منذ الطفولة حتى لايحتاج الى معالجتها .
لمغادرة الاغتراب
إنّ الخروج من هذه الأزمة أو المشكلة أمر ممكن كما يقول أحد أساتذة علم النفس إذا راعينا عدداً من الأمور : ويوجه حديثه لمن يعاني من الإنطواء/الإغتراب/الانزواء قائلاً:جرِّب أن تركّز على شيء معيّن لفترة طويلة نسبياً،علّق نظراتك على لوحة فنّية معلّقة على الجدار ..ادرس كلّ دقائقها في اللون والظلال والحركات واللفتات حتى لا تغادر شيئاً منها..ثمّ اغمض عينيك وراجع اللوحة في ذهنك ..اُنظر كم التقطت منها وكم فاتك ، وأعد المحاولة ، فإن هذا التمرين سيغرس فيك حالة التركيز .
طريقك المعتاد الذي تمشيه أو تقطعه من البيت إلى المدرسة وبالعكس ، حاول أن تستذكره بقعة بقعة ومعلماً معلماً ، فهذا التمرين سينمّي لديك أيضاً حالة الانتباه والاستذكار ، ذلك أنّ التركيز وشدّ الانتباه يشبه إلى حدّ كبير أيّة قوّة عضلية أو عقلية تنمو بالمراس والمداومة ، وحتى تنشط ذاكرتك درِّبها ومرِّنها دائماً في التقاط المعلومات ومراجعتها لأنّك إذا أهملت ذلك أصيبت الذاكرة بالضمور .
لا تنتقل من فكرة إلى فكرة بسرعة ..أطل الوقوف عند فكرة معيّنة ..استغرق فيها ، كما لو كنت تتأمّل مشهداً أمامك .. فهذا يساعدك على التركيز وتثبيت الانتباه وجمعه .
تتبّع موضوعاً ما ، أو حدثاً ما خطوة خطوة ، منذ ولادته وحتى
ختامه،تابع أخبار زلزال وقع في منطقة معيّنة ، أو حريق شبّ في إحدى الغابات،أوعدوان عسكري على مدينة أو دولة،فالمتابعة وملاحقة التطورات والتفاصيل تثري في عملية التركيز .
احتفظ بدفتر مذكرات صغير (أجندة)..دوّن فيها ما تريد القيام به من نشاط أي قائمة بأعمال النهار ومسؤولياتك ..أو اكتب على ورقة أو قصاصة ما تنوي عمله قبل أن تخرج من البيت ، وراجعها باستمرار ، وأشِّر على ما تمّ إنجازه .
وجِّه اهتمامك بما يقوله محدّثك لا بما يلبسه أو بما تحمله من ذكريات الماضي عنه.. واحصر ما يقوله في نقاط ..ويمكنك أن تعمد إلى كتابة ملخص بما يقول حتى تتمكّن من الردّ على كل النقاط أو أهم ما ورد في حديثه .
قد نتفق بإن الاغتراب هو نتاج لكم هائل من التراكمات في نفسية كلٍ منا،وهو نتاج أيضاً لتنكر الإنسان نفسه لإنسانيته كما يحدث اليوم هنا/هناك/هنالك..حين يفقد الإنسان انسانيته ويتصرف بوحشية كما يحدث في كثير مناطق من العالم،ولأن الإنسان كتل من المشاعر والأحاسيس يتفاعل بما يحدث من حوله يقاد لا إرادياً الى الإنزواء والإنطواء كمحاولةٍ منه للهروب من عالم ساد فيه القبح ،في عالم لايتسع لأكثر من واحد هو الأقوى دائماً.
شباب…
لا تحل الأمور بالتهرب منها،لنواجه أنفسنا،لنواجه مشاكلنا/قضايانا/قضايا المجتمع،لنتماهى في المجتمع ،جاعلين من أنفسنا أناس فاعلين وقادرين على العطاء والتأثير في محيطنا الذي نقع فيه..الاغتراب/الانزواء/أو حتى الانطواء على الذات ليس حلاً بقدر ماهو ضعف ووهن واستسلام مبكر من الشباب الذين هم طاقات متجدده وبناة حقيقيون للمجتمعات.
نحن أقوى شباب..أقدر على مواجهة الواقع ومعالجته وتقديم الحلول المناسبة للارتقاء به..
نحن أقدر على أن نجتاز واقعنا..
أقدر على بناء الوطن..
أقدر على أن نعيش وسط بيئة نتألم لألمها، ونكرس أياماً وليالٍ لفرحها.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.