حاول «أبو العلاء المعري» أن يلفت أنظار الناس إلى مكانة المعلم، داعياً إلى إكرامه ليكون منه النفع، فربط بينه وبين الطبيب فقال: إن المعلم والطبيب كليهما لاينفعان إذا هما لم يكرما ووقف «أحمد شوقي» يشيد به في تربية الناشئة وتعليمهم فقال: قم للمعلم وفه التبجيلا كاد المعلم أن يكون رسولاً أرأيت أعظم أو أجل من الذي يبني وينشئ أنفساً وعقولاً أما شعراء اليوم فلهم رأي آخر في المعلم، حيث سخروا قصائدهم لعرض معاناة المعلم ورصد آهاته وأناته.. انات تصحيح الدفاتر أنا أمضي النهار ياصاح جهداً وتراني من مقدم الليل خائف أتراءى الشقاء كل صباح من «فروض» تلقي إليّ قذائف كلما ساءني زمان تقضى وأتاني سواه أصبحت هاتف إن تسلني عن المراح فإني قد دفنت المراح بين «الوظائف» أو تسلني عن الشباب فحسبي منه أني على الدفاتر عاكف وآخر قائل: أروح وأغدو بالدفاتر مثقلاً ويابؤس من يمسي قرين الدفاتر أريق عليها أعيني كل ليلة بعزمة وقّاد وهمة صابر ومن قائل: متواضع في غرفة مغمورة ومواكب العظماء من أولاده ويصون ماء الوجه رغم رواجه ويبيع نور العلم رغم كساده وتموج أكداس الدفاتر حوله شوهاء كالأغوال حول وساده وعن الطلاب وقائل: طلابنا للأسف فيهم إلى الغي كلف لا خير فيهم غير أن الفهم في الألباب خف ذكاؤهم، ياللذكاء الجم قد ولى وجف ومنهم من قال: قل للمعلم لقد تعبت كثيراً وبذلت جهداً في الدروس كبيراً أفنيت عمرك تستحث عقولهم وشغلت فيهم غدوة وسحوراً ومضيت تسقي نبتهم بأصالة لم تبغ في ذلك العناء شكوراً لكنهم جلمود صخر يابس لايقبل الانبات والتزهيراً فإلفهم يأبى أن يزور عقولهم وإذا قصدت يصد عنه حسيراً لايرغبون تعلماً وثقافة بل يبتغون جهالة وقصوراً وأخرهم قال: إذا مادخلت الفصل حوقلت هامساً وناديت: يارباه كن خير ناصر تلامذة مثل العفاريت أجلبوا عليّ، فمن شاد بلغو ونافر أمزق ساعاتي لترقيع وقتهم وأهدر عمري بين «جِدْ» و«ذاكر». فقرات للترويح ليس إلا، وأحسب واقعنا مليئاً بمثل هذه النماذج، إلا أن ذلك لا ولن يعد عقبة نحو التصحيح والتحسن نحو الأفضل.